الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كثرة الوسوسة في النار والخوف منها.

السؤال

السلام عليكم.

لقد مرت علي فترة عصيبة استحوذ فيها خوفي من النار، وعدم توفيق الله عز وجل لي يوم الحساب على كل تفكيري، لدرجة أنني أهملت دراستي بشكل ملحوظ، وعندما هممت لأطرد هذه الهواجس من دماغي أصبحت أشعر أن إيماني تراجع بشكل كبير، لدرجة أني بت أخاف من النفاق والكفر، مع العلم أنني أسعى إلى نور الله بعزم، وأسأل الله أن يكون بصدق، فأود أن أعرف رأي السادة الأفاضل في حالتي.

وعندي سؤال آخر:
عندما أستعمل الإنترنت تظهر بين الفينة والأخرى صور لعاريات -أسأل الله أن يهديهن- إلا أني مباشرة أغلقها، فأطلب منكم أن ترشدوني إلى طريقة أتخلص منها من هذه الفتنة التي أسأل الله عز وجل أن يجيرني منها.

والله أكبر.
والعزة للإسلام.
وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فالذي يبدو لي أنك تتمتع بقوةٍ إيمانية، وصلة حسنة بالله، وأنك ولله الحمد من الحريصين على طاعة الله ورضاه، ومن الذين يعظمون شرعه ويخافون عقابه، نحسبك كذلك ولا نزكي على الله أحداً، وهذه أمور كلها بحد ذاتها من المبشرات، وما خوفك الشديد من النار إلا ثمرة من ثمار هذه الإيمانيات التي أكرمك الله بها، ولكن يبدو -رغم ذلك- أن حظك من العلم الشرعي قليل، ولا أدل على ذلك من هذا الخوف الشديد الذي يؤدي بك إلى تعطيل حياتك والفشل في دراستك.

مما لا شك فيه أن الخوف درجة عالية من درجات الإيمان، ولكن ليس هذا الخوف، فها هو رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا من أعظم الناس خوفاً من الله، ورغم ذلك فتحوا الدنيا، وأقاموا الحضارات التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، وكان ابن عمر رضي الله عنه يقول: (واعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً).

فالاعتدال والوسطية هو المنهج الذي ينبغي أن تكون عليه، فلا إفراط ولا تفريط، ودين الله وسط بين الجافي والغالي، وخير الأمور أوسطها.

فأوصيك أخي علي بضرورة طلب العلم الشرعي، وربط نفسك بأهل العلم الثقات الذين يتسمون بالعدل والتوازن والإنصاف في فهم النصوص وتطبيقها، واعلم أن الخوف الحق هو الذي يحجز العبد عن محارم الله، ويؤدي به إلى الاستقامة على شرعه، وهذا هو الخوف المطلوب، أما الخوف الذي تذكره فليس هو المطلوب؛ لما فيه من مخالفة نصوص الشرع، وفوق ذلك أنه لم يؤدِ بك إلى الإقلاع نهائياً عن بعض المعاصي، ولا أدل على ذلك من إمكانية وقوعك في مشاهدة بعض الصور العارية، لذا أنصحك بالنسبة للإنترنت ألا تدخل عليه وحدك، وأن تنقل جهازك إلى مكان بارز بالمنزل، وألا تدخل عليه ليلاً قدر الاستطاعة، وأن تبحث عن وسيلة فنية تحول دون ظهور هذه الصور في جهازك، وهذا أمرٌ ممكن حسب علمي، وعليك بالاهتمام بدراستك؛ لأن المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وهذا ميدان الجهاد الحقيقي الآن؛ لأننا في عصر العلم، ولا عز ولا نصر لنا إلا بالعلم، فجد واجتهد، وتوكل على الله، وأكثر من الدعاء أن يجعلك من أهل الجنة، وأن ينجيك من النار.

والله والموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً