الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الالتزام وسمو الأخلاق ليس منقصة ولا عيباً في الإنسان

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.
أما بعد، فأنا شاب عمري 16 سنة، وشاء الله أن أقضي آخر 4 سنوات من عمري في بلد عربي، المهم هناك عرفت الله بحق؛ ما معنى صلاة، وما معنى جنة، وما معنى ضبط النفس، وكل هذا زادني صمتاً وسكوتاً وحياء بالإضافة إلى تربيتي الجادة زيادة عن اللزوم، رجعت بلدي وابتدأت تكملة دراستي (الثانوية العامة) بتفوق وتميز كعادتي، وفي بلدي عرفت أني لست الشخصية المفضلة على الإطلاق.

المهم فقدت تماماً حماسي للعبادة والمذاكرة والناس، ولا أخفي عليك علاقاتي محترمة جدا، حتى زملائي الغير محترمين يحترمونني، ولكن ليس لي صاحب، أنا شخصية غير متميزة، ليست شيقة، مملة، لا أعرف هل الأدب هذا سذاجة وعبط؟ والمفروض أن يكون الواحد وسط، لكن أنا لا أقدر أكون هكذا، لا أعرف أقل أدبي على أستاذ، لا أعرف أخرج من الحصة، لا أعرف أمزح باليد مع زميلة، لا أعرف آخذ حقي بالذراع مع قدرتي والله العظيم، أقل حاجة تضحكني جداً، وأقل حاجة تبكيني، هل أنا غير متزن وغير طبيعي؟ أنا لا أريد أن أكون سافلا، أنا متضايق وتعبان بجد، أرجوك الإفادة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله أن يقدر لك الخير ويسدد خطاك ويلهمنا جميعاً رشدنا ويعيذنا من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا.

فإنك لست بسافل، وليس من الأدب والدين أن تمزح مع الزميلات، وليس من الأخلاق أن تسيء الأدب مع المدرس، وأرجو أن تحافظ على أدبك ودينك، ولا تغرنك كثرة الهالكين، وإذا حاولت التنازل عن قيمك الرفيعة فإنك سوف تفقد احترام الجميع، فحافظ على تميزك الأخلاقي، واصدق مع الله واجتهد في الأعمال الصالحة وسوف يرفع الله من قدرك ويجبر الناس على محبتك، فإن من طلب رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن قصد رضا الله، وإن غضب الناس رضي الله عنه وألقى له القبول في الأرض قال تعالى: ((إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا))[مريم:96].

فاشغل نفسك بالعبادة ثم بالمذاكرة وابحث عن الصالحين لتكون في صحبتهم، واجعل كتاب الله جليسك الذي لا يمل وصاحبك الذي لا يغش، وإذا عرف الناس عنك الصدق والخير حملوا إليك البر والصدق، فأنت مثل السوق تحمل إليه البضائع الرابحة فكن على الحق يأتيه طالبوه ويلتف حولك محبوه وردد: (اللهم حببني إلى عبادك وحبب إلي الصالحين منهم).

واعلم أن الشباب وإن فعلوا بعض المخالفات يتمنون أن يكونوا مثلك في الالتزام والسمو الأخلاقي، ومن هنا تلاحظ احترامهم لك.

وليس في حسن الأدب سذاجة، وأرجو عدم التنازل عن صفات الخير في نفسك، وحافظ على توازن شخصيتك، واجعل ضحكك معقولاً وفي أماكنه الصحيحة، وسوف تتغير هذه المشاعر بحول الله وقوته، ولا تظهر لهم الضعف وإذا افتخر غيرك بسفاهته وتقصيره، فاعتز أنت بما عندك من الخير، واعلم أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، وأكثر من اللجوء إلى الله، واحرص على تقديم النصائح لمن تتوسم فيه الخير وابتعد عن مواطن النساء وعن مجالسة السفهاء، واعلم أن المزاح معهم يجعلهم جريئين عليك.

ونسأل الله لك الثبات والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً