الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات لمتزوجة تعاني الشعور بالكآبة لعدم الإنجاب

السؤال

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
الحمد لله الذي منّ علي بنعم كثيرة، فأنا طالبة ماجستير ومتفوقة في دراستي، ومتزوجة من رجل متدين ومرح، ولكن -للأسف- أنا لا أشعر بالسعادة، قد يكون السبب أني لم أنجب إلى الآن، وبعد مرور 5 سنوات على زواجي، وإحساسي أن سر السعادة في الأطفال، تعبت من مراجعة الأطباء من دون فائدة، أنا دائمة الحزن والكآبة، وأتمنى أن أضحك من قلبي، لكن لا أستطيع، أريد العلاج لكن زوجي غير متقبل فكرة الذهاب إلى طبيب نفسي، أنا أتألم ولا أعرف ما هو الحل!؟ وأخاف أن يتركني زوجي لو عرف أني مصابة باكتئاب، وأنا -والحمد لله- راضية بقدر الله، وأحافظ على الصلوات والأذكار وحلقات التحفيظ، ولكني أشعر بالحزن الشديد، وكذلك عدم ثقة بالنفس والرهاب الاجتماعي وقلة الكلام، أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وردة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأنت -الحمد لله تعالى- وكما أوضحت فقد أنعم الله عليك بنعم كثيرة، التفوق الدراسي، الزوج الصالح، وغيرها من النعم، وبالرغم من ذلك تأتيك هذه النوبات من الكدر وعدم استشعار السعادة والراحة، والوصف الذي ورد في رسالتك يدل بالفعل أنه لديك أعراضاً اكتئابية وكذلك عسر في المزاج، أما الرهاب الاجتماعي فهو كثيراً ما يكون مرتبطاً بالاكتئاب النفسي كنوع من القلق النفسي.
أنا لا أميل بأن أعتمد على تشخيص الاكتئاب النفسي بناءً على المشاعر الداخلية فقط؛ لأن المشاعر قد تكون سلبية وذلك نتيجة لظرف معين، أما إذا كان الإنسان يحس بهذه السلبية في مشاعره وبالكدر والملل وعسر المزاج لفترات طويلة لا تقل عن ستة أسابيع مثلاً؛ فهنا نستطيع أن نقول: إنه يوجد اكتئاب نفسي حقيقي.

في حالتك أرى أن الحالة معتمدة لدرجة كبيرة على الظرف التي أنت فيه وهو عدم الإنجاب حتى الآن، وهذا نسميه بالاكتئاب الظرفي أو افتقاد القدرة على التواؤم، وهنا من أهم وسائل العلاج أن يقارن الإنسان بين ما لديه من إيجابيات وما يوجد من سلبيات، ومن خلال هذا التوازن النفسي لمعرفة وضع الوجدان يستطيع الإنسان أن يبني فكراً إيجابياً جديداً يتخلص من خلاله من الفكر السلبي، وأنت -الحمد لله- لديك إيجابيات كثيرة في حياتك، فأرجو ألا يُنسيك الجانب السلبي هذه الجماليات العظيمة، وهذا ما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس).

وللتعامل مع عدم إنجاب الذرية حتى الآن لا شك أن الصبر والتوكل والدعاء والسعي نحو ذلك هي الأسس المطلوبة، أنت طرقت باب الأطباء ولم يُكتب لك حتى الآن الإنجاب، فأنت مطالبة بالرضا بقضاء الله – ولا شك أنك كذلك – ومطالبة بمزيد من الصبر وبالمزيد من الدعاء، وعليك بدعاء سيدنا زكريا: (( رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ ))[الأنبياء:89]، وبقوله: (( رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ ))[آل عمران:38]، وبدعاء سيدنا إبراهيم: (( رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ ))[الصافات:100]، وأسأل الله لك الذرية الصالحة والتوفيق والسداد في حياتك.
بالنسبة للعلاج الدوائي ففي مثل حالتك أعتقد أنه يساعد أيضاً، هنالك دواء جيد جدّاً مضاد للاكتئاب يعرف علمياً باسم (باروكستين Paroxetine) ويعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat)، وهو في نفس الوقت يعالج الخوف الاجتماعي الذي أدى إلى عدم الثقة في النفس، والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة وليست جرعة كبيرة، يمكنك أن تتناولي هذا الدواء بجرعة عشرة مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين، ويفضل تناوله بعد الأكل، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة – أي: عشرين مليجراماً – واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى نصف حبة يومياً لمدة أسبوعين، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناول الدواء، والدواء إيجابي جدّاً ومفيد جدّاً وغير إدماني وغير تعودي، وإذا حدث وقدر الله أن حدث لك حمل – ونرجو من الله ذلك - في فترة تناول الدواء فيجب التوقف عن تناوله، وذلك كنوع من الاحتياط.
أعتقد أنه يمكن إقناع زوجك من خلال هذه الرسالة أن توضحي له أنك بالفعل تعانين من عدم قدرة على التحمل، وعدم القدرة على التواؤم، وهذا يعرف بالاكتئاب النفسي البسيط، ويمكن علاجه، وإذا أصر على ألا تذهبي إلى الطبيب فيمكنك الحصول على الدواء الذي ذكرناه لك، وأعتقد أنه سوف يساعدك كثيراً.

لا شك أن تقوية الإيمان والرضا بالقدر وتفعيل الحياة في مناشطها الأخرى – وهي كثيرة – مفيدة جداً، وأنت -الحمد لله تعالى- في بدايات الشباب ولديك طاقات نفسية وجسدية كثيرة، يمنكك الاستفادة منها، ولابد أن توجهي نفسك بصورة جيدة، خاصة فيما يتعلق بإدارة الوقت، وإذا كانت هنالك فرصة للذهاب إلى دور تحفيظ القرآن أو حضور المحاضرات والدروس والانخراط في الأعمال الدعوية والأعمال التطوعية؛ كل هذا سيعوض الكثير مما يفتقده الإنسان من متاع الدنيا، ويجعلك إن شاء الله تحسين بالرضا.

أرجع مرة أخرى وأقول لك: أنت مطالبة حقّاً بأن تنظري في الإيجابيات الموجودة في حياتك وهي كثيرة جدّاً، وإن شاء الله تعالى بالتأمل والتدبر فيها سوف تطغى وتتغلب على السلبيات الموجودة، بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

==========
للفائدة يمكنك زيارة هذه الأرقام حول تقوية الإيمان والرضا بالقدر (278495).
والعلاج السلوكي للرهاب: ( 259576 - 261344 - 263699 - 264538 ).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السودان sihamsalih ---سهام صالح

    استشاره جيده والمدلله ياختى انا ايضا انجبت طفل ميت --وايضا اجهضت --ولال ليس لدى ابناء --واحمدالله كثيرا على الصحه والعافيه --وانا الان فى مركز مرموق
    ونحمدالله على هذا الاختبار ونساله انا يعيننا على عبادة الرضا واليقين --وانا لااخاف من المجتمع واعتبر ان اصحاب العليقات السالبه هم من الجهله -واسال الله لهم الهداية

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً