الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الأسس السليمة لبناء صداقات حقيقية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب طب مغترب عن أهلي في عامي الثاني، وقد سكنت نصف عام تقريباً وحدي، ثم سكنت مع زميل لي يكبرني بسنة، ولم تكن علاقتنا جيدة، وكانت تمر الأيام دون أن نلقى بعضنا، مع أننا نسكن في بيت واحد، وانتهى ذلك العام وكان معدلي فيه (ممتاز)، وجاء العام الجديد وسكنت مع زميل لي في دفعتي، وكنا - ولا نزال بحمد الله - متوافقين.

في بداية السكن كانت العلاقة جيدة، ثم بدأت تتطور للأفضل تدريجياً، كان صديقي بداية يذهب لصديق آخر لنا يقضي عنده الكثير من الساعات، وأحياناً ينام عنده، وكان هذا يضايقني، وكنت أحاول أن أبدي علامات الاستياء، ولكنه ربما لم يكن منتبهاً أو أنه يتجاهل ذلك، ثم أخبرته صراحة، وتفهم الموضوع ولم يعد كما كان في السابق، وكانت علاقتنا تتطور مع الأيام، كانت أحياناً تتملكني الغيرة على صديقي.

قبل أسبوع غادر صديقي عائداً ليقضي أسبوعين مع أهله، وبقيت وحدي، ولم أكن أحب الخروج كثيراً، وكنت دائم التفكير به وبأحواله، ولم ألتق به على الإنترنت خلال هذه الفترة، وكان يشغل حيزاً من تفكيري، وتصل الأمور أحياناً إلى الضيق والتعب، هو لم يعد حتى الآن، وتبقى عشرة أيام على عودته، فأتمنى منكم أن تبحثوا لي في مشكلتي وترشدوني للطريق الصواب.

وشكراً جزيلاً لكم وبارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ المعتصم بالله محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إننا نشكرك على الاهتمام بصديقك وزميلك ونتمنى أن يبادلك الوفاء، ونسأل الله أن يكرمنا جميعاً بمرافقة ختام الأنبياء في فردوس رب الأرض والسماء، ومرحباً بك في موقعك بين الأخوان والآباء.

لا شك أن الصداقة الناجحة هي ما كانت لله وبالله وعلى مراد الله، والمؤمن يحرص على أن يؤسس علاقته على الإيمان والتقوى، والله سبحانه يقول: ((الأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ))[الزخرف:67]، فكل صداقة وأخوة لا تقوم على هذا الأساس فهي وبال وأتعاب وأحزان.

الإنسان يحتاج إلى الصديق ويسعد بصلاحه؛ فالمرء على دين خليله، والصديق لوقت الضيق، والرفيق قبل الطريق كما قالت العرب في حكمها، والصداقة الصحيحة لها أسس وقواعد من أهمها:

1- تبادل النصح مع الصديق.
2- إيثار الرفيق على النفس.
3- تبادل المشاعر النبيلة.
4- القيام بالحقوق فللمسلم على المسلم حقوق.
5- حب الخير للصديق.
6- الدفاع عنه إذا تعرض للظلم ورده للحق إذا ظلم.
7- زيادة الحب لله بمقدار طاعته لله.
8- إيقاظه للصلاة والتعاون معه على البر والتقوى.
9- الستر على عيوبه مع ضرورة تنبيهه بلطف.

أما إذا كان الاحترام من جانب واحد، ولم تكن الصداقة مؤسسة على الأسس الإيمانية، وذلك بأن تكون لأجل الشكل والمظهر أو المال أو الوجاهة أو أي مظهر دنيوي بحت، فإننا ننصحكم بتصحيح الأوضاع، وأرجو أن تسأل نفسك لماذا نتضايق إذا صادق آخرين؟ وهل أنت تخشى عليه من شيء؟ وهل الذين يمشي معهم من الصالحين؟ ولماذا تكتفي بصديق واحد؟ وهل وضّح لك أسباب ذهابه لذلك الشخص؟ وهل حاولت أن تسأل عنه في غيابه؟

على كل حال فسوف نكون سعداء إذا وصلنا منك مزيد توضيح، ونتمنى أن تعود الأمور إلى مجاريها، كما أرجو أن تهتموا برعاية الأسس الشرعية عند تكوين أي علاقة، وأصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس، وقد كان السلف يقولون: (ما وجد خلاف بين صديقين إلا بذنب أحدثه أحدهما)، فاحرصوا على تجنب الذنوب وتوجهوا إلى علام الغياب وتزودوا بالتقوى، ونسأل الله لكم التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً