الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشكلة الفشل في الدراسة

السؤال

أنا طالب في الثانوية العامة، عمري 17سنة، واجهتني بعض المشاكل في الدراسة، وبدأت تتحول هذه المشاكل إلى خوف، ومن ثم تحولت إلى كره للدراسة وللتعليم ولكل شيء، أصبح مدرسيّ كلهم يلاحظون عليّ التغير، كرهت كل المواد حتى اللغة والدين، أثّر ذلك على حياتي، أصبحت لا أستمتع بشيء، كرهت نفسي وأهلي، أفكر جدياً بالانتحار بعد أن قررت ترك المدرسة، أتخيل نفسي عاجزاً فاشلاً سلبياً، لا أنجح بشيء، لا أستطيع النوم ولا الأكل، أنا أضيع.

أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ سامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

ما الذي يجعلك تفكر مثل هذا التفكير؟ أقصد بذلك ما ذكرته أنك تفكر في الانتحار جديّاً، لا.. هذا لا يمكن ولا يجوز، والحياة طيبة جميلة، وأنت في بدايات الشباب، وأمامك الكثير الذي يمكن أن تقوم به، وتفيد به أمتك ونفسك وأسرتك ودينك، نحن أمة لا تقتل نفسها أبداً، وبفضل الله تعالى الدراسات الآن تشير أن نسبة الانتحار قليلة جدّاً بين المسلمين، للدرجة التي يمكن اعتبارها معدومة.

الإنسان تأتيه لحظات قد يحس فيها بالضيق، وقد يحس فيها بأنه أصبح عاجزاً ولا يواجه الحياة، ولكن بشيء من الصبر والاستعانة بالله تعالى، والاستغفار، وتذكر الإيجابيات الموجودة في الحياة، سيتخلص الإنسان من مثل هذه المشاعر.

الذي جعلك تفكر بهذه الصورة السلبية هو الإخفاق في الدراسة، وهذا الأمر يجب ألا يجرك لهذا النوع من التفكير، الإنسان قد ينجح وقد لا ينجح، قد يخفق ويحاول ويحاول إلى أن يصحح مساره، التفكير في الماضي بهذه الصورة ليس جيداً، انظر إلى الحاضر وانظر إلى المستقبل.

المطلوب منك هو أن تستشعر قيمة التعليم وأهميته، وسلاح العلم وسلاح الدين هما الأفضل، وهما الأنفع للإنسان، قال تعالى: (( يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ))[المجادلة:11]، وقال تعالى: (( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ ))[الزمر:9].

نظم وقتك، ادرس مع أصدقائك وزملائك، وحاول أن تقلد الصالحين والخيرين من زملائك في الدراسة، وتتخذ منهم القدوة والرموز الطيبة في الحياة، حاول أن تمارس الرياضة، أن ترفه عن نفسك بما هو طيب ومشروع، شاهد البرامج التليفزيونية الجيدة، اقرأ الكتب غير الدراسية، اقرأ في سيرة الصحابة، هنالك مادة طيبة تجتذب الإنسان وتحسن من وجدانه ومعنوياته، حاول أن تتقرب إلى والديك، كن أكثر برّاً، هذا يفيدك ويفرج عنك هذا الكدر.

لا أريدك أبداً أن تفكر مثل هذا التفكير السلبي، أنا أقدر مشاعرك، وأعتقد أن لديك جانباً اكتئابياً، ولكن هذا الجانب الاكتئابي مرتبط ارتباطاً قوياً بنوعية التفكير السلبي الذي جعلته يسيطر عليك، وأريد أن أبشرك بأنه توجد أدوية ممتازة وأدوية فعالة وأدوية تزيل هذا الذي بك، فقط عليك بالانتظام في تناولها، وسنصف لك دواء من الأدوية البسيطة والأدوية القديمة، ولكنه جيد، الدواء يعرف تجارياً باسم: (تربتزول Tryptizol)، ويسمى علمياً باسم: (امتربتلين Amtriptyline).

أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة حبة واحدة ليلاً لمدة شهر، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبتين ليلاً، وقوة الحبة هي خمسة وعشرون مليجراماً، أي: أن جرعة البداية تكون خمسة وعشرين مليجراماً، وجرعة العلاج تكون خمسين مليجراماً، استمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، بعد ذلك خفضها إلى خمسة وعشرين مليجراماً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم توقف عن تناوله، والدواء سوف يحسن من نومك وشهيتك للأكل، وآثاره الجانبية قليلة، وهو ربما يسبب لك جفافا بسيطاً في الحلق، حاول أن تتحمله، وهذا غالباً يختفي بعد مرور خمسة أيام إلى أسبوع من تناول الدواء.

اذهب إلى أستاذ الفصل وتحدث معه عن مشاعرك هذه، وسوف تجد منه النصح والإرشاد، اذهب إلى الصلاة في المسجد وفي جماعة، وإذا كانت هنالك حلقة لتحفيظ القرآن وتلاوته، فحاول أن تنضم لهذه الحلقة، فسوف تجد فيها الراحة النفسية والدعم والمساندة.

الحياة طيبة وجميلة، وكما ذكرت لك أنت في بدايات عمر الفعالية، وأمامك مستقبل طيب ومستقبل باهر، ولا تنس - أيها الابن الكريم - أن فلسطين العزيزة في انتظارك، والأقصى المبارك في انتظارك، لك أشياء طيبة وجميلة تحيى من أجلها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

يرجى الاطلاع على هذه الاستشارات حول الرد الشرعي على من يفكر بالانتحار - 262353 - 230518.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً