الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سبب سرحان الطفل الخيالي والإرشادات في علاجه

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم.

أود أن أشكركم بادئ الأمر، وأريد أن أسأل عن طفل عمره (8) سنوات، نموه جيد وذكي في المدرسة، لكنه يسرح كثيراً في حاجات لم تحصل أصلاً، على سبيل المثال: يسرح بخياله في أشياء تجعله يفرح، ومرة أخرى يتخيل أشياء تجعله يبكي، ومرة ثالثة يتخيل أشياء عن الزواج (جنسية).

كل هذه الأشياء لم تحدث، إنما يعيشها بخياله، وينفعل معها بخياله، لكن لا ينقلها للواقع، يعني: لا يحاول تطبيقها، لكن بعد وقت يرجع لحالته الطبيعية.

يسرح في الفصل، بعد ذلك ينتبه ويركز في درسه، بالإضافة أن أصحابه يضربونه، وهو سلبي لا يدافع عن نفسه، يحب اللعب معهم بالرغم من ذلك، وهو خجول وطيب جداً.

عندما ولد أصيب بتشنجات، والدكتور أعطاه دواء، أوقفناه بعد (6) أشهر، وانتهت من عنده، أعتقد أنه لا يجيد التعامل مع الآخرين، استدللت على ذلك من عنف أصحابه معه.

الأسئلة: ما هذه الأعراض؟ وهو مريض بماذا؟ وما العمل تجاه هذا المرض؟ وهل هو مرض نفسي أو عصبي؟ لا يوجد أي مريض نفسي أو عصبي في العائلة، إلا جدته من ناحية الأم أصيبت بالزهايمر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ موسى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

فيعرف عن الأطفال أن لديهم خيالاً خصباً جدّاً، ومن الثابت علمياً أيضاً أن الطفل كثيراً ما يخلط ما بين الخيال وما بين الحقيقة، وبعض الأطفال قد تختلط عليهم أيضاً الأحلام مع واقع الحياة، فقد يحلم الطفل بأمر معين ويظل هذا الحلم واضحاً جدّاً بالنسبة له أثناء اليقظة، ومن ثم يعتقده حقيقة، ويبدأ على ضوئه يبني أفكاراً ويتصرف مع الآخرين على ضوء هذه الأحلام، والبعض قد يتهم الطفل بالكذب في مثل هذه الحالات، وإن لم يكن الطفل كذاباً أبداً، هذا يسمى بالكذب الخيالي أو الاختلاطي؛ لأن الحقيقة تختلط بالخيال.

هذه الأشياء التي يتكلم عنها الطفل -خاصة ذات الطبيعة الجنسية- لابد أن يكون قد اكتسبها، لابد أن يكون قد سمع شيئاً في هذا الأمر، وإن لم يكن مقصوداً، وبعد ذلك امتزج بخياله وبدأ يتحسس عنه.

هنالك أمور مهمة جدّاً حيال هذا الطفل:

أولاً: يجب أن نتأكد من درجة الذكاء لديه، أنت ذكرت في بداية الرسالة أن نموه جيد، وذكي وشاطر في المدرسة، هذا جميل وهذا مبشر جدّاً، ولكن لابد من أن يُقيّم ذكاؤه بصورة علمية، خاصة أن الطفل سلبي، وأنه كما ذكرت لا يجيد التعامل مع الآخرين، ويحب اللعب مع هؤلاء الأطفال، بالرغم من أنه خجول، هذا يا أخي مهم، أي: التقييم الذكائي والمعرفي له.

الأمر الثاني والذي قد يفسر هذه الأعراض: هو وجود بؤرة كهربائية زائدة في الفص الصدغي، أنا لا أحب أن أستعمل كلمة (الصرع)؛ لأنها قد تزعج بعض الناس، ولكن توجد أنواع معينة من الاضطرابات الكهربائية التي تصيب الفص الصدغي، وفي هذه الحالة قد تجعل الطفل يشرد بخياله فتمتزج عليه الحقيقة بالخيال، وربما تبدر منه تصرفات وجدانية وعاطفية وتختلط لديه الأمور، ربما يفرح، ربما يصاب بشيء من الحزن، هذا يا أخي لا يُحسم إلا بإجراء تخطيط للدماغ، ومن خلال تخطيط الدماغ يمكن أن توضح الصورة جدّاً، لذا الذي أرجوه هو أن تذهب به إلى الطبيب – طبيب الأطفال المتخصص في أمراض الأعصاب – والذي يمكن أن يقوم بإجراء اختبارات الذكاء، ومن ثم أيضاً يطلب إجراء تخطيط للدماغ، وهذا فحص بسيط جدّاً، ولكنه مفيد جدّاً.

هذه هي الحالة بالنسبة لهذا الطفل، وهذا هو المطلوب، وأتمنى أن أكون قد أجبت على أسئلتك.

أما من حيث إن جدته من ناحية الأم أصيبت بالزهايمر؛ فلا أعتقد أن هناك علاقة بين أعراضه هذه وإصابة الجدة بمتلازمة الزهايمر، الأمر كله متعلق من وجهة نظري إما بضعف معرفي بسيط تختلط فيه الأفكار الخيالية بالواقعية، وكذلك الأحلام بالواقع الحياتي، أو أن لديه بؤرة كهربائية نشطة زائدة في منطقة الدماغ التي تعرف بالفص الصدغي، وإن اتضح أن الأمر كذلك فعلاً فهذا ليس بالصعب وليس بالمستحيل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكر لك تواصلك مع (إسلام ويب)، ونسأل الله تعالى الشفاء والعافية للجميع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً