الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إرشادات لامرأة أصيبت بخوف مفاجئ من قيادة السيارة

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في البداية أنا امرأة أعتمد على الله ثم على نفسي، أقضي حاجاتي وحاجات بناتي بنفسي، لا أب ولا أخ ولا زوج، المعين الله، أقود سيارتي أكثر من 15 سنة، وفجأة هذه السنة تغيرت حالي في قيادة سيارتي كأنني لم أقدها فترة طويلة، أصبحت أخاف منها، أستطيع أن أذهب للعمل ولكنني لا أستطيع أن أرجع إلى البيت، أول ما أركب السيارة قلبي ينقبض وأخاف، ورجلي دائماً على بريك السيارة، أحس بها تهتز، كرهت قيادة السيارة في شارع سريع، لا أستطيع أن أقود، فجأة رجلي على البريك بقوة، حتى إني أخاف أتسبب بحادث - لا قدر الله - وأضر غيري!

علماً بأني متمسكة بالرقية الشرعية وقراءة القرآن، أحس بضيق، ذهبت لقارئة قرآن مشهود لها بالسمعة، وأحسست بشيء ينسل من ذراعي إلى آخر اليدين مع صداع، ودائماً متململة وتعبانة، وأحس أني غير طبيعية وفي عالم آخر.

الذي يضايقني كثيراً أني لا أستطيع قضاء حوائجي مثل معاملة بنك أو غيرها مما هو خاص بي، لا أقول إلا: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين).

أختكم في الإسلام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سميرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع (إسلام ويب).

أولاً: أنا سعدت تماماً حين ذكرت في بداية رسالتك أنك إنسانة تعتمدين على الله أولاً ثم على نفسك، وأقول لك: إن الله تعالى لن يضيعك أبداً.

الخوف الطارئ الذي حدث لك وبهذه الصورة المفاجئة هو أمر غالباً يكون قد نتج من تجربة سلبية، ونعني بالتجربة السلبية أنه قد يكون حدث لك تفكير شديد حول حادث السيارة، قرأت عنه أو سمعت عنه من أحد، أو إنها مجردة فكرة في داخل نفسك، وبعد ذلك نشأ لديك هذا الخوف، هذا النوع من المخاوف مكتسب لا شك في ذلك، والخوف من هذا النوع يتولد منه أفكار وسواسية تدعم هذا الخوف وتقويه.

شعورك بالضيق هو دليل على وجود القلق النفسي، والمخاوف النفسية أياً كان نوعها -ومنها هذا الخوف الذي تعانين منه- هي في الأصل مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالقلق النفسي، ونستطيع أن نقول: إن حالتك هي حالة من حالات قلق المخاوف، وهي بسيطة، وينقسم العلاج إلى شقين:

الشق الأول: العلاج الدوائي وهذا مهم جداً.

الشق الثاني: ألا تتوقفي أبداً عن قيادة السيارة، اطردي الأفكار السلبية التي تأتيك حول أنك ربما تتسببين في حادث، هذه أفكار قلقية، وأنصحك بالتركيز على دعاء الركوب، اقرئيه بتمعن وتفكر دائماً قبل الانطلاق بالسيارة، فهو يبعث الطمأنينة في الإنسان.

هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، وهي تمارين جيدة ومفيدة ومهمة، ومطلوبة في مثل حالتك، وأرجو أن تتحصلي على كتيب أو شريط من (مكتبة جرير) في الدوحة، هنالك شريط ممتاز للدكتور نجيب الرفاعي يمكنك من خلاله تعلم كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء، فأرجو أن تتحصلي عليه وتطبقي هذه التمارين، فهي تؤدي إلى استرخاء النفس، وحين تسترخي النفس يزول الخوف إن شاء الله تعالى.

الشق الآخر في العلاج هو -كما ذكرت لك- الدواء العلاجي، وتوجد أدوية فعالة وممتازة لعلاج مثل هذا النوع من قلق المخاوف، والدواء يعرف باسم (زولفت)، واسمه العلمي هو (سيرترالين Sertraline)، وهو متوافر في الصيدليات في الدوحة، ولا يتطلب وصفة طبية، والجرعة المطلوبة في حالتك هي حبة واحدة ليلاً بعد الأكل، وقوة الحبة هي (50 مليجراماً)، واستمري على هذه الجرعة لمدة شهر، وبعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبتين في اليوم، أي: (100 مليجرام) حبة في الصباح وحبة مساء لمدة أربعة أشهر، وبعد ذلك خفّضي الجرعة إلى حبة واحدة مساء لمدة ستة أشهر، وبعدها اجعليها حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الزولفت، وهذا الدواء ممتاز جداً في علاج المخاوف والوساوس والقلق، ولا شك أنه يزيل هذا الضيق الذي تعانين منه، وسوف يحسن من مزاجك كثيراً، والتحسن غالباً سوف يبدأ بعد ثلاثة إلى أربعة أسابيع من تناول الدواء، ويجب أن يكون هنالك التزام تام بأخذ الجرعة في وقتها، وبالصورة التي وصفناها؛ لأن هذه الأدوية تعتمد على البناء الكيميائي، والبناء الكيميائي يعتمد على مواصلة الدواء والاستمرار عليه بكل انضباط حتى تجني ثماره، وأنا أود أن أؤكد لك أن هذا الدواء غير إدماني، وأيضاً لا يؤثر على الهرمونات النسوية.

أيتها الأخت الفاضلة! عليك بالرقية الشرعية، والدعاء، والصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن، وهذا فيه خير كثير لك، ولنا جميعاً، وأود أن ذكرك مرة أخرى أن اعتمادك على نفسك بتدبير شئون حياتك هو أمر محمود وأمر إيجابي، ويجب أن يزيد من دافعيتك نحو المزيد من الإنجاز.

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق، ونشكرك على التواصل مع (إسلام ويب).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً