الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

عون الله عند البلاء والحاجة إليه

السؤال

هل هناك إمكانية على أرض الواقع أن نحصل على عون عاجل وفوري من اللّه سبحانه وتعالى، عندما يشتد بنا البلاء، ونصبح في حاجة ماسة إلى عون الله سبحانه وتعالى؟ بمعنى آخر هل الله سبحانه وتعالى يكترث بنا حقاً عندما نحتاج إليه؟

أرجو منكم إرشادي، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

مرحباً بك أيها الابن الحبيب في استشارات إسلام ويب.

لاشك أن الله سبحانه وتعالى أخبر عن نفسه أنه يجيب المضطر إذا دعاه، فمن توجه إلى الله سبحانه وتعالى باضطرار، أي بشعور بالحاجة الشديدة إلى الله سبحانه، وأيقن أنه لا يجيبه إلا الله، محسناً الظن به سبحانه وتعالى أنه سيجيبه، فإن الله عز وجل لا يرده في مثل هذه الحال، كما قال في كتابه: (( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ))[النمل:62].
والأصل في الدعاء أن الله عز وجل يستجيبه، حتى في غير حالة الاضطرار، إلا إذا قام بالإنسان بمانع يمنع إجابة دعوته، فهنالك موانع في غير حالة الاضطرار، كأن يكون الإنسان يدعو الله تعالى بقلب غافل لاهٍ، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب غافلٍ لاهٍ ).

وأحياناً يكون مأكل الإنسان ومشربه وملبسه من الحرام، فيحول الحرام دون إجابة الدعوة، كما ورد بذلك الحديث، وأحياناً تكون دعوات الإنسان فيها إثم تجاوز لحدود الله، والدعاء بما لا يجوز، فهذا أيضاً يكون مانعاً من الإجابة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم ) وأحياناً يدعوه الإنسان ويكرر الدعاء ولا يستجيب الله تعالى له في الظاهر، بمعنى لا يعطيه ما سأل، فيستعجل هذا الإنسان ويترك الدعاء ويستحسر عنه، فيكون سبباً أن لا يجيب الله عز وجل دعوته.

وهذه الأسباب كلها قد حذرنا منها النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا دعاء الإنسان ربه فعليه الأخذ بالأسباب، وتجنب أسباب رد الدعاء، فيدعو الله تعالى وهو موقن بالإجابة، كما قال عليه الصلاة والسلام: (أدعو الله وأنتم موقنون بالإجابة) ولا يدع الله تعالى من باب التجريب، هل سيعطيه أو لا يعطيه، وليحسن الظن بالله، وإن الله عز وجل لا يرد عبده إذا دعاه، كما قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفراً) وقد أجاب المشركين حين دعوه باضطرار وهم في البحر فنجاهم، وهو سبحانه وتعالى لا يرد داعياً، ولكن إجابة الدعوة لها صور كما ورد في الحديث قد يعطيه الله عز وجل كما سأل، وهذا أظهر أنواع الإجابة، وقد يصرف الله عز وجل عنه شيئاً من السوء والمكروه الذي لا يعلمه هذا الداعي بقدر دعوته، فيظن أن الله عز وجل لم يستجب له، والحقيقة أن الله عز وجل صرف عنه مكروهاً كان سينزل به فصرفه عنه بدعوته.

الصورة الثالثة من إجابة الدعاء أن يدخر الله عز وجل له هذه الدعوة ليوم القيامة، فيثيبه عليها في يوم القيامة، وهناك يتمنى كثير من الناس أن الله عز وجل لم يستجب لهم دعوة في الدنيا لما يروا الثواب الجزيل الذي يؤتيه الله عز وجل لمن دعاه فلم يعطهم مسألته في الدنيا.

فدعاء الله أيها الحبيب لا يخلوا صاحبه من خير، وهو من أجل العبادات، بل هو العبادة كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة ) فيتعبد الإنسان ربه بهذه العبادة العظيمة، وهي الدعاء والافتقار والحاجة والطلب منه، فإن الله عز وجل يغضب على من لم يسأله، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( من لم يسأل الله يغضب عليه ) وقال: ( أعجز الناس من عجز عن الدعاء ) يدعو الله تعالى وهو محسن الظن بالله، لا من باب التجريب، وعليه أن يوقن أن الله سبحانه وتعالى لن يقدر له إلا خيراً.

نسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً