الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

استمرار عادة مص الأصابع عند بعض الأطفال

السؤال

لي ولد يبلغ من العمر (12) سنة، اعتاد على مص أصبعه من طفولته، حاولت منعه ولم يمتنع، استخدمت أشياء غير مستحبة، كالطعم، ورغم ذلك يضعها في فمه.

بما أنه الطفل الأول، وكنت صغيرة في السن عند إنجابه، لم أعطه كفايته من الحنان، بل كنت أقسو عليه وأكثر من ضربه، حتى إنه يخاف مني، وإذا جئت لضرب أحد إخوانه أحس في وجهه الخوف، وهو ولد مهذب جداً معي، يساعدني، ومتفوق في دراسته، ولا يعصي أوامري، لكنه لحوح في طلباته، لا يتراجع أبداً، قاس على إخوانه، غيور جداً، حتى إذا رأى مع أحد شيئاً يريد مثله أو أحسن منه، ووالده يلبي له أغلب طلباته، ويدللـه أكثر من إخوانه، ودائماً ينزعج من معاملتي له.
أولاً: كيف أستطيع أن أساعده في التخلص من مص أصابعه، وهو يريد ذلك؛ لأنه يحس بالخجل من ذلك؟
ثانياً: كيف أتعامل معه؟
علماً بأنني لا أتحمل إلحاحه وكثرة أسئلته وطلباته.
ثالثاً: هو في سن حرج، وأخاف عليه من الطلوع من المنزل، فهو لا يخرج كثيراً، وإذا سمحت له بالخروج في أي يوم ليلعب الكرة أو يذهب مع أصدقائه، فإنني أهلكه بأسئلتي عن كل شيء، بطريقة أحسسه فيها أنه عمل خطأً ويخفيه عني، فما الحل؟
أفيدوني في تربيته وتربية إخوانه، وإن كان عليَّ أن أتبع معه أي أسلوب آخر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ولايف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:

بدايةً نشكرك على اهتمامك بأمر تربية أبنائك، والنقطة الأولى التي أبدأ بها هي أن زوجك الكريم لابد أن تكون له مشاركة فاعلة في تربية هذا الابن، ووجود الأب بجانب ابنه في هذه السن يعتبر أهم بكثير من وجود الأم، ولا نقلل بالطبع من دور الأم في التربية، ولكن الولد لابد أن يتقمص شخصية والده ويتعلم منه كل ما هو حسن، وجوانب النصح والإرشاد، حتى فيما يخص التغيرات البيولوجية والمرحلة الحرجة التي أمامه هذه يجب أن توضح له من جانب الأب بصورة مطمئنة ومحببة له.
والأمر الآخر وهو ضروري هو أنه لابد أن يكون هنالك نوع من التوازن التربوي في التعامل مع هذ الابن، بمعنى أن تكون معاملتكما له على نفس النسق وعلى نفس السياق، كنت أنت تتوقفين عن تلبية بعض الطلبات نسبة لإلحاحه ويقوم الأب بتلبيتها، فهذا خطأ كبير جداً، أرجو أن تتفاهمي مع الفاضل زوجك حول هذه النقطة.
ثانياً: يجب أن نشعر هذا الابن بأنه هو الكبير وأنه غير مهمش، ونشعره بوجوده داخل الأسرة، يجب أن يستشار، يجب أن يُحاور، يجب أن نعطيه الشعور بالأمان، والشعور بالمسئولية، وهذا يبني الثقة في نفسه، وأسلوب التشجيع والتحفيز والنصح والإرشاد والحوار دائماً أفضل من أسلوب النقد اللاذع أو التوجيه المتدقق بصورة وسواسية تقلل من ثقة الطفل في نفسه.
بالنسبة لموضوع مص الأصبع، فهي عادة مكتسبة، ويقول بعض الأطباء أنها من العادات العصابية، منها قضم الأظافر، والتبول اللا إرادي ليلاً، والانقباضات العضلية في الوجه، واللعثمة أو التأتأة، هذه تعتبر كلها من السمات أو الصفات التي ربما تدل على شيء من عدم الاستقرار النفسي، وإن لم يكن هناك اتفاق قاطع حول هذا الأمر؛ لأن بعض هذه العادات المكتسبة ربما تكون هي مجرد عادة تم اكتسابها، ولم يتم التوقف في وقتها، وأصبحت تكرر في نمط وسواسي وتعودي من جانب الطفل.
إذن اشرحي له أن هذه العادة ليست طيبة، ومن التمارين التي سوف تساعده كثيراً أن تعلميه أن يضع يده في فمه، كأنه يريد مص أصبعه، ولكن فجأة يقوم بسحب يده من فمه ويقوم بفعل شيء آخر، هنا يكون قد استبدل العادة بنشاط آخر مخالف لها.
التمرين الثاني: أن يضع إصبعه في فمه دون أن يقوم بمص الأصبع ويسحب يده فجأة ويقوم في نفس الوقت مباشرة بالضرب على يده على الطاولة مثلاً، أو أي جسم صلب آخر، الهدف هو أن يحس بالألم، إحساسه بالألم وربط ذلك بمص الأصبع يؤدي إلى شيء من التنفير وهو ما يسمى بفك الارتباط الشرطي.
هذا التمرين إذا نُفذ باستبصار وتركيز وتفهم الطفل معناه لا شك أنه سوف يساعده كثيراً، وهنالك تدريبات أخرى كثيرة كلها تقوم على هذه المناهج، أي مناهج أن تربط العادة المكتسبة بفعل آخر مخالف لها.
يمكنك أيضاً أن تطلبي منه مثلاً حين يقوم بمص أصبعه بأن يقوم بعمل أو فعل يضطر فيه إلى استعمال يديه، ودون أن تقولي له انزع يدك من فمك سوف يقوم بذلك تلقائياً، وبعد ذلك ذكريه وناقشيه أن الهدف كان هو أن يخرج يده من فمه ويتوقف عن مص أصبعه، هذا أيضاً من التمارين الجيدة ومن التمارين المفيدة.
أيتها الفاضلة الكريمة! هذه كلها أمور بسيطة وعرضية، الابن يجب أن تتاح له الفرصة بأن يكون بجانب والده أكثر، دعيه يخرج مع من تثقين فيهم من الأولاد من الأقرباء ومن الأصدقاء، لا تضربي عليه حصاراً وجدانياً، وفي نفس الوقت لابد أن تكون هنالك رقابة، أسلوب التحفيز والترغيب أفضل من أسلوب التوبيخ، وهذا يجب أن يصحبه التوجيه والإرشاد والنصح.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع (إسلام ويب).

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً