الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من الوساوس القهرية المصحوبة بالظنان؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشكلتي تتلخص بأنني أعاني من اكتئاب، وكثرة وساوس، وعدم الثقة بالنفس، والهروب من الناس! -تقريباً من سنة 2006م- من الأسباب أبي (الله يسامحه) حيث أجبرني على الجلوس في البيت، وهذه السنة ازدادت المشكلة.

طلبت (الانتساب من الثانوي) لأنني أصبت بالاكتئاب، وأحسست أن الذين بالفصل يفكرون في ويضحكون علي! وهم كذلك، ولكن أنا كبرت الموضوع وبالغت فيه كثيراً.

أصبحت لا أقود السيارة، وأنا عمري (18) سنة، ولا أواجه الناس، ولا أصلي في المسجد، لا أعلم السبب الرئيسي، هل هو رهاب أم كسل مني أم ماذا؟!

أصبحت عديم الثقة بالنفس، أهلي منذ مدة يطلبون مني أموراً كقيادة السيارة ومواجهة الناس، والذهاب إلى الأسواق وغيرها، -وأنا رافض- أحببت البيت كثيراً، أحس فيه بالأمان أكثر من خارجه، أيضاً أنا أفكر كثيراً لدرجة أنني أتخيل، وكنا مسافرين، ونزلنا لمحل أو ما شابهه، مثلاً مع أهلي أتخيل وأنا ماشي مع أخي لمكان معين، مثال مروري من سيارة أتخيل أني سرقت السيارة من قبل، وأخاف خوفاً شديداً، أو مروري من عند فتيات، أتخيل (لا قدر الله) وأخاف خوفاً شديداً، أو مروري من عند مركز شرطه أتخيل أنني سرقت أو قتلت، فأخاف خوفاً شديداً.

أمور جداً كثيرة، وبالجانب الآخر أشعر بالنقص فأنا عند الأسواق والمراكز التجارية -إن ذهبت، وهذا نادر جداً- أشعر بنقص شديد واحمرار الوجه بشكل ليس طبيعياً، أو حتى عند التحدث مع شخص لا أعرفه أو في البيت، ولكن بشكل نادر، وأفكر دائماً أن الناس يفكرون بي دائماً، ويتآمرون علي!

أعاني من هذا التفكير كثيراً، أمارس العادة السرية منذ سنة (2005م) ولكن بدأت أقـلل من فعلهـا، يعني من أسبوع لأسبوعين، أخيراً أنا أفكر بشكل كبير جداً، وأوسوس بشكل كبير جداً، لا أعلم ماذا أعمل؟!
مع العلم أن أهلي يريدون مساعدتي بشتى الطرق، وأنا أرفض، لا أعلم لماذا؟! هل هو انفصام بالشخصية؟

أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أقول لك: إنك قد أحسنت وصف حالتك بدرجة معقولة جدّاً، ومن خلال المعلومات المتاحة أستطيع أن أقول لك أنك بالفعل تعاني من وساوس قهرية متوسطة الدرجة، كما أنه لديك درجة بسيطة من الظنان، وهذا كله تولد منه حالة من حالات الاكتئاب، وعدم الثقة بالنفس، والوساوس والمخاوف جعلتك لا تخرج من البيت وتفضل أن لا تتعامل أو تتفاعل مع الآخرين، وهذا بالطبع نوع من أنواع الرهاب الاجتماعي ودرجة بسيطة من درجة ما يسمى برهاب الساح أو الساحة.

أخي الكريم: الحالة في خلاصتها هي حالة وجدانية ولا أعتقد أنها حالة ذهانية، أي لا أعتقد أنه توجد لديك أعراض الفصام، إنما المخاوف والوساوس هي المسيطرة، وبالنسبة لحالة الظنان التي تعاني منها وهي تتمثل في أنك لا تحسن الظن بالآخرين، هذه من وجهة نظري ثانوية جدّاً.

أنصحك أن تذهب وتقابل الطبيب، وما دام أهلك يريدون مساعدتك فالمساعدة تكون عن طريق مقابلة الطبيب النفسي، فأنت من الواضح تماماً أنك في حاجة لعلاج دوائي.

كذلك بعض الإرشادات السلوكية، ولا شك أن المقابلة والمتابعة مع الطبيب النفسي هي أفضل الحلول في مثل حالتك، وليس هنالك ما يدعو أبداً للرفض، خاصة أن حالتك من الحالات التي سوف تستجيب -بإذن الله تعالى- للعلاج بدرجة كبيرة جدّاً.

أنا لا أريدك أبداً أن تهمل نفسك، أنت صغير في سنك ومُقدم على مرحلة الشباب، وهذه مرحلة فيها الكثير من الطاقات النفسية، والطاقات الجسدية التي يجب أن يستفاد منها، لذا لابد أن تتخلص من كل هذه الشوائب والأعراض النفسية السلبية وعلاجها كما قلت لك سهل جدّاً.

أنا لم أجد أي نوع من التفسير لأن ترفض الذهاب لطلب المساعدة، هنالك البعض تجعلهم المخاوف يشعرون بشيء من السأم واليأس لدرجة أنهم يرفضون المساعدة.

هنالك بعض الناس قد يستفيدون من المرض لأنهم لا يريدون القيام بواجباتهم الاجتماعية، وهنا وبصورة لا شعورية ربما يرفضون أيضاً المساعدة الطبية، أنا بالطبع لا أقول إنك من هؤلاء، لكن هذه هي التفسيرات المطروحة على الساحة.
عموماً أكرر مرة أخرى: هذه الحالة سوف تعالج، هنالك وساوس، هنالك مخاوف، هنالك اكتئاب ثانوي، وهي كلها متصلة ببعضها البعض.

الدواء سوف يسهل عليك كثيراً عملية المواجهة، وبعد أن يبدأ الدواء في فعاليته سوف يبدأ لديك التفكير الإيجابي، سوف تخرج -إن شاء الله- من هذه القوقعة، سوف تذهب وتصلي في المسجد، سوف تذهب إلى الأسواق، سوف تقود السيارة، هذا كله سوف يأتي، وبفضل الله تعالى الأدوية الموجودة الآن هي أدوية سليمة، أدوية فعالة، أدوية ممتازة جدّاً.

إذن الذهاب إلى الطبيب هو الحل الأمثل، وإذا أردت خطاً علاجياً ثانياً أو كبديل ثانٍ، هو أنك يمكن أن تحضر أحد الأدوية المعروفة بفائدتها الكبيرة في علاج الوساوس، وتجربها، وهذا الدواء لا يتطلب وصفة طبية، الدواء يعرف تجارياً باسم (زولفت)، ويعرف أيضاً تجارياً باسم (لسترال)، واسمه العلمي هو (سيرترالين).

الجرعة المطلوبة في حالتك هي حبة واحدة، وقوة الحبة هي خمسون مليجراماً، تناولها ليلاً لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبتين في اليوم – أي مائة مليجرام – يمكنك أن تتناولها كجرعة واحدة مساءً، أو كخمسين مليجراماً صباحاً، وخمسين مليجراماً مساءً، وهذه سوف تكون الجرعة العلاجية الصحيحة في حالتك، والتي يجب أن تستمر عليها لمدة ستة أشهر على الأقل، بعد ذلك يمكن أن تخفضها إلى الجرعة الوقائية وهي حبة واحدة لمدة ستة أشهر.

هنالك دواء مساعد يعرف تجارياً باسم (رزبريدال)، ويعرف علمياً باسم (رزبريادون)، جرعته هي أن تبدأ بواحد مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم تجعلها اثنين مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول هذا الدواء، ولكن الاستمرار على اللسترال يعتبر ضرورياً.

إذن أيها الفاضل الكريم: عرضنا عليك حلولاً ونسأل الله تعالى أن ينفعك بها، والذي أؤكده لك أن حالتك هذه يمكن أن تعالج.. وتعالج بصورة جيدة وممتازة جدّاً فلا تهمل نفسك أبداً.

ولمزيد الفائدة يرجى مراجعة التالي: منهج السنة النبوية لعلاج الأمراض النفسية: ( 272641 - 265121 - 267206 - 265003 ).

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً