الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ظهور الأخطاء التربوية في الابن الأكبر

السؤال

السلام عليكم.

جزاكم الله خيراً على جهودكم الطيبة.
ابني الكبير عمره 13 عاماً، لا يستطيع أن يعتمد على نفسه في أي شيء؛ وذلك بسبب تدليلي له، وبصراحة فأنا السبب في ضعف شخصيته، ولا أعرف كيف أصلح هذا الخطأ الذي ارتكبته في حقه؟!
هو يعتمد عليّ أنا ووالده في كل شيء، حتى في قص أظافره، وأشعر أنه ضعيف الشخصية دائماً، ومتردد لا يستطيع اتخاذ أي قرار إلا بعد اللجوء إلينا، وعلى العكس فأخوه الصغير قوي الشخصية، ويعتمد على نفسه، فكيف أقوي من شخصيته لكي أجعله يعتمد على نفسه، ويكون رجلاً بمعنى الكلمة.
شكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمن المعروف أن الأخطاء التربوية كثيراً ما تظهر في الابن الأكبر أو ما نسميه بالطفل الخاص كالولد وسط البنات أو البنت وسط الأولاد أو الطفل من ذوي الاحتياجات الخاصة أو الطفل الذي ولد بعد عقم، وهكذا.

هذه الفئة من الأطفال عرضة لأخطاء تربوية كثيرة، المهم في الأمر أنكم الآن قد تداركتم هذه الأخطاء التربوية، وموضوع التدليل والحماية المطلقة للطفل لا شك أنها تعيقه كثيراً فيما يخص تطوره الاجتماعي، ونضوجه الوجداني، وتكيفه العاطفي، وعليه فإن ما اكتسب عن طريق الخطأ يمكن أن يبدل إلى مكاسب عن طريق الصواب.

بالطبع سوف يكون من الصعب جدّاً فطام هذا الطفل مما يستأثر به من رعاية وعناية وتدليل وتحقيق كل المطالب، لكن بشيء من التدرج ودون أن نشعره بذلك يمكننا أن نغير كثيراً من طباعه، وفي نفس الوقت يجب أن يُجرى معه نوع من الحوار، فالطفل الآن في مرحلة عمرية جيدة جدّاً يفهم ويستوعب، ويمكن أن يحاور، ويمكن أن يناقش، فالمنهج الذي أؤيده هو أولاً أنه يجب أن يكون هناك اتفاق قاطع بينك وبين والده في طريقة التعامل معه، ويجب أن تكون هذه الطريقة متجانسة ومنسجمة، فلا يشد أحدكما ويُرخي الآخر، وهكذا يجب أن تنتهجا نفس المنهج التربوي.

من المهم جدَّا إشعار الابن بأنه هو الابن الأكبر، وأنه هو الولد المحبوب، وأنه يُرجى منه الكثير، هذا في بداية الأمر.
ثانياً: يحاور بطريقة لطيفة وجيدة، وأنكم بالفعل كنتم تقومون بتدليله أكثر مما يجب وذلك انطلاقاً من محبتكما له، ولكنه الآن قد كبر، والآن مُقدم على مرحلة الشباب والرجولة، والمتوقع منه أن يُقدم لنفسه، وأن يقدم لكما خدمات كثيرة وكذلك للآخرين، وهو مقتدر ولديه مقدرات، وحاولوا أن تتحدثوا عن إيجابياته وعن مآثره؛ فهذا مهم جدّاً.

الأمر الثالث: هو أن توكل إليه بعض المهام، فمثلاً يقال له: إننا نريدك أن تدير ميزانية المنزل لهذا الأسبوع، وهو سوف يستقبل هذا بفرحة كبيرة، ربما يتردد في بداية الأمر، ولكن يُشرح له ما الذي يُقصد بميزانية المنزل، وأنها كمية المال الذي سوف يُصرف وكيفية صرفه، ويكون مسئولاً عن هذا الأمر بالكامل، فيحضر متطلبات المطبخ ومتطلبات المنزل، وحتى بترول السيارة يجب أن يكون هو مشرفا عليه.

هذا أمر جيد جدّاً، وبالفعل يجب أن يطبق حتى وإن كانت هنالك أخطاء سوف تصدر منه، إلا أن ذلك وسيلة مهمة جدّا في بناء الشخصية.
الأمر الآخر وهو بالتدريج: أن يكون أكثر التصاقاً بوالده، وذلك بالرغم من احترامي الشديد لشخصك الكريم، لكن يجب أن يتطبع على طباع الرجال من والده، ويجب أن يوصل له والده فكرة أنه يستشيره في أمر إخوانه وفي أمر المنزل وفي كل الأمور الحياتية، فهذا أمر مهم جدّاً لبناء شخصيته.

ثالثاً: نعلمه كيفية إدارة وقته، فيقسم له الوقت، ويكون في معظم هذا الوقت معتمداً على نفسه، فمثلاً في الدراسة، وكأن يرتب ملابسه في خزانة الملابس، وأن يرتب سريره في الصباح، فهذه مهارات اجتماعية تجعل الإنسان يعتمد على نفسه كثيراً.

رابعاً: يجب أن تتاح له الفرصة بأن يخرج مع الأطفال من سنه، وبالطبع يجب أن تكون هنالك محاذير، ويتم تخير الأطفال الجيدين والمنضبطين، ومن الذين يتمتعون بحسن الخلق بقدر المستطاع. دعيه يختلط بهم يتفاعل معهم، وسوف يكتسب منهم تجارب، وسوف يتعلم كثيراً من فنون الاعتمادية على الذات.

خامساً: من المهم جدّاً أن تكون هنالك مسافة فيما بينكما، يجب أن لا يكون ملتصقاً بكما طوال الوقت؛ لأن هذا الأمر ليس صحيحاً بل خطأ كبير.
هذا هو الذي سوف يفيد هذا الابن، مع مواصلة الحوار معه كما ذكرت لك.

لا شك أن تأدبه وتعلمه أصول دينه بصورة صحيحة، والتحدث معه عن الأبطال الأوائل من المسلمين ومن شباب المسلمين حتى يتخذهم قدوة ويتشبه بهم، سوف يفيده كثيراً.

تحدثي معه عن الدراسة وعن المستقبل، وماذا يريد أن يكون، واتركوه لأن يكون أكثر ميولاً للوظائف التي تعتمد على الذات، مثل أن يكون طياراً أو مهندساً أو داعية أو شيئاً من هذا القبيل.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • المغرب أم البراء

    بارك الله فيكم وجزاكم الله خيرا الجزاء على ما تقدموه لنا

  • amira

    جزاكم الله خيرا على اهتمامكم ونصحكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً