الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من ضعف الذاكرة والتأتأة، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا عمري 27 عاما، أدرس في السنة الرابعة من الشريعة الإسلامية، والمشكلة التي أعانيها هي ضعف الذاكرة والتأتأة في اللسان، كلما حفظت شيئا أنساه، مع العلم بأني أركز في المحاضرات والدروس وأستمع إليها واجتهد فيها، وكذلك ألتزم بالدراسة التزاما شديدا، أقرأ حتى منتصف الليل لكن دون جدوى، أريد أن أحفظ القرآن والأحاديث النبوية الشريفة ولكن الذاكرة لا تساعدني أبدا.

والمشكلة الثانية هي التأتأة في اللسان، حتى لا أستطيع النطق الصحيح، فإذا حاولت أن أنطق كلمة كلمة أغلط في التلفظ والمخارج، ولكن إذا تكلمت باللغة الإنجليزية فأنطقها بالطلاقة.

بعد انتهاء البكالوريوس أريد إكمال الماجستير والتدريس في المدرسة، فإذا كان الأمر هكذا فكيف يكون تدريسي؟

أريد أن ألقي المحاضرة وأخطب في الناس ولكن أخاف أن يطرأ علي خطأ لساني ولغوي، فيكون سبب الضحك والسخرية.

أفيدوني وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن هذه الأعراض التي تعاني منها من ضعف في التركيز وقلة في الاستيعاب والتأتأة، أرى أنها ناشئة من قلق نفسي، هذا القلق من النوع البسيط، وإن كان قد أضيف له شيء مما نسميه بالخوف الاجتماعي، وهذا ربما يعقد الأمور قليلاً، لكن في نهاية الأمر -إن شاء الله تعالى- العلاج متاح جدًّا.

الجانب الاجتماعي في قلقك هو خوفك من السخرية من جانب الآخرين، وهذا لا شك يعطيك انطباعات سلبية عن نفسك.

فيا أخي الكريم: أرجو أن تزيل هذا الاعتقاد، فأنت لا ينقصك أي شيء، وأنت تدرس وتتعلم في محيط ممتاز وهو محيط الشريعة الإسلامية، وإن شاء الله الذين يرتادون هذه المرافق كلهم من الخيرين والطيبين، والذين من ديدنهم تقدير واحترام الآخرين، فلن تكون إن شاء أبدًا مصدرًا للضحك والاستهزاء أو السخرية من الآخرين.

لا بد أن تزيل هذا التفكير أيها الأخ -الفاضل الكريم-.

خطوات العلاج الأخرى تتمثل في:

أولاً: أن تكون ثقتك في نفسك أكبر، وأن تعلم أنك لست بأقل من بقية الناس، بل ربما تكون أفضل من كثير من الناس، فالله تعالى قد حباك بأشياء كثيرة كريمة وطيبة وعزيزة، فلا تنقص من مقدراتك ولا تحقر ذاتك ويجب أن تقيم نفسك التقييم الصحيح.

ثانيًا: هنالك تمارين تسمى بتمارين الاسترخاء، هذه التمارين مفيدة جدًّا لإزالة القلق، فكن حريصًا على مزاولتها، ولتعلمها يمكنك أن تتحصل على كتيب أو شريط أو CD أو تتصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.

ثالثًا: ممارسة الرياضة بصفة عامة خاصة الرياضة الجماعية تقلل من روع الإنسان ومخاوفه وميوله للقلق، وفيها فائدة كبيرة جدًّا للصحة النفسية والجسدية، فكن حريصًا على ذلك.

رابعًا: بما أن نطقك للكلمات باللغة الإنجليزية بطلاقة فلا توجد لديك علة في النطق نفسه، إنما قد يكون القلق الذي تعاني منه وما يحمله من جوانب اجتماعية قد أدى إلى نوع مثل الوساوس البسيطة لديك، وأصبحت تتوقع أنك سوف تتلعثم وأنك لن تكون طلقًا في الكلام، وأصبح يهيأ لك أنك كذلك، وهذا القلق التوقعي أدى إلى الوساوس، -فيا أخي الكريم- يجب أن تتجاهل هذه الفكرة، ودائمًا قل لنفسك لا توجد لديّ علة أساسية في النطق، بدليل أنني أنطق الكلمات الإنجليزية بطلاقة، وبما أن اللغة العربية هي اللغة الأصلية وهي لغة القرآن فمن الأحرى أن يكون نطقي سليمًا، ويجب أن أثق في نفسي في هذا المجال.

خامساً: أريدك أن تقوم بتمارين سلوكية معروف أنها ناجحة جدًّا، وهي أن تعد موضوعًا معينًا وتقرأه جيدًا، ثم تقوم بارتجاله بصوت مرتفع، وتتصور نفسك أنك أمام جمع كبير من الناس تقدم هذا العرض أو هذه المحاضرة لهم، ويجب أن تقوم بتسجيل ما تقوم به لتقديمه من عرض مرتجلاً، وبعد ذلك قم واستمع لما قمت بتسجيله، كرر هذا الأمر مرتين أو ثلاث في الأسبوع، وسوف تجده نافعًا، لكن يتطلب منك أن تأخذ الأمر بجدية، أن تغلق الغرفة، أن لا يدخل عليك أحد، أن لا تكون هنالك ضوضاء، ويجب أن تسرح بخيالك بصورة متسعة جدًّا وتتخيل أنك الآن في هذه القاعة الكبرى، وأنه يوجد الكثير من الأساتذة والدكاترة أمامك ومن أصحاب المعرفة والاطلاع وسوف تقدم هذا العرض ثم يحدث حوار بعد ذلك، وهكذا. تصور أنه قد طلب منك أن تصلي بالناس صلاة الجمعة وأن تلقي الخطبة أولاً.

عش -أخي الكريم- هذه الخيالات فهي خيالات مريحة ومفيدة وتساعد جدًّا في القضاء على الخوف الاجتماعي.

من الضروري أيضًا أن تطور مهاراتك الاجتماعية البسيطة، وهي أن تنظر إلى الناس في وجوههم دون تحديق حين تتكلم معهم، ويجب أن تتجنب لغة الجسم والإيماءات الكثيرة.

ثالثًا: تبسم في وجه إخوتك حين تقابلهم وتسلم عليهم، وكن أنت دائمًا صاحب المبادرات بذلك، وحضر مواضيع تتطرق إليها حين تكون ذاهبًا لمقابلة أصدقاء أو أهل أو خلافه.

أخي الكريم: الجزء الأخير في العلاج، أبشرك بأنه توجد أدوية فعالة وممتازة جدًّا لعلاج مثل هذا النوع من القلق الوسواسي. من أفضل الأدوية عقار يعرف تجاريًا باسم (زيروكسات)، واسمه العلمي هو (باروكستين) أريدك أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة يوميًا، تناولها لمدة أسبوعين، بعد ذلك اجعلها حبة كاملة واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذا الدواء من أفضل الأدوية ومن أحسنها، وهو غير إدماني وغير تعودي، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة صغيرة، فقط أرجوك الالتزام بها وتطبيق الإرشادات السابقة.

ولمزيد من الفائدة يمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول علاج عدم القدرة على الحديث والتعبير سلوكياً:
267560 - 267075 - 257722.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً