الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

العصبية المفرطة والنقد القاتل، كيف أتخلص منها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

الطبيب الفاضل: أسأل الله أن يحقق لي الدواء عندك بكلمات يسيرة، فإن لي طبعاً جافاً منذ الصغر، فأنا في شدة الحنان وفي شدة القسوة القاصفة أيضاً، وأنا أثور من كلمة وأنتقد وأحطم، وربما أدفن غيري، وأشعر معه بتحطيم نفسي من الداخل، وأشعر أن المشكلة ليست فقط في طبعي، بل أيضاً في اعتقادي أنه ينبغي ذلك، على علمي أن تلك القسوة والشدة لا تنبغي، ولكن معايشه الواقع يظهر لي بغيتها، وأنه لابد منها، فأنا لا أريدها، كم أشعر بتعاسة من داخلي ونفور الناس عني، وأنا أعلم أخلاق الرسول عليه الصلاة والسلام وتعاملاته، ولكني أود أن أرى العلاج النفسي.

وجزاكم الله الفردوس الأعلى عني وعن غيري.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله الحربي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فأشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وأشكرك أيضًا وأقول لك جزاك الله خيرًا أنك قد عبرت عن مشاعرك بكل وضوح ودون أي نوع من المواراة أو التجنب، فمن الواضح أن تقييمك لذاتك فيه مصداقية وفيه وضوح، فالإنسان إذا كان متجردًا يستطيع أن يقيم نفسه أفضل من غيره، مهما كانت خبرة المختص أو الشخص الآخر.

أخي الفاضل الكريم: الذي عبرت عنه هي سمات من سمات الشخصية أكثر من هي علة نفسية أو ذهانية، فالذي يظهر لي ويتضح لي تمامًا أن شخصيتك تحمل بعض المتناقضات، هنالك الرحمة، وهنالك الرأفة، ولكن أيضًا هنالك القسوة، أي أن أبعاد الشخصية متنافرة ومتصادمة وليست متوازية، وهذه من الظواهر النفسية التي نشاهدها لدى بعض الناس، وهذا كثيرًا ما يكون مرتبطاً بتقلبات المزاج، لذا وجد علماء النفس والسلوك أن الأدوية التي تثبت المزاج وتحسنه تفيد في مثل هذه الحالات.

لذا أنصحك بدواء معروف بجودته، ويعرف تجاريًا باسم (تجراتول Tegretol) أو يسمى علميًا باسم (كاربامزبين Carbamazepine) ابدأ في تناوله بجرعة مائتي مليجرام ليلاً، استمر عليها لمدة أسبوعين، بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائتي مليجرام في الصباح، ومائتي مليجرام مساءً، استمر على هذه الجرعة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى مائة مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم اجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة أسبوع، ثم توقف عن تناول الدواء، والتجراتول من الأدوية الجيدة والفاعلة - وإن شاء الله تعالى - سوف تجد فيه خيرًا كثيرًا.

بجانب التجراتول أنصح لك بدواء آخر ملطف للمزاج ومحسن له بصورة جيدة، هذا الدواء يعرف تجاريًا (ماينسرين) ربما يكون غير متوفر في المملكة العربية السعودية، والجرعة المطلوبة هي ثلاثون مليجرامًا ليلاً، تتناولها لمدة ثلاثة أشهر، وإذا لم تجده فأقول لك أن البديل يمكن أن يكون عقارا يعرف تجاريًا باسم (سيمبالتا cymbalta) أو يعرف علميًا باسم (دولكستين Dyloxetine) تتناوله بجرعة ثلاثين مليجرامًا يوميًا لمدة أسبوعين، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى ستين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى ثلاثين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا فيما يخص العلاج الدوائي، أما بقية العلاجات فالإنسان إذا عرف مشكلته وعلته يستطيع أن يغير من سلوكه وأن يعدله، فاسعَ لأن تكون في جانب الرحمة، واسع في اتخاذ خطوات عملية تساعدك كثيرًا، وهي الانضمام للجمعيات الخيرية وجمعيات البر والإحسان، فالإنسان حين يقدم في هذه المجالات تُبنى لديه قيم جديدة، قيم تدعوه إلى الرحمة والرأفة والتسامح، وأن يشعر بمشاعر الآخرين.

أنصحك أيضًا بأن تمارس التمارين الرياضية، لأن الرياضة تمتص الطاقات السلبية، والقسوة هي أحد مكونات الطاقة السلبية، وأنصحك أخي الكريم أن تدعو لنفسك، اسأل الله تعالى أن يجعل قلبك قلبًا ليِّنًا طيبًا عطوفًا ودودًا، وعليك أخي الكريم بأن تصاحب الأخيار والصالحين، وستجد منهم الكثير من الخير وسيعينونك على أمور الدنيا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد، وأشكرك مرة أخرى حقيقة على وضوحك وصراحتك ورسالتك الطيبة هذه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً