الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ليس لدي صديقات في سني وأفكر أن أكلم زملائي الشباب!

السؤال

السلام عليكم,,,

أنا فتاة عمري 16 سنة, أي في سن المراهقة, أنا أعرف خطورة هذا السن، وهذا الكلام كله لأنني أتمنى أن تجيبوا عن سؤالي، أنا ليس لدي أخوات ولا قريبات في نفس سني, صديقاتي لا يفكرن بنفس تفكيري، يعنى من الممكن أن أرفض شيئا ويقبلنه، وأفكر أحيانا في أن أتكلم مع أولاد كانوا أصدقائي في الابتدائي, وأنا الآن في المرحلة الثانوية, وأنا لا أحب أن أفعل أي شيء يغضب ربي, ولم أفعل هذا, وأكره أن أفكر حتى في هذا الموضوع, فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منوون حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك.

وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يحفظك بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يعينك على الالتزام بالشرع، وأن يوفقك للالتزام بما يُرضيه سبحانه وتعالى، وأن يجنبك كل مكروه وسوء، وأن يجعلك من الصالحات القانتات، وأن يمنّ عليك بحياة إيمانية طيبة مستقرة، وأن يجنبك كل ما لا يُرضيه، إنه جواد كريم، وأن يجعلك من الفائزات المتفوقات في دراستك.

وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة - أقول لك أولاً بأني معجب بك إعجابًا كبيرًا ابنتي منون؛ لأنك في مثل هذه السن تبحثين عن الحلال والحرام، وتحرصين على مرضاة الله تعالى، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أنك إنسانة فاضلة، وأنك مسلمة عظيمة، وأن الله أراد بك الخير سبحانه وتعالى، وأن فطرتك طيبة، وأنك على خير، وأنك إلى خير بإذن الله تعالى؛ وذلك أن الفتاة التي تحرص على تحري الحلال والحرام, والتي تجتهد في أن لا تقع فيما يغضب الله تعالى، هذه فتاة مسلمة رائعة، وهذا هو الواجب حقيقة عليك وعلى كل فتاة مسلمة أنها قبل أن تفعل أي شيء أن تنظر في مرضاة الله تعالى: هل هذا الأمر يُرضي الله تعالى أم لا يُرضيه؟ وهذا الأمر ليس فقط في العلاقة ما بين الشباب والفتيات - ابنتي منون - وإنما حتى في الدراسة الجامعية، فنحن عندما نتخير مثلاً الكلية التي ندرس بها لا بد أن نحرص أيضًا على أن تكون كلية ليس فيها مواد تُغضب الله تعالى، وأن يكون تخصصها يخدم دين الله سبحانه وتعالى أيضًا, وليس تخصصًا غير مشروع كالموسيقى أو الفن أو الرقص, وغير ذلك، أو حتى العمل في البنوك الربوية، فهذا كله لا ينبغي للمسلمة أن تُقبل عليه، لأنه ضياع للوقت, وعدم استفادة منه في طاعة الله تعالى.

كذلك فيما يتعلق أيضًا بالحديث مع الشباب، فإنك كما تعلمين - ابنتي الفاضلة منون - أن هذه السن حرجة، لأن الله تبارك وتعالى أولاً خلق المرأة وهي تميل بطبيعتها للرجل، وخلق الرجل وهو يميل بطبيعته للمرأة، وهذا الميل يشتد في هذه السن التي أنت فيها، فأنت الآن أصبحت إنسانة كاملة النضج، وأنت الآن دخلت سن التكليف الشرعي، يعني قبل سن خمسة عشر عامًا وقبل أن تأتيك الدورة الشهرية كنتِ فتاة عادية، بمعنى أن الله تبارك وتعالى يكتب لك الحسنات ولا يكتب عليك السيئات، أما الآن فقد أصبحت تحاسبين على كل صغيرة وكبيرة ابنتي منون، فهذا الكلام مع الشباب تحت أي مسمى شرعي سوف يكون؟

قطعًا لن يكون شرعيًا بأي حال من الأحوال مطلقًا؛ لأنه سيؤدي إلى الإعجاب, وقد يؤدي إلى الحب والتعلق، وقد يؤدي أيضًا إلى أن يطلب منك هذا الشاب أن يخرج معك وحدك، وقد يصافحك أحيانًا مثلاً, أو يضع يده في يدك، وقد يخرج معك للنزهة والفسحة في بعض الأماكن، وقد يكتب لك رسائل غرامية وتكتبين له، وهذا كله ابنتي ليس شرعيًا، هذا كله محرم شرعًا، لا يليق بالمؤمنة أن تفعله أبدًا، لأن الفتاة المؤمنة لا تعرف إلا رجلاً واحدًا, وهو زوجها الذي قدره الله تبارك وتعالى لها، أما هذه الصداقات -يا بنيتي- فليست مشروعة أبدًا بحال من الأحوال ابنتي منون، حتى وإن كان معظم الفتيات يفعلونها, فإني أعلم أن هناك الكثير من الفتيات لهم أصدقاء من الشباب, ويخرجون معهم, ويتكلمون معهم, ويسهرون معهم, وإلى غير ذلك، وهذا كله محرم شرعًا يا بنيتي، فإن الإسلام يرفض تمامًا أن تكون هناك علاقة ما بين الفتاة المسلمة وأي شاب ما دام ليس زوجًا لها، وما دام ليس من محارمها بارك الله فيك.

فهذه الأشياء التي تحدث من بعض زميلاتك أو بعض الفتيات اعلمي أنها كلها محرمة شرعًا، وأن الذي أنت عليه خير، فالحمد لله أنك تكرهين التفكير في هذا الموضوع، وهذا من إكرام الله لك؛ لأن فطرتك طيبة، لأن هذا الأمر ابنتي الكريمة منون فيه خطر عظيم، فقد يحدث بين الفتى والفتاة أشياء لا تُرضي الله سبحانه وتعالى، وهذا قطعًا سوف يحدث، مجرد أن تتكلمي معه فالكلام لن يكون في مرضاة الله تعالى، وكذلك أن تخرجي معه وحدك حتى وإن كان أمام الناس، وقد يضع يده في يدك، وقد تحدث هناك أمور أكثر من ذلك، فأنت بذلك ستفقدين منزلتك عند الله تعالى وتصبحين من العاصيات، أما الآن فأنت على خير، فلا تفكري في هذا الموضوع أبدًا، والتزمي بشرع الله تعالى، ولا تتكلمي مع أي شاب من الشباب مطلقًا.

وأريد أن أقول لك سرا خاصا جدًّا ابنتي منون، أن الفتاة التي تتكلم مع الشباب يأخذ الشباب عنها فكرة سيئة، ولذلك قد لا يتزوجها أحد في المستقبل؛ لأنهم يقولون كانت تمشي مع فلان وفلان وفلان، ولذلك يرفضون الارتباط بها, أما الفتاة القوية الجريئة الشجاعة التي لا تقبل أن يتكلم معها أي شاب, ولا تُعطي أي شاب فرصة للتكلم معها، لا في المرحلة الثانوية, ولا في الجامعة، فإنها سيحرص عليها كل الشباب بذلك, وسيقولون هذه فتاة نظيفة، هذه فتاة محترمة، هذه فتاة طيبة، وسوف يحرص الكل على أن تكوني زوجة له في المستقبل، لأن كل شاب يتمنى أن يتزوج فتاة ليس لها ماضٍ، وليس لها علاقة مع أي شاب آخر.

فانتبهي ابنتي منون، فنحن كما ذكرتُ لك أكرمنا الله بالإسلام، والإسلام يرفض تمامًا أن تكون هناك علاقة لا في المرحلة الثانوية, ولا في الجامعة مطلقًا بين أي شاب وفتاة، وإذا كانت هناك علاقة فتكون في منظور الإسلام بأن يكون زوجًا لها, أو يكون قد عقد عليها، وفي تلك الحال يجوز لها أن تتكلم معه كيف ما شاءت، وأن تخرج معه في أي وقت تشاء، لأنه زوجها والحلال الذي أحله الله لها.

أسأل الله أن يحفظك من كل مكروه وسوء, وأن يقدر لك الخير حيث كان.

هذا وبالله التوفيق, ومنه السداد والرضا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً