الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي خوف من المستقبل بسبب أن زوجي أصغر مني... فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بداية أرجو عدم إهمال استشارتي، لأن مشكلتي أصبحت عائقا أمام أي ملذة من ملذات الدنيا، أصبحت كئيبة وأشعر بأن مستقبلي فاشل!

أنا فتاة أبلغ من العمر 27 عاما، تزوجت من رجل أصغر مني بـ 11 شهرا، عندما تقدم لخطبتي فكرت في الموضوع، ووجدت أن مميزاته تحلم بها كل فتاة -ورضخت للأمر- تزوجت عندما كنت في عمر 25 لكن بعد زواجي أصبح هذا الأمر يؤرقني جدا، أشعر بأن زوجي غير راض عني، أشعر بأنه سيتزوج عليّ في المستقبل، على الرغم من تعامله الجيد معي، وحسن عشرته، لكن القلق مسيطر على تفكيري وكياني.

أشعر بأن نفسيتي في عمر الأربعين، أشعر بنقص شديد لأني تزوجت من رجل أصغر مني، والنقطة التي تؤرقني هي أنني فجأة عندما وصلت عمر 27 كأنني انتقلت من عمر الشباب إلى عمر الكهولة، أتأمل بشرتي كثيرا خوفا من التجاعيد، تصيبني كآبة كلما فكرت بأنني على مشارف الثلاثين.

أكتبها الآن وأنا لا أتحمل شعورها، ابني عمره الآن سنتان، أريد الحمل سريعا حتى لا يفوتني سن الإنجاب ويتزوج عليّ زوجي أو يشعر بأنني أنقص من الناس.

باختصار أشعر بالنقص في عمري في زوجي في كل شيء حولي، وهذا الشعور جعلني دائمة التّشكّي والتذمر، ساعدوني كيف أستطيع التغيير من حياتي تلك؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مرام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

يتميز الفكر السلبي الاستحواذي المشوه بأنه يؤدي إلى مشاعر سلبية جداً، وينسى الإنسان كل الجمالية الموجودة في الحياة، وبكل أسف الفكر السلبي الوسواسي حين يسيطر يجعل الإنسان ينظر إلى المواضيع من جهة واحدة، ولا ينظر إلى الوجه الأخرى للأمور، ويكون هنالك شيء من الاسترسال في التفكير كل قائم على فكر مشوه وخاطئ -كما ذكرنا- وهذا هو الذي يحدث لك، أنت لم تنظري إلى الجانب الأخرى؛ لأن هذا الرجل بفضل من الله تعالى فيه كل مميزات الرجل الذي تتمناه المرأة، وهو قد قبل بأن يتزوجك، بالرغم منه أصغر منك بأحد عشر شهراً، وهذه بالمناسبة ليست من الفوارق العمرية الكبيرة، أنا أعتقد أن القلق والوسواس يجعلك تشعبين وتجسمين من هذه المشاعر السلبية، وأنت محتاجة إلى جلسة مع نفسك، وتعيدين تقييم الأمور، وتقولين لنفسك هذه أفكار سلبية وأفكار وسواسية، وأفكار يجب أن لا تؤرقني، ويجب أن لا تسيطر عليّ، وأن الله تعالى قد رزقني هذا الزوج الصالح، وأنا الحمد لله أنجبت منه الولد، فكّري على هذا المستوى.

الأمر الثاني قد يلجأ له بعض السلوكيين، وهو أن تفكري في أسوة، ما يمكن أن يحدث هذا أيضا متاح ومباح جداً من الناحية السلوكية، فرضاً أنه قد تزوج، فرضاً أنه قد أتى بامرأة أخرى، أنا بالطبع لا أدعوه إلى ذلك، وأرجو أن لا تفهمي خطأ، لكن أريدك أن تصل بتفكيرك لأسوأ درجات لما يمكن أن يحدث من مفهومك أنت، وحين تصلين إلى هذه المرحلة من التفكير وجد علم السلوك أنه سوف تبنى عندك دفاعات نفسية جديدة تقلل من مخاوفك.

أنا لا أدعوك للتشاؤم، لكن هذه طريقة سلوكية لمن يسيطر عليه القلق بصورة غير منطقية، وقد جد أن الإنسان يستطيع أن يتطبع، ويستطيع أن يتواءم مع هذا الشعور، من ثم يرفضه لأنه لم يحدث، هذه أيضاً حيلة سلوكية ربما تكون مفيدة.

المهم في الأمر أن تقومي بواجباتك الزوجية على أفضل ما يكون، وأن تكوني امرأة فاعلة وزكية، وتحفظ زوجها وزواجها وبيتها، وأن تديري وقتك بصورة صحيحة، وأن تتوكلي على الله تعالى وتسأليه التوفيق والسداد، والتوكل هو قول وعمل، هذه التخيلات والافتراضات السلبية من أنك سوف تفقدين شبابك وتكونين في مرحلة الكهولة والتجاعيد هي فكر مشوه، ويجب أن يتم التعامل معه على ضوء هذا الذي ذكرته لك، بعض الدراسات تشير أن تناول الأدوية المضادة للقلق والوساوس ربما تكون أيضاً مفيدة، وإن أردت أن تتناولي هذه الأدوية فلا بأس في ذلك، والدواء الأفضل دواء يعرف باسم فافرين Faverin والاسم العلمي هو فلوفكسمينFluvoxamine وجرعته هو أن تبدئي بــ(50) مليجرام لتناوليه ليلاً بعد الأكل، واستمري عليها لمدة شهر، وبعد ذلك ارفعي الجرعة إلى (100) مليجرام ليلاً، واستمري عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضي الجرعة إلى (50) مليجراما ليلاً لمدة شهرين، ثم توقفي عن تناول الدواء، هو دواء سليم وطيب جداً، وأعتقد أنه سوف يساعدك كثيراً في تحجيم هذا الفكر المشوه الاستحواذي.

انظري إلى الحياة بإيجابية أكثر كما ذكرت لك وكوني فعالة، هذا هو المطلوب.

أسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً