الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ترك الصلاة ووساوس العقيدة... كيف أخلص نفسي من ذلك؟

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي أني تركت الصلاة متعمدا، فتارك الصلاة كافر على الراجح، فعندما كنت أريد أن أسلم أريد أن أنطق الشهادتين وجدت في موقع إسلام ويب أنه يجب على ناطقها أن يكون على يقين عندما ينطقها، فبدأت الوسواس تأتيني.

1- قال الشيطان لي لا مانع من وجود إله آخر يخلق مع الله.
2- لا مانع من وجود كونين، ولكل كون إله.
3- قد يكون لله أب وأم.

ماذا أفعل لا أعرف الإجابة ساعدوني أنا في حيرة من أمري أخاف أموت وأنا كافر،
أنا على يقين من وجود خالق، ووجود نبي، ووجود القرآن، لكن هذه الشبهات تضايقني؟!

وشكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلا وسهلا ومرحبا بك.
وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونحن حقيقة سعداء بتواصلك معنا، فأنت رغم أنك ما زلت في سن صغيرة، إلا أن الله قد من عليك بقدر كبير من الوعي والحرص على معرفة الحق، وتحري الصواب، إذ أنك فعلا تتعرض لمشكلة عظيمة جدا، تتمثل في تركك للصلاة، وكذلك وقوعك في بعض الشبهات التي جعلت دينك يتزعزع، وجعلت إيمانك يتذبذب، وهي مما لا شك فيه قضايا عظيمة، لأن مرض الشبهات أخطر من مرض الشهوات، فالشهوات يعرف صاحبها أنه عاص، ولذلك يتوب إلى الله بالكف عنها، أما الشبهات فإن الشبهة إذا تمكنت من القلب قد يخرج بها العبد من الجنة إلى النار إلى غير رجعة والعياذ بالله.

ولذلك أحمد الله تعالى إليك يا ولدي، أن الله شرح صدرك للتواصل معنا، ولسؤالنا عن مشكلتك، وطلبك للمساعدة.

أولا: فيما يتعلق بأن تارك الصلاة كافر على الراجح، وعندما أردت أن تسلم أردت أن تنطق الشهادتين، ولكنك فوجئت بمن يقول لك، أنه لا بد أن تكون على يقين عند نطقها مما ترتب عليه ـ بارك الله فيك ـ أنك بدأت تدخل في دوامة الوسواس أكثر من ذي قبل، ووقعت فريسة الشيطان لعنه الله، الذي بدأ يزين لك هذه العبارات، بل ووصل به الحال إلى أنه أصبح يدفعك إلى أمور أكثر وأكثر من هذه الأشياء التي تؤدي بك إلى الوقوع في الكفر بالله، والعياذ بالله رب العالمين.

وأنا أقول لك: أن الأمر أبسط من هذا بكثير، فما عليك إلا أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن تعلم أن رحمة الله واسعة، وأن الله على كل شيء قدير،
وأن الله سبحانه وتعالى يفرح بتوبة عبده إذا رجع إليه، وأن الله يفرح بعودتك إليه فرحا عظيما، فلا ينبغي عليك أن تيأس من رحمة الله، فالله تعالى يغفر الذنوب جميعا، ومن تاب تاب الله عليه.

فعليك أولا: أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، بصرف النظر كونها بيقين أو بغير يقين.

وثانيا: أن تعود إلى الصلاة فوراً، فالصلاة ركن عظيم، وتاركها على خطر عظيم.

ثالثا: ألا تنتظر وألا تسوف في ذلك مخافة أن يتوفاك الله تبارك وتعالى وأنت على هذا الحال، فابدأ بالنطق بالشهادتين، وعليك بالعودة إلى الصلاة، واعلم أن الله تعالى سيغفر لك ويتجاوز عن سيئاتك ما دمت صادقا في توبتك، لأن الله تعالى يفرح بتوبة عبده فرحا عظيما.

رابعا: أتمنى أن تربط نفسك بحلقات التعليم، خاصة وأنت الآن في الإجازة، والفرصة أمامك سانحة فاربط نفسك بحلقات التعليم.

وحاول أن تقرأ في كتب العقيدة السليمة خاصة فيما يتعلق بتوحيد الربوبية حتى تستقيم نفسك، وحتى يعود إليك إيمانك،ويرجع إليك اطمئنانك ويقينك الذي كنت عليه من قبل.

واعلم أن الأمر سهل، وأن الله تعالى لن يتركك للشيطان ليفترسك؛ فالله تعالى يحبك ويفرح بعودتك إليه ويقف معك فلن ولن يتخلى عنك.

فعليك بما أشرت إليه بالنطق بالشهادتين، والبدء بالصلاة، والاجتهاد والمقاومة، واعلم أنك قادر على ذلك، واعلم أنه لن ينقذ أحمد مما هو فيه إلا أحمد.

ثالثا: عليك بالارتباط بحلقات التعليم، والجلوس مع المشايخ، وإخراج ما في نفسك لأحد المشايخ المقربين منك، سواء من أئمة المساجد، أو طلبة العلم الكبار الثقات الذين لديهم الخبرة في عملية التربية، ويعرفون كيفية توجيه الإنسان في مثل هذه الشبهات، وأكثر من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- وحاول أن تقرأ القرآن الكريم، وستجد فيه حلا شافيا لهذه المسائل.

وأيضا كلما جاءك الشيطان بهذه الشبه عليك أن تقول له: اعلم أن الله على كل شيء قدير، آمنت بالله وحده، كلما جاءتك شبهة قل هذا الكلام: أعلم أن الله على كل شيء قدير، أمنت بالله وحده، وحاول أن تسعيذ بالله من الشيطان الرجيم، وأن تتفل عن يسارك ثلاثا، وأن لا تستسلم لنزواتك أو لهذه الشبهات.

فإذا ما جاءتك الشبهة فاخرج منها بتشتيت الفكرة السيئة التي جاءتك، وحاول أن تنظر بنظرك يمينا أو يسارا أو أن تقرأ في كتاب، أو أن تطالع في الانترنت أو التلفزيون المهم أن تشتت الأفكار، ولا تستسلم لها حتى لا يتمكن الشيطان منك.

أنت قريب من الله، ولست بعيدا من الله، ومعصيتك مهما عظمت، فإن الله رحمته أعظم، ولكن الله تعالى يحب التائبين ويفرح بالتوابين، ويحب المتطهرين، فعليك بما ذكرت لك وأكرر، عليك بالنطق بالشهادتين، ولا تنظر لشيء آخر من هذه الكلام الذي قرأته، وعليك بصلاة ركعتين، وابدأ وامش في طريقك كما ذكرت لك، وابحث عن أهل العلم، وامشِ مع الصالحين، وبإذن الله تعالى سيسر الله أمرك، وسيفرج كربتك، وسيصلح الله حالك، واعلم أن الله على كل شيء قدير.

أسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يبارك فيك، وأن يصرف عنك كيد شياطين الإنس والجن، إنه جواد كريم.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً