الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تعرفت على فتاة وأريدها زوجة لي، كيف أعمل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالب جامعي عمري 22 عاما، توجد فتاة تدرس معي فتنت بها صراحة، لا أريد أن يكون معي أي علاقة بها حتى أعمل وأتقدم لخطبتها.

المشكلة كيف يمكن أن أصل إليها إذا الله وفقني في العمل؟ وللعلم أنا مغترب وهي من البلد الذي أدرس فيه، فكرت أني آخذ الإيميل بالحيلة، وما أراسلها إلا إذا توفرت شروط الزواج، لكن ما أدري ماحكم ذلك؟

أنا ما أفكر ألعب بالبنت، وفعلاً أريد الزواج منها.

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ السائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقك في دراستك، وأن يعينك على إتمامها على خير، وأن يجعلك من المتميزين المتفوقين.

كما نسأله -تبارك وتعالى- أن يمنّ عليك بزوجة صالحة مباركة، تكون عونًا لك على طاعته ورضاه.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-: أقول لك -حفظك الله- : إنه مما لا شك فيه أن الزواج غاية من الغايات التي يسعى كل مسلم بل كل إنسان لتحقيقها في حياته، لأن بها يعمر الكون وبها تستقيم الحياة وبها تكثر الذرية، وبها يغض الإنسان بصره ويعان على تحصين فرجه، وهي فطرة إنسانية فطرها الله تعالى في بني الإنسان، ولذلك أمر الله تبارك وتعالى بالنكاح وحث النبي -صلى الله عليه وسلم عليه-، إلا أن هناك أمرًا ينبغي أن لا يغيب عن بالك: أن قضية اختيار الزوجة ليست مجردة من أقدار الله تعالى، والإنسان مهما كان شأنه ومهما كانت رجاحة عقله لا يستطيع أن يأخذ قرارًا بعيدًا عن إرادة الله تعالى، وأقصد بذلك أن الله تبارك وتعالى قدر المقادير وقسم الأرزاق قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، ومن هذه الأرزاق الزوجات، فأنت لك زوجة في علم الله -تبارك وتعالى-.

فثق وتأكد أنك سوف تحصل على الزوجة التي قدرها الله لك بأي وسيلة كانت، لأن الله ما دام قد يسرها لك وكتبها لك فلا بد أن تكون لك وأن تكون لها، وأن أهلها مهما حاولوا لم ولن يستطيعوا أن يحولوا بين قدر الله تعالى الكوني والشرعي، ولذلك أتمنى أن تطمئن نفسًا، وأن تعلم أن هذه الفتاة لو أن لك فيها من نصيب فسوف تكون لك -بإذن الله تعالى-.

أتمنى أن لا تشغل بالك الآن بشيء من هذه الأمور التي تذكرها، وإنما أود منك أن تركز على دراستك، وكم أتمنى أن تأخذ قرارًا بأن تكون متميزًا، بمعنى أن تكون الأول على دفعتك، لعل الله أن ييسر لك فتصبح أستاذًا في الجامعة يكون نفعك أعظم وأتم من كونك موظفًا عاديًا في دائرة من دوائر الدولة، فأتمنى أن تركز على هذا الجانب، وأن تعلم أن هذه الفتاة لو أنها من نصيبك فسوف تكون لك بإذن الله، سواء أخذت الإيميل أو لم تأخذه، هذا لا يقدم ولا يؤخر من الأمر شيئا، وعندما تشعر -بإذن الله تعالى- أنك قد أصبحت مؤهلاً للارتباط بها من الممكن أن تتقدم لها، وثق وتأكد أنها إن كانت من نصيبك لن يتقدم لها أحد سواك، حتى وإن تقدم لها غيرك فلن يتم قبوله لأنه ليس الشخص الذي أراده الله أن يكون زوجًا لها.

أنا أتمنى أن تقر عينًا، وأن تطمئن نفسًا، وأن تهدأ بالاً، وأن تعلم أن هذه المسألة بيد الله -تبارك وتعالى- وحده، وكل الذي أريده أن تقوم أنت به إنما هو الدعاء، وأن تقول (اللهم إن كانت هذه الفتاة تنفعني في ديني ودنياي فأسألك اللهم أن تجعلها من نصيبي وأن تيسر لي الارتباط بها) إلى غير ذلك من الدعوات المتعلقة بهذا الموضوع.

لأنها قد تبدو لك في الظاهر هي الشخصية المناسبة الوحيدة، ولكن قد يكون ذلك في علم الله على خلاف ما تتوقع، فكم من فتاة أحبها الإنسان وكانت سبب عذابه وشقائه في الدنيا ولعل أيضًا يمتد هذا الشقاء إلى الآخرة.

أنا أتمنى بارك الله فيك أن تصرف عنك كل هذه الأفكار كلها، وأن تركز -كما ذكرت- على مستواك الدراسي والتعليمي، وأن تقرر بأن تكون متميزًا متفوقًا، حتى إذا ما تقدمت لها أو لغيرها كنت على وضع يؤهلك لأن تكون مقبولاً وأن يطمع الناس في الارتباط بك، لأنك من الشخصيات المتميزة والجادة والناجحة بمعنى الكلمة، واترك هذا الأمر كله لله تعالى، ولكن كل الذي يمكن أن تفعله إنما هو الدعاء إلى الله -تبارك وتعالى- إذا كان فيها من خير أن يجعلها من نصيبك، ولكن رجائي وأكرر -أخي الكريم الفاضل-: لا تشغل بالك بهذا الموضوع، لأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، وكما قال الله -تبارك وتعالى-: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} وقال جل وعلا: {وخلق كل شيء فقدره تقديرًا} فكل شيء يقع في هذا الكون إنما هو بتقدير الله -تبارك وتعالى- وترتيبه.

نحن مطالبون بالأخذ بالأسباب ولكن في حينها، وأنت الآن ما زالت أمامك فرصة من الدراسة ولم تنته بعد منها، وأنت أيضًا لا ترغب في الارتباط بها الآن لأنك رجل واقعي وهذا شيء رائع وعظيم، ولقد أعجبتني فعلاً بواقعيتك الطيبة من أنك لا تريد أن تتكلم معها ولا تقيم معها علاقة ما دمت لست قادرًا على الارتباط بها بطريقة شرعية صحيحة.

ولعل هناك مشكلة أخرى أيضًا أنت لم تنتبه لها أنها ليست من نفس بلدك، فقد تكون موافقة هي في حد ذاتها ولكنّ أهلها يرفضون أن تتزوج ابنتهم بعيدة عنهم، وهذا وارد جدًّا، ولذلك وأنصح -وأنا أخوك- أن تترك الأمر لله تعالى وأن تجتهد كما ذكرت في دراستك، وأن تحرص على أن تكون متميزًا متفوقًا، وأن تتوجه إلى الله بالدعاء بأن هذه الفتاة إذا كان فيها من خير لك في دينك ودنياك أن يجعلها الله من نصيبك، وثق وتأكد بأنها إذا كانت لك فسوف يذلل الله تعالى كل هذه العقبات وسوف تكون لك -بإذن الله تعالى-.

أسأل الله تعالى أن ييسر لك كل خير، وأن يوفقك إلى كل خير، وأن يعيننا وإياك على ذكره وشكره وحسن عبادته، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً