الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سبب عدم التحسن على علاج نوبات الهلع؟

السؤال

مررت بموقف مخيف وأنا في الثالثة من عمري، وتم معالجتي شعبياً، وعشت طوال طفولتي خائفاً وقلقاً، وبعد البلوغ خف الخوف واستمر القلق، وفي عام 97 أصبت بنوبة قلق وهلع وتعالجت على الأدوية القديمة ثلاثية الحلقات، وفي عام 2004 عاودتني الأعراض وأخذت لسترال 50 وتحسنت واستمريت عليه إلى 3/2011 ثم أوقفت الدواء، وبعد ثلاثة أشهر عاد القلق فذهبت لطبيب شخص حالتي بقلق عام مع نوبات هلع، وأعطاني سبراليكس حبة يومياً وتحسنت عليها 40% ثم رفع الجرعة حبتين فزادت نوبات الذعر والقلق، وأصبحت أعراض القلق بادية علي طول اليوم من أرق وتعرق وقلق توجسي، ثم قطعت العلاج بعد شهر من استخدام الحبتين، وجلست ثلاثة أشهر على الرقية وتتحسن حالتي أياما وتسوء أياماً أخرى، ثم ذهبت لطبيب في بداية رمضان الماضي وشخص حالتي بقلق عام مع اكتئاب ثانوي، وصرف لي لسترال100، وكان التحسن 30% مع تذبذب واضح للحالة ما بين تحسن وسوء في اليوم الواحد، أو أسبوع تتحسن وأسبوع تسوء، وبعد أربعين يوماً على الدواء ذهبت لطبيبي وناقشت معه التذبذب في الحالة فأضاف لي لامكتال 25 لمدة أسبوعين ثم 50.

الآن أرجو مساعدتكم والإجابة على أسئلتي:

1- لماذا لم أتحسن على العلاج رغم مرور 45يوما؟

2- لقد ذكرت في إحدى استشاراتك لأحد المرضى بظاهرة كندلنج، فهل هذه الظاهرة تظهر على المريض من أول تجربة مع الأدوية النفسية أم تظهر عند تكرار الانتكاسة؟ وهل هذه الظاهرة تنطبق علي رغم أن لي تجاربا كثيرة مع الأدوية النفسية ونجحت معي؟

3- كيف أواجه التقلبات في حالتي وأتحمل أعراض القلق السيئة من حرارة مثل الشطة في الظهر، وضعف عام، ودوخة وعدم تركيز، وخوف رغم استخدام العلاج؟

4- لو كنت ممن لا يستجيب للأدوية هل سأبقى هكذا حتى يقضي علي المرض؟

5- هل بالدواء فقط يتحسن المريض؟ وما نسبة دور الدواء في تحسن المريض؟ وما نسبة التوجه الديني والمشي والحجامة في التحسن؟

5- منذ استخدام المريض للدواء ما هي المراحل التي يمر بها حتى يتحسن؟ وكم مدة كل مرحلة حيث أن مرضي أثر على عملي وأنا أعول أسرة كبيرة؟

سؤال آخر: أعاني من قلق واكتئاب ثانوي ودكتوري يحذرني من مطالعة تجارب المرضى في النت، معللاً ذلك بأنني في هذه الفترة سريع تقبل الإيحاء، وأن غالبية المرضى الذين يكتبون في النت هم من لم يشفَ من المرض، أو يكتبون تجاربهم السيئة مع الطب النفسي فقط، مما يسبب لك التشاؤم والإحباط، أما من يشفى فمن النادر أن يكتب عن حالته؛ فهل هذا صحيح؟ وما رأيك أنت يا دكتور محمد؟

وجزاك الله عنا خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا، وأشكر لك التواصل مع إسلام ويب.

هناك عدة أسباب تجعل الكثير من الذين يعانون من أمراض نفسية لا يستجيبون للعلاج الدوائي، أول الأسباب: أن يكون التشخيص خاطئا.

ثانيا: أن تكون جرعة الدواء غير صحيحة، أو يكون الدواء نفسه غير صحيح.

وثالثا: أن تكون مدة العلاج غير منضبطة.

ورابعا: أن تكون علة عضوية مصاحبة لم يتم تشخيصها، فمثلا كثير من حالات القلق والاضطرابات النفسية ربما تكون مصحوبة باضطراب هرمون الغدة الدرقية، وإذا لم يتم معالجة الاضطراب العضوي بالطبع لن تتحسن الحالة.

خامسا: أن بعض الناس حين يتحسن نسبيا مع الدواء يتوقف عن تناوله أو لا ينتظم.

سادسا: عدم الأخذ بالمنهج العلاجي الشامل، وهو أن الأمراض النفسية لا تعرف أسبابها، ولكن هناك عوامل بيولوجية ونفسية واجتماعية قد تلعب دورا في حدوث هذه الحالات، ولذا يجب أن يكون العلاج بيولوجيا ونفسيا واجتماعيا، ونقصد ببيولوجيا هو العلاج الدوائي، ونفسيا هو العلاج النفسي السلوكي أو أي علاج يراه الطبيب، والعلاج الاجتماعي وهو الذي يقوم على تغيير نمط الحياة والتفكير الإيجابي وممارسة الرياضة، وتمارين الاسترخاء، والترويح على النفس بما هو مطلوب، وإدارة الوقت بصورة جيدة، وهناك أشياء أخرى.

إذن أخي الكريم: هذه الأسباب التي تجعل الناس في الغالب لا يستجيبون بصورة جيدة، في حالتك أنت الحمد لله تتواصل مع أطباء والأطباء مقتدرين في الوصول إلى التشخيص الصحيح، وأقول لك إن مدة 45 يوما ليست كافية في بعض الحالات، رأينا من تحسنت حالته بعد 4 أو 5 أو 6 أشهر على الدواء، فيا أخي الكريم عليك بالصبر على العلاج، وسيكون من الجيد أن تستصحب مع العلاج الآليات الأخرى التي ذكرناها خاصة التفكير الإيجابي وممارسة الرياضة، وإدارة الوقت بصورة جيدة، والتواصل الاجتماعي.

ظاهرة الكيندلني ليست بهذه السهولة، فالظاهرة معقدة جدا، وبعض المرضى قد يحدث لهم اضمحلال في مستوى الاستجابة للدواء، وذلك نسبة لأن درجة الإطاقة ارتفعت عن مستوى الناقلات العصبية.

أنا لا أعتقد أن شيئا من هذا قد حدث لك، فأنت ملتزم بالعلاج بدرجة جيدة، فأرجو أن لا تشغل نفسك بهذا الموضوع أبدا.

التقلبات في الحالة تواجه من خلال إعادة النظر في التشخيص، وأنا أنصحك بأن تقابل الطبيب مرةً أخرى، وناقش معه التشخيص، والآن هناك توجهات كثيرة جدا في الطب النفسي في أن تناول الأدوية المضادة للذهان بجرعات صغيرة حتى وإن كانت الحالة ليست ذهانية يساعد كثيرا في علاج القلق والتوترات والمخاوف والوساوس وحتى الاكتئاب، إضافة إلى أن الاكتئاب أمر جيد كأحد مثبتات المزاج، لكن إضافة دواء مثل سوركويل والذي يعرف باسم كواتيبين بجرعة صغيرة أو رزبريادون بجرعة صغيرة، هذا أيضاً قد وجد أنه مفيد في بعض الحالات.

ولا بد أن يحدوك الأمل أخي الكريم ولا تكون سلبيا في تفكيرك، وكن إيجابياً واصنع لنفسك إرادة التحسن لأنها مطلوبة، وهي تحسن من استجابة الإنسان للعلاج.

أنا أقول لك لن تبقى على هذا الأمر أبدا، وذلك لسبب بسيط أولا الأدوية موجودة وطرق العلاج متوفرة والعلم يسير بخطوات إيجابية جدا، ونأمل إن شاء الله تعالى أن تظهر أدوية أكثر فاعلية.

بالنسبة لسؤالك: وما نسبة دور الدواء في تحسن المريض؟

في بعض الحالات يكون دور الدواء مائة بالمائة وفي بعض الحالات يكون عشرة في المائة مثلا مرض مثل مرض الفصام دور الدواء هو دور أساسي جدا، وكذا الاكتئاب دور الدواء فيه دور أساسي جدا، وبعد ذلك يأتي دور الأدوية الأخرى، الوساوس القهرية دور الدواء فيها خمسين في المائة، والمخاوف الاجتماعية دور الدواء أربعين إلى خمسين في المائة، وهكذا.

وظروف المريض وشخصيته ومستوى نضوجه الاجتماعي ومساندته والتدعيم الذي يجده ومهارته الاجتماعية، هذه كلها تلعب دورا في تحسن المريض من عدمه.

المراحل التي يمر بها المريض في استعمال الدواء هي أن تكون هنالك مرحلة تمهيدية، ثم مرحلة علاجية، ثم مرحلة الاستمرارية، ثم التدرج والتوقف من الدواء.

أخي أريدك أن تتفاءل تماما، وأؤكد لك أن حالتك يمكن أن تعالج، والأمل والرجاء مطلوب دائما.

بارك الله فيك وجزاك الله خير، وأسأل الله لك الشفاء والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً