الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وساوس في ذات الله فما الخلاص منها؟

السؤال

بدأت رحلتي مع الوسواس أو لا أدري ما هو؟ عندما كان عمري أربعة عشر، حيث إني شككت في وجود الله، ثم تخلصت من ذلك الإحساس الخانق بعد أسبوع، ثم أصبحت أتساءل لِمَ أنظر بعيني إلى الأمام فقط، واجتزت ذلك.

ثم بدأت شيئا فشيئا حتى اقتنعت بتفاهته، ومن حينها أصبحت أفكر في كل شيء بنسق مبالغ فيه، حتى يومنا هذا عدت لأقول أنا من أنا؟

وأنا متفوقة جدا في الدراسة ومحجبة، وأقف مندهشة حينما أفكر هكذا؛ لأنني ذات نظرة منطقية بحتة في كل شيء، و لكن أحس بأنها أفكار تسلطية لا حل لها.

فماذا أفعل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حليمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فالحمد لله تعالى الذي خلّصك من الوسواس حول الذات الإلهية، وأعرف أنه وسواس سخيف، ومؤلم على النفس، -وإن شاء الله تعالى- لا حرج عليك.

وضعك الآن يدل أنه لديك مزاجا وسواسيا، هذه الأسئلة المستحوذة والتي تفرض نفسها عليك هي في نطاق الوساوس القهرية، لكنها خفيفة الحدة، وليست مطبقة، -وإن شاء الله تعالى- تتعاملين معها بنفس أسلوب التحقير، وأن تعتبريها سخيفة وتقاوميها وتتجاهليها، وتستبدليها بفكر مضاد، هذه هي المبادئ العلاجية الرئيسية، وفي مثل حالتك وحتى يأتي الشفاء عاجلاً -إن شاء الله تعالى-.

أنصحك بتناول دواء بسيط يناسب عمرك، وذو فعالية كبيرة جدًّا لعلاج الوساوس من هذا النوع، الدواء يعرف تجاريًا باسم (فافرين)، ويسمى علميًا باسم (فلوفكسمين)، الجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تبدئي بخمسين مليجرامًا، تناوليها ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، بعد ذلك ارفعيها لجرعة مائة مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم إلى خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

هذه الجرعة جرعة بسيطة جدًّا من الفافرين، حيث إن الجرعة القصوى هي ثلاثمائة مليجرام في اليوم، ولكنك لست في حاجة لهذه الجرعات الكبيرة.

هنالك أدوية بديلة كالبروزاك، والسبرالكس، لكن أعتقد أن الفافرين هو الأفضل والأسلم والأميز في مثل عمرك.

من الضروري جدًّا أن تطلعي والديك على ما تعانين منه، وعلى ما وجهناك من إرشاد، وإذا كانت هنالك إمكانية للذهاب لمقابلة الطبيب النفسي فهذا أيضًا أمر حسن وجيد.

أؤكد لك أن الوساوس القهرية الآن هي في متناول العلاج، في الماضي كان يصعب علاجها لعدم توفر أدوية فعالة، لكن -الحمد لله تعالى- الآن بجانب هذه الأدوية المتميزة هنالك العلاج السلوكي، والذي يقوم على المبادئ التي ذكرناها لك وهي: التجاهل والتحقير، واستبدال الفكرة بفكرة مضادة.

ركزي على دراستك، كوني فعالة، اشغلي نفسك في البيت، تواصلي اجتماعيًا مع صديقاتك، وهنالك أيضًا تمارين الاسترخاء يُنصح بتطبيقها مع الذين يعانون من الوساوس القهرية؛ لأن الوساوس هي في الأصل قلق، وتمارين الاسترخاء تؤدي إلى الكثير من الطمأنينة، وللتدرب على هذه التمارين أرجو أن تتصفحي أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية تطبيقها.

استعيذي بالله من الشيطان الرجيم، -وإن شاء الله تعالى- سيخنس هذا الوسواس، وينتهي إلى الأبد.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً