الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حائرة بين مجالات عدة, فماذا أختار؟

السؤال

أنا طالبة بكلية العلوم قسم علوم البيئة بالسنة النهائية، كنت متفوقة في الثانوية العامة, إلا أنه بسبب المعاملة السيئة من بعض أعضاء هيئة التدريس لبعض الطلبة ممن كانوا في الدول العربية, واضطهادهم وترسيبهم في موادهم إجباريا دون رأفة أو تصحيح؛ فقدت الثقة في نفسي, وكرهت الكلية والتعليم.

لقد تعرضت لصدمة شديدة في أولى سنواتي, لدرجة أنني خسرت عشرين كيلوا من وزني دفعة واحدة, ولازلت أتعاطى مضادات الاكتئاب والحساسية المفرطة, أصبحت أنجح بصعوبة بالغة, وتدهور مستواي الدراسي كثيرا! لكني -والحمدلله- أواظب على حضور دورات التنمية البشرية, وعلى قراءة وحفظ القرآن, ومعاملة الناس بالطيب.

أنا في مفترق طرق, قسمي يتيح لي إما :

1- تحضير دراسات عليا في البيئة, والعمل في المصانع ومكاتب استشارات البيئة, علما بأنه يفضل دائما الذكور في هذا المجال.

2- تحضير دبلوم تربوي لمدة سنة والعمل كمدرسة.

3- تحضير دبلوم في التحاليل المعملية, وافتتاح معمل تحاليل, والحصول على لقب دكتورة للتحاليل.

4- أخذ منحة مجانية في الحاسب الآلي لمدة تسعة أشهر مع راتب, والعمل كمدربة حاسب آلي.

5- دخول كلية أخرى لمدة أربع سنوات كاملة.

6- الحصول على عدد من دورات التنمية البشرية والعمل كمدربة.

علما بأني أرى نفسي مائلة لمجال إدارة الأعمال, وقمت بعمل عدد من الاختبارات في الشخصية والمهنة والوظيفة, أنا حائرة ومشتتة, وأخاف أن يتقدم لي من يرفض هذا كله، لا أستطيع أن أتوقف عن تخيل نفسي محاضرة في جامعة مرموقة بدرجة علمية عالية, وأنظر إلى حالي وأتحسر على نفسي, وأخاف أن يضيع عمري سدى دون أن أصل لغايتي, لقد تأثرت في هذه الكلية اللعينة, حتى أنني رسبت مرتين! وأنظر إلى زملائي الناجحين والمتفوقين ممن هم أصغر مني, وقلبي يتقطع, وأحس بالحرقة الشديدة على ما وصلت إليه حالتي, وتذمرت شخصيتي.

لقد كرهت المجال الذي اخترته بإرادتي, وظننت أني بانتهاء الدراسة هذا العام سأنتهي من المشاكل, لكن يبدو أنها لم تبدأ بعد! أفكر في آخر اثنين أو أكثر مما سبق في نفس الوقت ولكن أهلي يعارضون.

أدعو الله أن ينتقم لي ممن ظلمني , وأشكره أن فتح لي كل هذه الأبواب, لكني حائرة ومشتتة ولا أعرف من أيها أدخل.

أرجوكم ساعدوني، وبارك الله فيكم أجمعين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ هبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

شكرا لك على السؤال، وعلى هذه الخيارات المتعددة، والتي لا أظنك تتوقعين منا أن نقوم بالعمل الذي لابد لك من القيام به! - وكما ذكرت في آخر سؤالك- الحمد لله أن أتاح لك هذه الاحتمالات والخيارات، ولكن علينا أن نحسن التعامل مع كل هذه الاختيارات، وكما قال الشاعر:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة *** فإن فساد الرأي أن تترددا

لا بد من الخروج من التردد، واتخاذ القرار الأقرب للصواب، فليس هناك شيء 100%, ولكن نسدد ونقارب، ونحاول اختيار ما نعتقد ونشعر بأنه الأفضل لنا، نعم قلت ما نعتقد ونشعر بأنه الأفضل، فاستعمال مشاعرنا بالإضافة إلى تحليلنا المنطقي هو ما يسمى بالذكاء العاطفي، أي أن نفكر بالأمر، ولكن في نفس الوقت ننظر فيما يقوله لنا قلبنا، وما نشعر به في أعماق نفوسنا، بالإضافة للجانب العقلي والمنطقي.

لقد ذكرت ستة أو سبعة خيارات، فأين تجدين نفسك منها بعد سنتين، ثلاث، وخمس سنوات؟

من الصعب علينا أو على غيرنا من الناس أن يعطيك جوابا واحدا؛ يكون جامعا مانعا في الطريق الذي عليك أن تسلكيه، وأنه الأمثل لك، فهناك معطيات كثيرة، عنك وعن شخصيتك وميولك, وعن نوعية الدراسة أو التدريب، وعن طبيعة العمل المتوفر، وعن أوضاعك الاجتماعية والأسرية والاقتصادية, وما يناسبني أو يناسب غيري، قد لا يناسبك، والعكس صحيح.

يمكنك أن تستعيني بالطريقة التقليدية المعروفة، أن تضعي ورقة لكل من الاحتمالات السابقة، وتكتبي على كل ورقة عمودين، واحد لإيجابيات كل خيار، والآخر للسلبيات، وتنظري فيما أمامك، فقد يظهر لك أحد الاختيارات أنه الأرجح، وكما قلت: ليس بالضرورة 100%.

الطريقة الأخرى والتي يمكن جمعها مع الطريقة السابقة، أن تحاولي استبعاد بعض هذه الاحتمالات، فابدئي باستبعاد بعضها، واحدا تلو الآخر، وأبقي أمامك فقط الاحتمالات التي يصعب عليك استبعادها، فقد يكون هذا هو المفضل لديك، وعندها {فإذا عزمت فتوكل على الله} كما يقول تعالى لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم.

وأسأل الله لك التوفيق والسداد في الدنيا والآخرة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً