الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

لدي اكتئاب مصحوب بخجل شديد أفقدني الأصدقاء ... ما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,,

هذه رسالتي للدكتور محمد عبد العليم، أتمنى إيصالها، وأشكر لكم جهودكم في سبيل مساعدة المسلمين، سائلا الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.

لدي مشكلة بدأت من سن المراهقة، ابتدأت حالتي باكتئاب، مصحوبا بخجل شديد، وبعدها تغير أسلوبي وتصرفاتي، وأصبحت كثير الصمت والتفكير، ولا أجيد الكلام, أو التحدث مع الآخرين، حتى لم تعد لي لهجة معينة.

أصبحت متقلب المزاج، والآن أنا عمري 25 دائما أفكر بأمور، وتفاصيل ليست مهمة، وأفكر بالجنس كثيرا، ولا أستطيع الجلوس مع الآخرين، وأشعر أني دائما مراقب في الشارع، أو في المجلس!

لم يعد لي أصدقاء بسبب أسلوبي في الحديث، فأنا متقلب الأسلوب واللهجة، لا أعلم لماذا! علما أني كثير الانتقاد, وشديد الملاحظة للتفاصيل.

أشعر بالقلق دائما بدون مبرر، لا أجيد الحديث حتى على الشات، ولا أجيد التعبير الآن, أشعر أني بدأت أخرف, وأحيانا أتعمق بالحديث، وأنسى نفسي، وأتكلم بأشياء ليس لها داع.

أرجو منكم مساعدتي، آمل من الله ثم منكم أن أجد تفسيرا لمشكلتي، ومساعدتي على حلها.

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سلمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أنا لا أعتقد أنك تعاني من مشكلة نفسية رئيسية، وذلك برغم المتاعب التي تشتكي منها.

لديك حالة قلقية، والقلق أدخلك - كما تفضلت - في نوع من الخجل الاجتماعي، وأصبحت تأتيك بعض الشكوك الظنانية حول مقاصد الآخرين نحوك، وفي ذات الوقت يسيطر عليك التفكير الوسواسي، والذي تمثل وتجسد في انشغالك بالأمور التي لا تستحق الاهتمام كثيرًا، ودخولك في تفاصيل ليست مهمة، والانشغال والتفكير الجنسي الذي تحدثت عنه هو أيضًا مرتبط بحالة الوساوس التي تعاني منها.

كما تلاحظ أنني قد استعملتُ عدة مصطلحات (الوساوس، القلق، المخاوف، الاكتئاب)، هذه لا تعني أنك تعاني من عدة أمراض أو عدة تشخيصات، هو تشخيص واحد، أنا أعتبره نوعا من القلق الوسواسي، وليس أكثر من ذلك، ويعرف عن مثل هذه الحالات أنها تسبب لصاحبها نوعًا من عسر المزاج، الذي يمكن أن نسميه اكتئابًا ثانويًا.

من إفرازات هذه الحالات أيضًا - كما تفضلت – هي العزلة وافتقاد الرغبة في التفاعل الاجتماعي، كما أن التركيز قد يضعف، هذا كله ناتج من حالة القلق الوسواسي الذي تعاني منه.

إذن تفهمك لوضعك من المفترض أن يساعدك كثيرًا، خاصة أن الحالة غير خطيرة، فحاول أن تصرف انتباهك عن كل هذه المشاغل النفسية، وذلك من خلال النظرة الإيجابية نحو ذاتك، يجب أن تقيم نفسك بصورة أفضل، احرص على التفاعل الاجتماعي، نظم وقتك بصورة إيجابية، فهذا أيضًا أحد مفاتيح النجاح الرئيسية.

ممارسة الرياضة دائمًا من الأمور التي ننصح بها كثيرًا، وأعتقد أيضًا أنك في حاجة خاصة لأن تُكثر من القراءة، القراءة الفاعلة والجيدة؛ لأن القراءة ترفع رصيد الإنسان في المعرفة, وتجعله يحاور ويناقش، ويتداخل فكريًا ومعرفيًا مع الآخرين، وهذا يعطيك ثقة كبيرة جدًّا في نفسك، فكن حريصًا على ذلك.

بقي أن أقول لك: إنه لا مانع أبدًا أن تتناول علاجا دوائيا بسيطا من النوع المضاد للقلق والوساوس والشكوك، وأعتقد أن عقار فافرين, والذي يعرف علميًا باسم «فلوفكسمين» سيكون الأنسب جدًّا لحالتك، وجرعة البداية صغيرة، وهي = خمسون مليجرامًا ليلاً بعد الأكل، وبعد مضي أسبوعين ترفع الجرعة إلى مائة مليجرام لمدة أربعة أشهر، ثم تخفض إلى خمسين مليجرامًا لمدة شهرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

يمكن أن يُدعّم الفافرين بدواء آخر، وبجرعة بسيطة، هذا الدواء يعرف علميًا باسم (سلبرايد), ويسمى تجاريًا باسم (دوجماتيل)، هو دواء جيد لعلاج القلق، ويتمتع بفعالية ممتازة جدًّا، حين يتم تناوله مع الفافرين, أو أحد الأدوية المشابهة للفافرين.

الجرعة المطلوبة في حالتك أيضًا هي جرعة صغيرة جدًّا، وهي كبسولة واحدة، وقوة الكبسولة هي خمسون مليجرامًا، تناولها يوميًا لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدوجماتيل، لكن استمر في تناول الفافرين حسب ما وصفت لك.

لا تقلق أبدًا، كن إيجابيًا في تفكيرك، وإن شاء الله تعالى موضوعك بسيط جدًّا.

بارك الله فيك، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً