الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مللت من نفسي ومن هذه العصبية ...فكيف أعود لحالتي الطبيعية؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله عنا كل خير.

عمري 42 سنة، منذ عشرين عاماً أصبت بفرط نشاط الغدة الدرقية، وأخذت الدواء لمدة سنتين، وتحسنت صحتي والحمد لله، وتزوجت وبحمد الله حملت فوراً، وأنجبت ولداً عمره الآن 15 سنة، ولكن عندما حملت به أصابني شيء لا يوصف، فجأة أحسست بأن الحياة قد انتهت، وأصابني تعرق شديد وخوف، ورجفان بأطرافي، وخفقان بقلبي، وخوف شديد لا يمكن وصفه، وأحسست بأنني سأموت.

بعد ولادتي ذهبت لدكتور عصبية، ووصف لي دواء اسمه فلوزاك، أخذته لمدة ثم غير لي الدواء وأصبحت آخذ دواء جديداً اسمه زولوبريس، وتحسنت، ولكن لم أعد كما كنت في السابق، فأنا إنسانة اجتماعية، وأحب الناس، مع العلم أن هرمون الحليب عندي مرتفع دائماً، والدورة غير منتظمة، ودائماً عصبية المزاج، وخائفة من الموت، وحياتي ليس لها طعم، بالرغم من أنني والحمد الله أصلي وأقرأ القرآن، ولكن مللت من نفسيتي هذه ومن هذه العصبية المفرطة، وخاصة عندما أستيقظ صباحاً، حتى إن ابني أصبح عصبياً مثلي.

أرجوكم: أريد حلاً لمشكلتي لأعود كما كنت سابقاً، فعائلتي بحاجة إلي، وخاصة ابني الوحيد، مع العلم أني دائماً أحس بعدم نشاط وخمول وقلة تركيز، وأخاف من اتخاذ أي قرار، فهل لمشكلتي حل عندكم؟ جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تمارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإن هذه الأعراض التي ذكرتها، والتي تعانين منها الآن هي أعراض اكتئابية من الدرجة البسيطة إلى المتوسطة.

أما ما حدث لك سابقًا - وهو تقريبًا قبل خمسة عشر عامًا – ومع الحمل فهو نوبة هرع أو ما تسمى بنوبة هلع، وكان قبل ذلك -أي قبل خمسة عشر عامً – لم تكن حالات الهلع أو الهرع مشخصة بمعايير نفسية سليمة ودقيقة، لكن الآن اتضحت الصورة، وأصبحت هنالك ضوابط ومعايير تشخيصية، وأقول لك: إن كل ما حدث لك هو جزء من نوبة هلع وليس أكثر من ذلك، وهو نوع من القلق الحاد الذي يأتي فجأة ويسبب الكثير من القلق والتوتر والإزعاج، لكنه إن شاء الله يختفي.

الذين تحدث لهم هذه النوبات – نوبات الهلع والهرع – غالبًا لديهم شيء من الحساسية النفسية، وهذا قد يجعل الإنسان عرضة للاكتئاب في المستقبل، وهذا هو الذي حدث لك الآن، خاصة أن عمرك هذا -عند النساء- يعرف أن عدم التوازنات الهرمونية قد تبتدئ، وهذه في حد ذاتها تُدخل المرأة في اكتئاب نفسي.

العلاج إن شاء الله تعالى بسيط، ويتمثل في العلاج الدوائي وكذلك التفكير الإيجابي، ومحاولة إدارة الوقت، وإدارة الحياة بصورة أكثر إيجابية.

ما تعانين منه الآن من ارتفاع في هرمون الحليب أعتقد أن ذلك يحتاج لمراجعة طبيب الغدد أو الطبيبة النسائية، فربما تحتاجين لعمل صورة مقطعية للدماغ للتأكد من حجم الغدة ووضعها، وبما أن لديك تاريخاً سابقاً فيما يخص اضطراب الغدة الدرقية، فأعتقد أن إعادة الفحوصات الهرمونية كاملة سوف يكون أمرًا مطلوبًا، كما أن الصورة المقطعية سوف تكون مفيدة جدًّا إن شاء الله تعالى.

العلاج الذي أنصح به في مثل هذه الحالة هو أحد مضادات الاكتئاب، والفلوزاك الذي تناولته سابقًا والذي يعرف علميًا باسم (فلوكستين) يعتبر علاجًا مثاليًا جدًّا لحالات الاكتئاب المصحوبة بالخمول وافتقاد الطاقات النفسية والجسدية والشعور المطبق بالملل، لكن من الضروري جدًّا أن يكون هنالك التزام قاطع بالجرعة الدوائية في وقتها، وأن تكون المدة العلاجية صحيحة أيضًا.

الفلوكستين يُبدأ تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، استمري عليها لمدة شهر، ويفضل تناول الدواء بعد الأكل، يمكن تناوله صباحًا، وبعد شهر ارفعي الجرعة إلى كبسولتين في اليوم، يمكن تناولها كجرعة واحدة يوميًا أو تكون كبسولة صباحًا وكبسولة مساءً، ومدة العلاج على هذه الجرعة هي أربعة أشهرها، بعدها تخفض الجرعة إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم يتم التوقف عن تناول الدواء.

في حالتك أيضًا ممارسة التمارين الرياضية مهمة جدًّا، فأي تمارين رياضية مناسبة سوف تكون ذات فائدة عظيمة بالنسبة لك؛ لأن الرياضة تحسّن المزاج، وهذا قد أُثبت الآن بالأبحاث ولا شك في ذلك، كما أنها تجدد الطاقات الجسدية وكذلك الطاقات النفسية، وفي مثل حالتك إن شاء الله تعالى تكون لها قيمة إيجابية إضافية، وهي منع هشاشة العظام، فكوني حريصة على ممارسة الرياضة.

من الضروري جدًّا أيضًا أن تديري حياتك بصورة أفضل، وذلك من خلال الاستفادة من الوقت بصورة إيجابية، وزيارة الأرحام، والاهتمام بالأعمال المنزلية، ولا شك أن ابنك هو مسار اهتمامك، نسأل الله تعالى أن يحفظه لك، فاحرصي على توجيهه بالصورة الصحيحة، وعليك بالقراءة والاطلاع..هذا كله إن شاء الله تعالى يضيف إضافات سلوكيات إيجابية جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً