الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من اكتئاب شديد وأصبحت أتلذذ بتدمير نفسي.. ما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكورين على جهودكم الطيبة، وعسى أن تكون في ميزان حسناتكم.

أنا -يا فضيلة الشيخ- فتاة، كانت لي طموحات, وأحلام, وأمل في الحياة، كنت متفوقة وسعيدة في حياتي، ولكن الآن كل شيء انقلب، وأصبحت بعد دخولي الجامعة إنسانة سلبية, ضعيفة الإرادة, منعزلة, وكئيبة, وأحب الوحدة، ولم يعد في رأسي إلا الأفكار الهادمة والسوداء.

أحسست وكأني لست من هذا العالم، فما كان مني إلا أن خرجت من الجامعة، وأصبحت الآن جثة تتنفس، أموت كل لحظة، دمرت نفسي بقرار غبي، وأصبحت أتمنى الموت، أصبحت كسولة, ولا أفكر بالغد، عصبية, وأصرخ دون سبب، أحس بالراحة عندما أصب جام غضبي على أي أحد, ولو لسبب تافه.

أربع سنوات مضت لا أدري كيف لم أخرج من البيت؟! ولا أعيِّد في العيد مع العائلة، أستخسر في نفسي حتى ثوبا جديدا, أو كلمة طيبة من أهلي, أرى في أعينهم حسرة كبيرة, وألما أحس بأنه سيخنقني.

أحيانا أتحمس, وأقول: لا, سأرجع للحياة من جديد, وأترك الماضي، ولكن ما ألبث أن ترجع الأفكار السوداء لتسيطر علي من جديد.

أقسم -يا شيخ- أنه لولا أني لا أريد الموت كافرة, ولا يصلى علي؛ لكنت انتحرت منذ زمن، أصبحت أتلذذ بتدمير نفسي، أريد العودة للحياة مجددا؛ فما العمل؟

جزاك الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلمى محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

أريد أن أشكرك -أختي الفاضلة- على سؤالك، والذي أؤكد لك أنه لم يكن من السهل عليك كتابته، وأنت في الحالة التي وصفت في سؤالك.

إن من المؤكد أن ما وصفت في سؤالك هو حالة من الاكتئاب النفسي الشديد الذي أصابك فذهب بالحيوية التي كانت عندك، وأصبحت لا تشاهدين إلا الجوانب السوداء من الحياة، وفقدت الرغبة في الدراسة والاختلاط بالأسرة والآخرين، وراودتك الأفكار الانتحارية, وكل هذا هي أعراض لهذا الاكتئاب النفسي.

والاكتئاب هو مرض كغيره من الأمراض، يمكن أن يصيب أي إنسان، بغض النظر عن عمره, أو جنسه, أو درجة تعليمه, أو طبقته الاجتماعية.

والخبر السعيد أن هذا الاكتئاب قابل للعلاج، حيث إن هناك العديد من الأدوية المضادة للاكتئاب، وفي كثير من الحالات يبدأ المريض المصاب بالاكتئاب بالتحسّن بعد 2-3 أسابيع من بداية العلاج، وإن كان على العلاج أن يستمر لعدة أشهر.

وبالطبع هناك مع هذه الأدوية المضادة للاكتئاب، هناك العديد من العلاجات النفسية كالعلاج المعرفي, والعلاج السلوكي, والعلاج التحليلي, والعلاج الداعم، ويمكن استعمال هذه العلاجات النفسية مع الأدوية, أو من دونها.

أدعوك أن تراجعي طبيبة الأسرة, والتي يمكن أن تقوم ببعض الفحوصات لاستبعاد أي مرض عضوي، والتي يمكن أن تصف لك أحد مضادات الاكتئاب، بعد تأكيد التشخيص، ولاشك أنك وخلال أسبوع أو اثنين ستشعرين بالتحسن من هذا الاكتئاب، بحيث تعودين مع الوقت إلى وضع قريب مما كنت عليه قبل المرض.

ولا ننسى أن كثيرا من عظماء التاريخ كانوا يعانون من الاكتئاب, من العلماء, وحتى رؤساء دول، ولم يمنعهم هذا الاكتئاب من ممارسة أعمالهم، ومن الإبداع في هذه الأعمال، ومن هؤلاء على سبيل المثال تشرشل رئيس الوزراء البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية.

وأشكرك, وأبارك لك حرصك على الحياة كمؤمنة، وأدعوه تعالى أن يختم لنا آجالنا على الشهادة والإيمان، إنه بالإجابة جدير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً