الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بين النجاح والفشل في التعليم والمستقبل

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالب في كلية علوم الكمبيوتر، ولدي مشكلتان، أعتقد -والله أعلم- أن لهما علاقة ببعضهما البعض.

المشكلة الأولى: أنا لم أتخرج من الجامعة، حيث أني مصاب بالاكتئاب، ولا أريد أن أذاكر ولا أذهب للجامعة، ذهبت إلى 3 دكاترة نفسيين، وكان العلاج بالبروزاك ولوسترال ودورميفال وريميرون 30 وتربتيزول، وأدوية أخرى، لمدة سنتين، وتم رفع جرعة البروزاك حتى 3 كبسولات في اليوم، ولم أجد فرقا، فأنا قد تعبت من هذه الأدوية كثيرا، ولا أريد أن أرى أدوية أخرى أمامي.

المشكلة الثانية: أحب كثيرا أن أتعلم الدين الإسلامي، وهوايتي هي مقارنة الأديان، والحمد لله على هذه النعمة، فأنا أستطيع إقناع الناس بسهولة، بالمنطق وغيره، ولكن عندما أنظر لمستقبلي لا أعرف ماذا أريد، فأنا أحب صناعة الأفلام والمؤثرات الصوتية، والتصوير، ولا أعرف كيف أوفق بينهم! أريد أن أكرس حياتي لدين الله، لكن في نفس الوقت أفكر كيف أستطيع أن أعيش من غير المال؟! أعرف أن الله قسم الأرزاق على العباد، ولكني أريد أن آخذ بالأسباب.

جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

حتى وإن أصيب الإنسان بالاكتئاب النفسي، فهذا يجب أن لا يوقف مسيرته في الحياة، لأن الاستكانة والاستسلام للاكتئاب هي من أخطر ما يمكن أن ينتهجه الإنسان، والذين تفوقوا وقهروا الاكتئاب كان من خلال إصرارهم وعزيمتهم وحسن دافعيتهم من أجل أن يظلوا حيويين وفاعلين ومنتجين وإيجابيين، يقول عالِم النفس (آرون بك): الاكتئاب يُهزم من خلال الفعالية والإصرار على الإيجابية.

الذي أنصحك به مهما كانت نوعية هذا الاكتئاب، أنت لديك الطاقات ولديك الدوافع، ولديك العمر الذي يؤهلك لأن تكون مؤثرًا ونافعًا لنفسك وللآخرين، وأن يجد الإنسان لنفسه التبريرات والمبررات من أجل التراخي في تحصيل العلم – علوم الدنيا وعلوم الدين – فهذا من وجهة نظري خطأ جسيم.

أرجو أن لا تقبل بالفشل، لأن القبول بالفشل يؤدي إلى المزيد من الفشل، ما فات وذهب اعتبره خبرة وعظة وعبرة، ابدأ من الآن، يجب أن تذهب إلى الجامعة، اذهب بالتزام وبإصرار، تصور نفسك بعد خمس أو ست سنوات من الآن ماذا سوف تكون بدون علم وبدون معرفة، خير ما يتسلح به الإنسان في هذه الدنيا هو الدين والعلم {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات} فقط بهذين الأمرين (الدين – العلم) ضع هذا هدفًا أمامك، وما دام لدى الإنسان هدف فسوف يجد أن الآليات قد توفرت له من أجل تطبيقها.

أنت محتاج لتغيير معرفي أكثر من حاجتك للعلاج الدوائي، أنا لا أقلل من شأن العلاج الدوائي، ولكن أقول لك التغيير المعرفي الإيجابي الداخلي والإصرار والعزيمة وإدارة الوقت بصورة صحيحة، وأن تعيش الحياة بقوة والمستقبل بأمل ورجاء، هذا هو المخرج في مثل حالتك.

أرجو أن يكون هذا هو توجهك، ومن ثم يمكنك أن تتناول أياً من الأدوية المضادة للاكتئاب، ولا داعي أبدًا من الإكثار من الأدوية، أنا أتفق معك تمامًا في ذلك، ربما أنت محتاج فقط لدواء واحد ليساعدك، والبقية تنفذ وتطبق من خلال إصرارك من أجل التغيير الإيجابي.

المشكلة الثانية التي أوردتها هي ليست مشكلة حقيقية، أعتقد أنه نوع من القلق التوقعي ذو السمات الوسواسية، أنت لديك آمال وتريد أن تدرس وتتعلم الدين الإسلامي، وأن تكتسب أيضًا معرفة حول المقارنة بين الأديان، وفي ذات الوقت تحب صناعة الأفلام والمؤثرات الصوتية، أنا لا أقول لك أنه يوجد أي تناقض في مثل هذا التوجه، لكن فكرك لا يخلو من شيء من الوسواسية والتردد وربما شيء من ضعف الواقعية.

المهم الآن من وجهة نظري هو أن تتحصل على المؤهل العلمي - هذا مهم جدًّا – وقضية تدارس الدين الإسلامي والتعمق فيه، هذه يمكن أن تأخذ منك وقتا، لكن هذا يجب أن يكون في المقام الثاني، وفي المقام الأول هو أن تتحصل على الدرجة العلمية الخاصة بدراستك الأكاديمية، هذا هو المهم وهذا هو الذي يفيدك كثيرًا إن شاء الله تعالى.

بالنسبة لمقارنة الأديان: هذه حقيقة تتطلب منك الحذر بعض الشيء، فهذه الأمور قد تدخل الإنسان في متاهات وفي شكوك وفي عدم استقرار نفسي ووجداني، ولابد أن يكون للإنسان موجه أو شخص يسترشد به، لا يمكن أن تُترك هذه الأمور فقط لهواياتنا وتحليلاتنا، الهواية شيء يقدر، ولكن معرفة العلم بنواصيه وركائزه الحقيقية يتطلب أن يتزود به الإنسان من مصادره المعرفية الحقيقية.

أنت محتاج لأن تنظم وقتك وأن تدبر نفسك على هذا الأساس، الآمال وحتى أحلام اليقظة لا بأس بها، لكنها يجب أن تكون في حدود المعقول.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً