الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ظلمات من الوساوس والمخاوف عكرت صفو حياتي

السؤال

عندي وسواس وانتقل لعدة مواضيع وآخرها (القتل الخطأ) وأنا في حيرة من أمري, ولا أعرف ماذا أفعل, الوسواس عندي مثلا وأنا ماشي في الطريق والناس ماشية من حولي أحس أني وقعت أو عرقلت أحدا برجلي ووقع على الطريق ودهسته عربية, وأنا أتكلم مع ناس كثيرا في موضوع معين, أحس وأشك شكا كبيرا أن أصابع يدي دخلت في عين واحد من الناس الذين كانوا معي, وأنا طالع على السلالم إما يكون ثمة أناس طالعون وأناس نازلون, أحس أن واحدا من الناس وقع من السلالم بسببي, وأحس أني قتلته, وعندنا مكتب فيه بعض من الأشخاص يعملون, وعند انتهاء العمل نقفل المكان ويأتيني وسواس أني سأقفل على واحد من العمال بعد انتهاء العمل, وتركت قفل المكان بنفسي وجعلت غيري يقفل المكان.

ملاحظة( أنا بخاف من عذاب ربنا وأخاف من السجن ومن فقد مستقبلي وأنا شخصية جيدة ولا أريد أن أؤذي أي إنسان) وأمشي في الشارع بحذر شديد جدا, وأتعامل مع الناس بنفس الحذر, والناس تقول لماذا تمشي بطريقة غريبة وتصعد السلالم بهذه الطريقة, وأنا عندي وساوس شديدة في هذا الموضوع, كل يوم أحس أني قتلت أو آذيت أحدا من الناس, وأني سأدخل السجن.

أرجو منكم الرد بسرعة للأهمية:
1-هل هذا الحذر الشديد وطريقة المشي الغريبة خطأ مني والناس ابتدأت تستغرب مني؟
2-هل هذا ابتلاء من الله؟
3-هل إذا آذيت واحدا من الناس بدون قصد أو أقفلت المكتب بعد العمل على شخص بدون قصد وحصل له شيء بدون قصد, أو دخل المكان بدون ما أراه وأقفلت المكان وأنا لا أريد أن أؤذي أي إنسان. هل هذا يبقى ابتلاء ومن القضاء والقدر؟ أم هو تقصير مني؟
4-هل الحذر لا يمنع قدر.
5-هل الحل أن أرضى رضا كاملا وأمشي في الشارع بطريقة طبيعية, وأتعامل مع الناس بشكل عادي, والذي ربنا كتبه لي سيحصل لي؟ لأني تعبت من هذه الوساوس كل يوم وعلى طول.
6-هل ممكن أن أؤذي إنسانا وأنا لا أقصد وطالع من البيت وأنا نيتي سليمة ويبقى هذا ابتلاء؟

أرجو من حضرتكم الرد بالتفصيل على كل نقطة ولكم الشكر

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فإني أقدر تمامًا نوعية الوساوس التي تعاني منها، فهي مزعجة، لأنها تجعلك تتخذ محاذير شديدة خوفًا على الآخرين.

إذا رجعنا لتعريف الوساوس والتي هي بالفعل أقوال أو أفعال أو أفكار أو خيالات أو أنماط من السلوك تستحوذ على الإنسان وتلح عليه، ويكون الإنسان مقتنعًا بسخفها، لكنه يجد صعوبة في مقاومتها، وإن حاول ذلك يحس بالقلق.

فبناء على هذا التعريف البسيط أريدك أن تقيّم كل هذه الوساوس التي تعاني منها، فهي سخيفة، مؤلمة للنفس، وبالطبع ليس فيها أي نوع من المنطق، لكن هذه هي طبيعة الوساوس.

وأنا أقدر لك التفاصيل التي دخلت فيها، وهذه هي طبيعة الأخوة والأخوات الذين يعانون من الوساوس، يكونوا حريصين جدًّا على الدخول في التفاصيل وبدقة شديدة، ويأتيهم اعتقاد أن من حولهم أو حتى الطبيب النفسي لم يفهم على وجه الدقة ما يعانون منه.

أنا أطمئنك تمامًا أني قد تفهمتُ هذا الأمر تمامًا، وطلبك بأن نُجيب وأن يكون الرد بالتفصيل هذا مقدّر جدًّا، لكن الإسراف في التفاصيل من جانب المعالج له مردودات سلبية أكثر من أن يكون نافعًا، والمردودات السلبية هي أنه قد يُساء فهم ما قيل، كما أن إخضاع الوساوس للمنطق أو التشريح أو التحليل حتى وإن كان من جانب المعالِج يؤدي إلى وساوس جديدة.

فالذي أود أن أقوله لك أن هذه وساوس وهذا أمر قطعي، والوسواس بما أنه سخيف يجب تجاهله، مقاومته، تحقيره، والقيام بما هو مخالف له، وعدم اللجوء إلى تحليله أو تشريحه أو إخضاعه للمنطق، لأنه في الأصل ليس منطقيًا.

أنا حقيقة مضطر أن أجيب إجابات لا أقول مقتضبة، لكنها حذرة حول أسئلتك.

حول سؤالك: هل الذي تعمله بحذر شديد وطريقة مشيك الغريبة غلط منك والناس ابتدأت تستغرب منك؟ .. بالطبع ليس خطأ منك، لأن الوسواس هو الذي أجبرك، لكنه شيء غير سليم، والعلاج هو أن تمشي بالطريقة الصحيحة، ومهما حدث لك من قلق وتوتر يجب أن يكون هنالك إصرار والتزام منك بأن تمشي مثل مشية بقية الناس.

سؤالك: هل هذا هو ابتلاء من الله تعالى؟ .. الابتلاء هو الامتحان، وأنا أقول لك أن هذا امتحان ولكنه امتحان بسيط جدًّا.

جواب سؤالك الثالث رقم (3): هذا تصرف ناتج من الوساوس، وإنما الأعمال بالنيات، لذا ما دامت نيّتك سليمة وصالحة وصادقة فكل شيء قد بطل، هذا النوع من الوسواس ليس له أي قيمة فيما يخص الخطأ والصواب أو الحلال والحرام.

هل الحل أن أرضى رضا كاملاً وأمشي في الناس بطريقة طبيعية وتعمل مع الناس؟
طبعًا هذا هو الحل، وليس ما تقوم به من طريقة صحيحة في المشي والتعامل مع الناس من أجل إرضاء الناس، لكن من أجل إرضاء نفسك أيضًا، وهذا هو الأمر الطبيعي والمقبول.

بالنسبة لسؤالك الأخير رقم ستة: هذا الأمر من وجهة نظري لم يصل لدرجة الابتلاء الضخم، هذا مرض شائع وموجود، وهي حالة مرضية، وهي ليست دليلاً أبدًا على ضعف في إيمانك أو علة في شخصيتك، هذه حالة عصبية معروفة، وأصبحت الآن تعالج علاجًا كاملاً.

وبمناسبة العلاج: أنت محتاج لعلاج دوائي والذي يجب أن يكون مكثفًا وتتناوله بالتزام، هنالك أدوية كثيرة، البروز من أفضلها، ويسمى علميًا باسم (فلوكستي) إذا تيسر لك أن تذهب إلى طبيب هذا يكون أمرًا جيدًا، وإن لم يتيسر فأرجو أن تتحصل على الدواء، ابدأ بتناول العلاج بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم لمدة شهر، ثم ثلاث كبسولات في اليوم، تناول كبسولة واحدة في الصباح وكبسولتين ليلاً، استمر على هذه الجرعة العلاجية المكثفة لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم اجعلها كبسولة واحدة في اليوم لمدة ستة أشهر، ثم كبسولة يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هو من الأدوية المفيدة والفاعلة جدًّا، وإن شاء الله بتطبيق نظرية التجاهل والرفض والاستبدال بفعل مخالف سوف تجد نفسك أنك شُفيت تمامًا من هذا الوسواس.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على تواصلك مع إسلام ويب، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً