الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاحتقان النفسي الشديد، وأثره السلبي على الإنسان

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله

أود أن أستشيركم بخصوص حالة خالتي، منذ أسبوعين استيقظت من نومها وهي لا تستطيع سماع أي شيء بكلتا أذنيها، وكان ذلك بعد شجار عادي بين زوجها وابنها الصغير، الذي يبلغ من العمر 8 سنوات، حيث حاولت التدخل، ولكن طلب منها زوجها عدم التدخل في الأمر، فذهبت لتنام ولكنها عندما استيقظت وجدت نفسها لا تستطيع السماع، وقد ذهبت للطبيب وقامت بإجراء كافة الاختبارات اللازمة، حيث قامت بعمل اختبار سمع بالكمبيوتر، وأكد عدم وجود شيء عضوي، كما أجرت رنينا مغناطيسياً على المخ والأذن، -والحمد لله- لا يوجد شيء، فقال الأطباء إن هذا يرجع لشيء نفسي.

ذهبنا لطبيب نفسي، وأعطانا أدوية قوية لكي تنام طوال اليوم، حيث كانت تريد عزلها عن العالم الخارجي، واستمرينا في هذا العلاج لمدة أسبوع، ولكن لا يوجد تحسن، ثم ذهبنا لطبيب آخر، وقام بتغيير الأدوية، مع العلم أن خالتي لا تشتكي من أي حالة اكتئاب أو حزن، ولا تواجهها أي مشاكل قوية.

ماذا يمكننا أن نفعل؟ وهل نحن على الطريق الصحيح؟والمسألة تحتاج لوقت حيث مر الآن أسبوعان، ولا يوجد تغيير، أرجو إفادتي بماذا يمكن أن نفعل، في انتظار ردكم، وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نسمة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،

فالذي حدث لخالتك – شفاها الله تعالى وعافاها – وهو افتقادها للسمع بعد استيقاظها من النوم، والذي سبقه حالة من الانفعال النفسي ناتجة عن الشجار العادي بين زوجها وابنها الصغير، وحين حاولت التدخل طلب منها زوجها عدم التدخل.

هذا وضع نفسي وجداني يظهر أنه قد أثر عليها، وبعد أن استيقظت ظلت الاحتقانات النفسية موجودة، لأنه من الواضح أنها لم تعبر عن مشاعرها، لم تفرغ عمّا بداخلها، وهنالك حالة نفسية عصابية تسمى بالحالة التحوّلية، بمعنى أن يتحول الانفعال النفسي إلى عرض نفسي آخر، أو إلى عرض يكون في ظاهره عضوياً، وهذا هو الذي حدث لحالتها بالضبط، فالاحتقان النفسي الشديد تحول إلى عرض يشبه المرض العضوي، وإن لم يكن عضويًا وهو عدم قدرتها على السمع.

خطوات العلاج تتكون من جلسات نفسية، هذه الجلسات تقوم على مبدأ ما يسمى بالتفريغ النفسي، نعطي فرصة لخالتك أن تعبر عن ذاتها في محيط يملؤه التفاؤل والتقدير والاحترام، ومن خلال التفاعل الحواري ما بينها وما بين المعالج يحدث لها تنفيس نفسي كبير، وهذا التنفيس النفسي يؤدي إلى تلاشي العرض الرئيسي الذي تشتكي منه وهو افتقاد السمع ذو المنشأ النفسي.

هنالك خطوات علاجية أخرى تتمثل في أن تدرب هذه الأخت على ممارسة تمارين الاسترخاء، والمختص النفسي مدرك لذلك تمامًا، ويمكن أن يجعلها تتدرب على هذه التمارين بصورة فاعلة.

الخطوة الثالثة في العلاج هي: أن لا نركز كثيرًا على ما تعاني منه خالتك من عرض في ظاهره عضوي، لا أقول أن نتجاهل التجاهل التام، لأن ذلك أيضًا قد لا يكون محمودًا، لكن يجب أن لا نسألها كثيرًا عن هذا العرض، حتى لا نلفت انتباهها لما تعاني منه. هي بالطبع لا تتصنع، لكن يعرف تمامًا أن الاضطرابات العصابية من هذا النوع إذا أعطيناها الاهتمام المفرط والأكثر من اللازم ربما يزداد العرض أو على الأقل يصعب الشفاء منه. إذن العلاج بالتجاهل هو وسيلة علاجية مهمة.

رابعًا: لابد لها أن تقوم بدورها الاجتماعي، ودورها في المنزل بصورة كاملة، لا نشعرها أنها معاقة، بل لا نسمح لها أن تعامل نفسها معاملة الإنسان المعاق، لأنها ليست معاقة بالتأكيد.

خامسًا: يجب أن تتوقف الفحوصات الطبية عند هذا الحد، لأن الاستمرار في إجراء فحوصات أخرى هذا ربما يثبت لديها وبصورة غير شعورية أنها تعاني من علة عضوية، وهذا مخالف تمامًا لحقيقة الأمر.

أخيرًا: العلاجات الدوائية لا بأس بها، الأدوية المضادة للقلق والتوتر والمحسنة للمزاج حتى وإن لم يوجد اكتئاب يعرف عنها أنها تؤدي إلى حالة استرخائي وشعور بالارتياح، وحين يكون المزاج العام في لحظة انبساط هذا يسهل لها كثيرًا في أن تقل حدة انفعالاتها السلبية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لها العافية والشفاء، ونحن على ثقة تامة أن هذه الحالة حالة عابرة وسوف تنتهي تمامًا إن شاء الله.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً