الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كل الناس تضل على وضوء، وأنا كل صلاة يجب أن أتوضأ! فبم تنصحوني؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لأجل النظافة والطهارة للصلاة هل يجب أن يكون مكان الحدثين نظافة تامة؟ لأني -عافاكم الله وعفواً- عندما أذهب للحمام لقضاء الحاجة مهما مسحت أرى هناك وسخاً، فماذا أعمل؟ وهل يجب أن أنظفه فقط بماء، ثم أنشفه أو ممكن مرة بالماء وأبقى أمسحه إلى أن ينتهي؟

علماً أني شديدة النظافة، ومرات أضل 5 دقايق كاملة (أتشطف) إلى أن تحمر المنطقة، وتؤلمني، وأنا عندي على فتحة مخرجي قطعة لحمية عند الحمل ظهرت لي، وقالت طبيبتي إنه من كثر آلام.

صار عندي توسع لكني لم أفهم، وأستحي أسألها، ولكن مشكلتي الصلاة والطهارة، بكل صلاة هذا العمل، كل الناس تضل على وضوء وأنا كل صلاة يجب أن أتوضأ! فبم تنصحوني؟ وكيف أغسل المكان بالماء ثم أنشف حتى أنظف أو بالماء فقط، حتى ولو ما تنظف وبعدها أنشف؟

أنا أغسل بالماء وأنشف، وهكذا حتى ما ينتهي، ومرات أنظف وأذهب للصلاة وبعدها الصلاة الثانية، وأرى عندي أيضاً انهياراً وأخاف أن صلاتي لا تقبل، تعبت انجدوني.

هل هذا الحال علته إفرازات المهبل عند النساء؟ فهناك أوقات عندنا إفرازات، هل يجب غسلها كل مرة؟ وكيف غسلها؟

الموضوع أتعبني، ومرات أكون على وضوء وما أن أرى نقطة قد لا تكون إفرازا بل ماء أقوم أتوضأ، تعبت من الوضوء أستغفر الله، ومن كثر التحسس والألم قبل كل صلاة.

شكراً عافاكم الله، وشكراً على الرد مقدماً، والله يبارك لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمنة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى لك الشفاء مما تعانينه.

نحن ننصحك أولاً نصيحة من يحب لك الخير أن تجاهدي نفسك في دفع ما يعرض لك من وساوس، فإن الوسواس من شر الأدواء التي إذا تمكنت منك نكدت العيش وأفسدت عليك حياتك وبغضت إليك دينك، وذلك بتثقيل العبادات عليك كما هو ظاهر أنك قد أصبت بشيء من ذلك الأثر.

من ثم فنصيحتنا لك أولاً أن لا تلتفتي للوساوس، وأن لا تعملي إلا ما تيقنت حدوثه، والأمر أيسر مما تجدينه أيتها الكريمة، فإنه لا يلزمكم أن تظلي كل هذا الوقت تغسلي المكان بالماء حتى تؤلمي نفسك وتذهبي هذا القدر الكبير من الماء، وغير ذلك من المفاسد.

الواجب على المسلم أنه بعد قضاء حاجته يغسل المكان إن غسله بالماء، وإن استعاض عن الماء بالمناديل ونحوها، فإن كان الخارج لم يتجاوز المكان المعتاد انتشاره فيه فله أن يستعمل المناديل بدلاً عن الماء، بشرط أن يمسح ثلاث مسحات كل المحل، فإذا حصلت النقاوة بهذه المساحات كفاه وإلا زاد مسحات حتى يحصل الإنقاء.

أما إذا كان الخارج يتجاوز المحل المعتاد أي ينتشر فيه ففي هذه الحالة كثير من العلماء يرى أنه لابد من استعمال الماء، وعلى هذا فيكفيه غسل المحل بالماء بما تزول به النجاسة، ويرجع المكان إلى ما كان عليه قبل خروج هذا الخارج، فإذا فعل هذا كفى، وينبغي أن يحذر من التنطع والزيادة والغلو في الدين، فإنه بذلك يُهلك نفسه، والله -عز وجل- لا يرضى منا هذا، ولذلك حذرنا النبي -صلى الله عليه وسلم - من الغلو.

الأمر كما ترين أيتها الكريمة سهل يسير، لكن إن كنت مريضة مرضًا يجعل منك مصابة دائمة بخروج الخارج بحيث لا ينقطع هذا الخارج عنك طوال الوقت فأنت معذورة في هذه الحالة، فعليك أن تتحفظي، بمعنى أن تشدي خرقًا أو نحوها على المخرج حتى لا تنتشر النجاسة إن كانت نجاسة، بعد غسل المحل وتنظيفه، ثم تتوضئي بعد دخول وقت الصلاة وتصلي في ذلك الوقت فريضة ذلك الوقت، وما شئت معها من الصلوات، فإذا دخل وقت الصلاة الأخرى فعلت كما فعلت في الفريضة الأولى، وبعض العلماء يروا بأنه لا يلزمك أن تعيدي التحفظ وغسل المحل مرة ثانية إذا لم يخرج شيء عن محل التعصيب، وهذا القول فيه يُسر ولين لك، هذا كله على فرض أنك مصابة فعلاً بخروج الخارج طوال الوقت ولا ينقطع.

أما إذا كان ينقطع زمنًا يكفي لأن تتطهري فيه وتصلي فالواجب عليك أن تنتظري ذلك الانقطاع ما دام في وقت الصلاة، فإذا انقطع عنك الخارج غسلت المحل حتى تزول النجاسة ثم توضأتِ وصليت الصلاة بطهارة.

الأمر كما ترين سهل يسير، فلا ينبغي لك أبدًا أن تشددي على نفسك.

أما إفرازات المرأة المعروفة برطوبات فرج المرأة عند الفقهاء، وهي الإفرازات التي تخرج من النساء، ليست من المني ولا من المذي ولا الودي، يعني ليست من الإفرازات التي تخرج عند الشهوة ونحوها، فهذه الإفرازات ناقضة للوضوء، ويرى كثير من العلماء أنها طاهرة في نفسها فلا يلزم تطهير الفرج منها، ولا تطهير ما وقع على البدن منها ولا على الثياب، لكن يلزم الوضوء إذا خرجت، فإنها إذا خرجت انتقض الوضوء بخروجها، فإذا كانت ملازمة لك طوال الوقت، بمعنى أنها لا تنقطع خلال وقت الصلاة زمنًا يكفي لأن تتطهري فيه وتصلي، ففي هذه الحال تفعلين ما أرشدناك إليه سابقًا من أنك تنتظرين حتى يدخل الوقت، فإذا دخل الوقت توضأت وصليت في الوقت فريضة ذلك الوقت وما شئت معها من الصلوات، فإذا جاء وقت الصلاة الأخرى توضأت ثانية للصلاة الأخرى وهكذا.

بهذا يتبين لك -أيتها الأخت الكريمة- أن دين الله -عز وجل- يُسر وأن الأمر فيه سهولة، فلا داعي لأن تكلفي نفسك ما لا تطيقين، ولا تلتفتي إلى الوساوس إن جاءك الوسواس بأن وضوءك انتقض حتى تتيقني انتقاض الوضوء وخروجه إذا لم تكوني مصابة، بهذا الحدث الدائم الذي كنا نتحدث عنه، فإن القاعدة الفقهية عند العلماء أن اليقين لا يزول بالشك، فإذا توضأت وجاءك الشيطان ووسوس إليك بأن وضوءك قد انتقض فلا تلتفتي إلى هذا الوسواس، ما دمت لم تصلي إلى مرتبة اليقين الذي تستطيعين أن تحلفي عليه بأنه قد انتقض وضوؤك.

نسأل الله تعالى لك التيسير وأن يقدر لك الخير حيث كان وييسره لك، ويُذهب عنك وساوس الشيطان، إنه جواد كريم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً