الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل يمكن الجمع بين أدوية الاضطراب الوجداني والأدوية المضادة للاكتئاب؟

السؤال

الدكتور الفاضل: محمد عبد العليم حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله.

منذ 6 سنوات فوجئت أنني لا أستطيع النوم نهائيا، ولم يصدقني أحد، وكثير من الناس اقترحوا عليّ أفكارا، منها أكل البصل قبل النوم، أو حمام دافئ، ومنهم من قال لي: تزوج، وهذه الفكرة الأخيرة أنا مقتنع بها، ولكن ليس كل من لم يتزوج لا يستطيع النوم.

قررت زيارة طبيب نفسي، فوصف لي أدوية مضادة للاكتئاب والقلق، من النوعيات المحسنة للنوم، وبالفعل بعضها ساعدني على النوم، ولكن بعد فترة من التعود فقدت فاعليتها، ثم ذهبت لأطباء كثر، وكلهم وصفوا لي أدوية الاكتئاب والقلق، ولكنها لم تفلح ولم أيأس، وأخيرا ذهبت لطبيب آخر وشخص لي الحالة على أنها اضطراب وجداني، ووصف لي دواء سيروكويل 200، ولاميكتال 100 مساء قبل النوم، وقال لي: لا تذهب للنوم إلا حين تشعر بالنعاس، وتحسنت حالتي كثيرا والحمد لله، ومشكلتي أن هذا الطبيب بمحافظة أخرى غير المحافظة التي أسكن بها، وأجد مشقة في الذهاب إليه.

لقد تعرضت لأمر محزن، فقد كنت خاطبا لفتاة من بلدتي، والعلاقة بيننا كانت جيدة، ولكني فوجئت بها ترفضني نهائيا، ولم تقل السبب لي ولا لأهلها؛ لذا قررت بعد فترة من المعاناة الانفصال عنها؛ حيث كان أهلها مصرين على عدم الانفصال.

المهم أنه كان طبيبا سابقا قد وصف لي دواء اسمه سيتالوبرام، وكان هذا الدواء يسيطر تماما على هذا الجرح، ولكني قرأت في بعض الاستشارات أنه لا يصح الجمع بين أدوية الاضطراب الوجداني والأدوية المضادة للاكتئاب، إلا في الضرورة القصوى، فهل يمكن إضافته علما بأن الجرعة التي وصفها لي الطبيب 20 ملل صباحا، وهي تسبب لي الأرق؟

وجزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مصطفى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا شك أن اضطرابات النوم وافتقاده مجهد جدًّا للنفس، والمعاناة التي تحدث من أرق لا يحس بها إلا صاحبها؛ ولذا تجد كثيرا من الناس يستنكرون، وقد يصدقهم البعض حين يذكرون أنهم لا ينامون نومًا جيدًا، أو يعانون من مشكلة حقيقية سببها الأرق.

نحن نصدقك، ونحن نقتنع تمامًا أن اضطراباتك موجودة، والحمد لله تعالى أنت قد سرت على الطريق الصحيح، وأعطيت لك الأدوية الجيدة، والطبيب الذي قال لك أنك تعاني من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية لابد أنه قد استعان بالمعايير التشخيصية الصحيحة، وأنا من وجهة نظري أن الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية الذي تعاني منه هو من النوع البسيط، أو ما يسمى بالاضطراب الوجداني رقم اثنين؛ لأن حالتك إذا كانت من الاضطراب الوجداني من الدرجة الأولى إذا كانت الأعراض واضحة خاصة أعراض ما يسمى بالقطب الانشراحي فأنا مقتنع تمامًا بما ذهب إليه الطبيب، والسوركويل واللامكتال لا شك أنها من أفضل الأدوية من حيث الفعالية، وأسأل الله تعالى أن يجعلها لك سببًا في الشفاء، ولا تستعجل أبدًا في التوقف عن الدواء، ويمكنك أن تستمر عليه لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات في المرحلة الأولى.

بالنسبة لإضافة مضادات الاكتئاب في حالة وجود الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية: هذا الأمر حوله خلاف، إذا كان الاضطراب الوجداني ثنائي القطبية من الدرجة الأولى فقد لا ننصح باستعمال مضادات الاكتئاب إلا في حالات نادرة، وتحت إشراف طبي لصيق، ومضاد الاكتئاب الأفضل في هذه الحالات هو عقار (ولبيوترين)، والذي يعرف علميًا باسم (ببربيون)؛ لأن هذا الدواء يتميز أنه لا يدفع الإنسان نحو القطب الانشراحي، ولكن البعض قد يشك في فعاليته.

الأدوية الأخرى مثل السيتالوبرام لا مانع من استعمالها، لكن يجب أن يكون هذا تحت إشراف طبي، وفي حالتك أفضل أن تبدأ بجرعة عشرة مليجرام – أي نصف حبة –، ثم تراقب نفسك، وإذا لم يتحسن القلق والتوتر الذي تعاني منه فهنا يمكن أن ترفع الجرعة إلى حبة واحدة (عشرين مليجرامًا) يوميًا، وبعد أن تبدأ الأمور في التحسن يجب أن تخفض الجرعة إلى عشرة مليجرام لفترة قصيرة ثم تتوقف عنها، والستالوبرام لا يسبب الأرق، وهو ليس من الأدوية التي تسبب ذلك، بل على العكس الكثير من الناس يرون أنه يساعدهم في تحسين النوم.

هنالك دواء يعرف باسم (ترازيدون)، حقيقة أنا أفضله لتحسين النوم كثيرًا بالنسبة للإخوة والأخوات الذين يعانون من الاضطرابات الوجدانية ثنائية القطب من الدرجة البسيطة، وجرعة الترازيدون تكون خمسة وعشرين مليجرامًا، يمكن أن ترفع إلى خمسين مليجرامًا، ولابد أن تكون مدة العلاج محدودة.

هذا لا يعني أن لا تتناول السيتالوبرام، هو دواء جيد وأنا ليس لديَّ مانع في أن تتناوله بالطريقة التي ذكرتها، ويجب أن تعلم أن السوركويل هو العقار المتميز جدًّا لعلاج حالتك، والآن هناك توجه لأن تكون جرعته العلاجية ثلاثمائة مليجرام، حتى إن الشركة المصنعة قد أتت الآن بمركب يُعرف باسم (سوركويل SR)، وقوة الحبة هي ثلاثمائة مليجرام، ويتم تناولها كجرعة واحدة ليلاً.

فأرجو أن تطمئن تمامًا، وعليك بالمتابعة الطبية، وأرجو أيضًا أن تكون حريصًا على أن تستفيد من محسنات النوم الأخرى، والتي تتمثل في ممارسة الرياضة، تجنب النوم النهاري بقدر المستطاع، وتجنب تناول محتويات الكافيين في فترة المساء، وأقصد بذلك الشاي والقهوة والبيبسي والكولا والشكولاتا وغيرها.

الذين اقترحوا لك الزواج كمحسن للنوم، أعتقد أنهم على صواب؛ لأن الزواج فيه طمأنينة وفيه سكينة، كما أن المعاشرة الزوجية تحسن من النوم ولا شك في ذلك.

أرجو أن تتدرب أيضًا على تمارين الاسترخاء، ويمكنك تصفح أحد المواقع على الإنترنت التي توضح كيفية هذه التمارين، كما أن استشارات الشبكة الإسلامية لديها استشارات أو ملخص بسيط عن كيفية تطبيق هذه التمارين، سوف يقوم الإخوة في إسلام ويب بتزويدك بها.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً