الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعراض جسمية كثيرة إضافة للأعراض النفسية، هل هو اكتئاب أم حسد؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أعاني منذ فترة طويلة من صداع، ودوار، وآلام في البطن، وحساسية من الأضواء والأصوات، ولا أطيق الروائح النفاذة، أشعر كذلك بضيق الصدر، والتعب، والإرهاق لأبسط مجهود، وتوتر، وقلق، وكسل، وأصبحت بطيئة جدًا عند القيام بأي عمل، وليست لدي رغبة في القيام بأي شيء إطلاقًا سوى الجلوس والنوم، بل حتى أنني أشعر بثقل لساني عند الحديث مع أي أحد في بعض الأحيان، كل من يقابلني يقرأ علامات الحزن والتوتر على وجهي، ويداي ترتعشان غالب الوقت.

كنت أشعر بأن الحياة لا قيمة لها، وأتمنى الموت، وتأتيني أفكار بأن من حولي يكروهنني، أو يتكلمون عني، أو أنهم مستاؤون من تغير حالتي، وأشعر بالذنب لأي شيء بسيط، لكنني أحاول بقدر الإمكان إبعاد هذه الوساوس ما إن ترد على ذهني.

تزداد هذه الأعراض عند ذهابي للجامعة، أو خروجي من المنزل، وفي المنزل أكاد أبدو طبيعية تمامًا معظم الأحيان، إلا أن الكسل يلازمني.

قمت بعمل فحوصات للدم، ووظائف الكبد، والكلى، والغدة الدرقية، وكذلك أشعة مقطعية للدماغ، وكانت كلها سليمة والحمد لله.

تم تشخيص حالتي على أنها اكتئاب خفيف إلى متوسط، وأخذت باروكسيتين 20 ملغم يوميًا لمدة ستة أسابيع، ولكن ازداد الكسل والخمول، وكلما رجعت للجامعة ترجع الحالة مرة أخرى، فقرر الطبيب تخفيف الباروكستين حبة يوما بعد يوم لمدة أسبوعين حتى أتوقف عنه، وفي نفس الوقت أبدأ بفنالفاكسين (إفكسور)، لكني توقفت عن الباروكستين، ولم آخذ الإفكسور بسبب معارضة أهلي لتناولي الأدوية، كانت الأعراض الانسحابية مزعجة جدًا في أول أسبوعين من بدء إيقاف العلاج، لكن تحسنت حالتي النفسية بعدها، ربما لأنني لا أعاني من أي ضغوط حاليًا.

لا زلت أعاني من الأعراض النفسجسمية: الصداع والدوار، وآلام البطن، والتعب، ولا زالت حركتي بطيئة جدًا، وأشعر بالرغبة في النوم قبل أدائي لعمل ما، أو أثناء تواجدي بالجامعة، تأتيني فترات قلق بين حين، وآخر بدون سبب، لم تعد تأتيني تلك الأفكار السلبية، لا أفهم سبب شحوب وجهي الدائم، ونبرة صوتي الحزينة.

بدأت في الجلسات النفسية منذ بضعة أيام إلا أنني لا أستطيع الإجابة على معظم أسئلة الطبيبة، فهي تريد أن تعرف سبب الاكتئاب إلا أنني لا أجد سببا معينا للاكتئاب، بل إنني لست مقتنعة بأني مصابة به فعلاً؛ فأدائي الدراسي جيد جدًا على الرغم من تغيبي المتواصل عن المحاضرات، وتركيزي ممتاز، كما أنه ليس لدي أفكار معينة تشغل بالي أثناء شعوري بالقلق، أو الضيق، أو الصداع والدوار.

الأعراض الجسمية، والتعب، وكثرة النوم تزعجني أكثر من الأعراض النفسية، هل أنا مصابة بالاكتئاب فعلاً؟! أم أنه من الممكن أن يكون لدي مرض عضوي؟ أم أنه سحر أو حسد أو ربما مس؟

أفيدوني، جزاكم الله خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عائشة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أشكرك على ثقتك في إسلام ويب، وعلى هذا السرد الرصين لحالتك، ومن وجهة نظري، وحسب ما هو متوفر لدي من معلومات، أقول لك أنك مصابة بما يعرف بالقلق الاكتئابي، الأعراض القلقية واضحة جدا، ولديك درجة بسيطة من الاكتئاب.

يعرف أن الاكتئاب يؤدي إلى شعور بالإحباط، وفي بعض الأحيان قد يزيد من النوم للإنسان بالرغم من أن المعروف هو أن الاكتئاب في الغالب يؤدي إلى اضطراب، ونقصان في النوم، لكن في حالات قليلة من الاكتئاب يزداد النوم خاصة في فصل الشتاء، الأعراض النفسوجسدية هذه تفسرها التوترات العضلية الناتجة من التوترات النفسية.

أيتها الفاضلة الكريمة إذن نحن نتعامل مع حالة نفسية بسيطة لا علاقة لها بالأمراض العضوية، ومن وجهة نظري أيضا لا أرى أن لها علاقة بالسحر أو الحسد أو العين، والله أعلم.

وهذه الأخيرة كلها يتم التعامل معها من خلال الرقية الشرعية، المحافظة على أذكار الصباح والمساء، قراءة سورة الإخلاص والمعوذتين، وأن يرقي الإنسان نفسه ليكون على قناعة تامة أنه في حرز الله، وحفظه، وأن يحافظ على صلواته، وتلاوة القرآن، والدعاء هذا يكفي تماما، ويقفل هذا الباب قفلا محكما، ودائما -بإذن الله تعالى-.

هنالك آليات علاجية مطلوبة أهمها أن تضعي جدولا يوميا، وتديري من خلاله وقتك، الاستسلام للنوم وللتكاسل يؤدي إلى الشعور بالإحباط، ويزيد من حدة التفكير السلبي، والتفكير الإيجابي هو المفتاح الرئيسي للتخلص من القلق والاكتئاب، فأرجو أن تضعي جدولا يوميا دقيقا جدا، وتلتزمي بتنفيذه يجب أن تكون الأنشطة مختلفة، ومتباينة ومتفاوتة.

خصصي وقتا للدراسة، ووقتا للقرآءة، ووقتا للتواصل الاجتماعي، ووقتا للراحة، ووقتا للترفية عن النفس بما هو متاح، ومباح، الحرص على بر الوالدين، المشاركة في أعمال المنزل، أشياء كثيرة جدا يمكن للإنسان أن يقوم بها، وكلها ذات فائدة ممتازة، وحين تلجئي لهذه التطبيقات العملية دون أن تنصاعي لمشاعرك سوف تجدين أن المشاعر السلبية قد بدأت تتحول إلى مشاعر إيجابية حيث يكون هنالك الشعور بالاسترخاء، وراحة البال، والشعور بالرضا، وهذه نفسها تدعم المزيد من التحسن -إن شاء الله تعالى-.

التفكير الاكتئابي يهزم دائما من خلال التفكير الإيجابي المضاد هذه يجب أن تحرصي عليها كثيرا، والجلسات النفسية كلها سوف تدور في هذا السياق، ليس من الضروري أبدا أن يكون للاكتئاب سبب، الأحداث الحياتية البسيطة ربما تلعب دورا خاصة إذا كانت أحداث سلبية، وإذا كان الإنسان لديه شيء من الهشاشة، أو الحساسية النفسية، لكن حالات كثيرة جدا لا نجد لها سببا أبدا.

أيتها الفاضلة الكريمة أرجو أن تمارسي أي نوع من الرياضية تناسب الفتاة المسلمة كما ذكرنا هذا مهم والرياضة تحسن من الدافعية، والطاقات الجسدية وكذلك النفسية وتقضي على الشوائب السلبية، فكوني حريصة عليها، ويمكنك معرفة كيفية تطبيق هذه التمارين بمطالعة الاستشارة التالية 2136015.

لأن الأبحاث والدراسات أشارت أيضا أنها جزء أصيل جدا في علاج القلق والتوترات والاكتئاب، أنا أريدك أيضا أن تفهمي أن القلق أياً كانت درجته هو طاقة نفسية يمكن أن تكون أيجابية جدا، لكنها تتحول إلى طاقة سلبية إذا تراكمت، واحتقنت، وإذا لم يستفيد الإنسان من طاقاته القلقية الإيجابية، وذلك من خلال حسن إدارة الوقت كما ذكرت سلفا.

أيها الكريمة: أنا أعتقد أن العلاج الدوائي سوف يفيدك، وإن كانت تجربتك مع الباروكسيتين ليست جيدة، فهنالك أدوية بديلة جيدة فاعلة مثل عقار بروزاك، والذي يعرف باسم فلوكستين بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة 3 أشهر، ثم كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهرين أو ثلاثة، ثم يتم التوقف عنه، أضف إليه عقار فلوناكسول، والذي يعرف باسم فلوبنتكسول بجرعة نصف مليجرام يوميا لمدة شهرين.

أعتقد أنها سوف تكون أدوية ممتازة وفاعلة، وهي سليمة وغير إدمانيه، ولا تضر أبدا بالهرمونات النسوية.

أمر الدواء أعتقد أنه يحتاج إلى المناقشة مع أسرتك وما دمت أنت تتعاملين الآن مع الأخصائية النفسية يمكن أن تقوم بعرضك على الطبيب النفسي، والذي بدوره قد يقوم بوصف العلاج الدوائي، أما البروزاك والفلوناكسول أو أي دواء آخر يراه مناسبا فهذه الأدوية متقاربة وجيدة في معظمها.

بارك الله فيك وجزاك الله خيرا وأسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر محمد احمد محمد

    جزاكم الله كل خير وارجو التواصل معكم

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً