الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطيبتي تؤجل الزواج لشعورها بأنها ليست أهلا للمسؤلية.. فبماذا تنصحون؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عندما كنت أناقش موعد الزواج مع خطيبتي وزوجتي فاجأتني بكلمة (بدري)، وعند سؤالي لها لماذا (بدري)؟ قالت: صحيح أني أحبك، وأتمنى أكون معك اليوم قبل غدا، لكني أخاف! أحس أني لست أهلا للمسئولية، كنت أقول لها أنا واثق فيك، وثقتي فيك كبيرة، والموضوع ميسر، ولا يوجد فيه تعقيد، فتقول أعطني وقتا أحاول أعدل من حالي.

من كلامي معها تقول أعرف أني سأكون سعيدة معك، ولا أخاف من تجارب صديقاتي الفاشلة؛ لأني واثقة أنك غير أولئك، لكني أخاف.

طلبت مني أن أبحث لها عن حل، ووعدتني أن تغير من حالها؛ لأنها تعلم أنها على خطأ.

توجيهكم يهمني، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حسين حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى صحابته من والاه،
نرحب بك في موقعك، ونسأل الله أن يجمع بينك وبين الخطيبة على الخير.

نقول لكما خير البر عاجله، ولم ير للمتحابين مثل النكاح، وما حصل من الفتاة برغبتها في أنها تقول (بدري) وترغب في تأجيل الزواج، وأنها تحتاج إلى فرصة يعني مع اعترافها بأنها تميل إليك، وتجد نفسها معك، وسوف تسعد بوجودها معك، فإن هذا الأمر أرجو أن تدرك أن هذه الأمور طبيعية، والتوتر غالباً ما يزداد كل ما تقترب الليالي المحددة للزواج، وهذا وارد، والمسألة ليست بتلك الخطورة.

وأعتقد أنكما بحول الله وقوته سوف تتجاوزا هذه الأزمة، فقط عليك أن تبين لها أن الأمر بسيط، وأن هذه العلاقة الحميمة لابد أن تكتمل بالزواج وبإكمال المراسيم حتى تتم السعادة الفعلية، بين لها أن المسئولية والإنسان الصحيح يعتاد عليه، ونحن نقول هناك تقصير من الأمهات، وفينا كمجتمع في تربية أبنائنا وبناتنا على تحمل المسئولية، فالفتاة قد تتزوج أشهرا وسنوات يأتيها الطعام من بيت أهلها، والشاب قد يتزوج أشهرا وسنوات يقوم الأب بكل المهام التي يحتاجها، فيقرب له البعيد ويأتيه بالأشياء التي يأكلها ويشربها، ولا يستطيع أن يتصرف إلا انطلاقاً من توجيهات الأب، وهي كذلك لا تستطيع أن تتصرف إلا انطلاقا من توجيهات أمها، هذا خلل ينبغي أن يزول، نحرص على إزالة هذا الخلل لأن أبنائنا يدفعون ثمنه باهظا، فعلينا أن نربيهما على تحمل المسئولية، وعليك كذلك أن تبين بأن أمر الزواج أمر ميسور وأنه سهل، فلا نعقد المسألة ونتيح لها الفرصة، ولا نعقد المسألة بل علينا أن نتيح للشباب والفتيات أن يتعلموا الكثير والكثير من المسئوليات؛ لأن هذا يعطيهم ثقة في أنفسهم بعد ثقتهم في الله تعالى.

أعجبني وأسعدني أنها لا تتكلم عن تجارب صديقاتها الفاشلة، ونحن دائماً يؤسفنا أنه يحصل تعميم للفشل، وننسى عرض نماذج للنجاح، وكم من فتاة أصغر منها نجحت في حياتها، وكم من فتاة واجهت صعوبات أكثر مما تواجه مع ذلك نجحت، فإن الإنسان ينجح بتوكله على الله تعالى، ثم بمده لأسباب النجاح، فعليها أن تهيأ نفسها لهذا الأمر الهام جداً، وهو أمر الزواج، وأرجو أن تشجعها على أن تحمل نفس المشاعر، ونفس الهم الذي عندك، وأن تبين لها أن الأمور أيسر مما تتوقع، وأن الأهل سوف يكونوا إلى جوارنا وهذا معروف عندنا جميعاً، ولذلك الأمر إن شاء الله من البساطة بمكان.

أما الحلول التي تبحث لها عنها، فندعوها أولاً إلى تقوى الله تعالى، وكثرة اللجوء إلى الله تعالى، المواظبة على ذكر الله وشكره سبحانه وتعالى، النظر في أحوال الناجحات مما سبقنا في هذا السبيل، أن تدرك أنك أخذتها عن حب ورغبة، وأن هدفك هو إكرامها والاهتمام بها، وينبغي أن تشعر أنه ليس المهم في البيوت الطعام والشراب فقط، بل أصبحت في زماننا سهلاً ميسوراً ولكن الأهم وجود التفاهم ووجود الوفاق.

عليها أن تعلم كذلك أن ما تسمعه من الناس من تخويف وتهويل هذا كلام غير صحيح، ولا يخلوا من المبالغات، بعض الناس تخصصوا في هذا التهويل، عندما غاب الحكماء غابت الفاضلة، وغاب ذوي الضعاف في النصح إلى الله تعالى، وإعطاء إرشادات من أجل تلك الليلة، أيضا أن تدرك أن الليلة وما فيها من معاشرة، وملاطفة هي من أسعد ليالي العمر، وأن الأمر ليس كما تتصور، بل أمر أيسر مما يكون في تلك اللحظات ربما تخاف الفتاة من أول لقاء والخوف ليس في مكانه، فالأمر أيسر وأقل وأسهل مما تتصور، ولذلك نتمنى أن يكون حولكم من الفاضلات والدعاة من يبصرها بحقائق هذه الأمور، ويبين لها أن الأمر سهل وميسور.

ونسأل الله تعالى أن يجمع بنيكما على الخير، وأن يلهكما السداد والرشاد، وطالما أن عندها استعداد أن تتغير، وأن تتحسن فإن هذه البداية الصحيحة، فنسأل الله أن يعينك، وأن يعنيها على الخروج من هذه الأزمة، أو من هذا الخوف، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير، وأن يقدر لكما الخير ثم يرضيكما به، هو ولي ذلك والقادر عليه.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً