الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ينتابني شعور بالثقل في الرأس وكأني سأسقط... فما تفسيره وعلاجه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله والصلاة والسلام على مولانا رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
يسعدني أن أتواصل معكم من جديد، وأطلعكم على التحولات التي عرفتها حالتي النفسية : إنني ولله الحمد تحسنت كثيراً جداً، ولا أحتاج إلا إلى دفعة صغيرة لتفصلني عن الماضي المرير، والآن أنعم بأوقات طيبة تعكرها أحياناً بعض الوساوس الشيطانية.

الشعور بالثقل في الرأس وكأني سأسقط، استشرت فيه عدة أطباء وأخبروني أن ذلك من صميم التعب النفسي، وأجريت تحاليل الدم وكانت جيدة، ولا زلت أشعر أحياناً بطنين مفاجئ في الأذن لمدة وجيزة يشغل بالي، ويفسد علي الأجواء الممتعة التي أكون فيها، أجريت فحوصات عند طبيبين مختلفين للأنف والأذن والحنجرة، وقاما بفحصي، وأكدا لي أن الأمور بخير، فأكدا لي أن ما أشعر به هو من التعب، ولما أفصحت عن تجربتي المريرة لأحدهما استقر رأيه أن ذلك بسبب ما كنت أفعله، ووصف لي إبر Maximag لمدة شهر، وهي للمغنيزيوم؛ حيث أنني أكون جالساً وأشعر كأني سأسقط، لكن لما بدأت في استعمال الدواء ذهب المشكل بنسبة 90 بالمائة، والحمد لله.

السؤال: ما سبب هذا الطنين؟ وهل رجعت كيمياء الدماغ إلى مجراها الصحيح؟ حيث إنني أقوم بالرياضة لأكثر من مرتين في الأسبوع، وبالنسبة للثقل الذي في الرأس، وألمسه بشدة لما أكون في الصلاة، ما علته؟ وهل يجدر بي عمل أشعة على الرأس على وجه الاطمئنان؟

سبحان الله، أخبرني رجل من بعيد لا يعرف حالتي وقال إن الشياطين تقوم بذلك، وبالتالي فإن العين أصابتني أو شيئا من هذا القبيل.

أما الوساوس فتختلف من يوم لآخر، فهناك اليوم الذي يمر بدونها وهناك أيام تمر بها، وتختلف درجتها أحيانا تصل إلى التفكير في الجنون، لكن بفضل الله ورحمته لما أذكره يذهب عني ذلك، وأحاول إشغال نفسي، خصوصاً وأني قرأت أن هناك دراسة تقول الذين لهم تخوف من الجنون لا يصابون به، هل هذا صحيح؟ وكنت أتضايق بمجرد أن أسمع كلمة مجنون، لكن قلَت نسبة ذلك.

هناك أمر آخر ليس له علاقة بالموضوع، وهو جلوسي أمام الكمبيوتر إذا كان للمنفعة، هل يضر إذا استمر لمدة طويلة مثل 4 ساعات متقطعة يومياً؟

بارك الله فيكم وفي جهودكم، والحمد لله رب العالمين.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنحن نسعد كثيرًا برسائلك الطيبة والجميلة والمعبرة، وهذه الرسالة حملت أخباراً سارة، وهي أن حالتك قد تحسنت، فنسأل الله تعالى أن يديم عليك وعلينا وعلى جميع المسلمين نعمة الصحة والعافية، ويجعلنا من الشاكرين لها.

الأعراض البسيطة التي لا زلت تعاني منها من وجهة نظري ناتجة من حالة الترقب الشديد التي تتسم بها شخصيتك، والإنسان حين يجرب أعراضا مرضية مطبقة وشديدة حتى بعد أن تنتهي، تأتيه بعض الهواجس الداخلية - أو ما نسميه بالقلق التوقعي – هل سوف تنتابه هذه الأعراض مرة أخرى أم لا؟

أنا سعيد جدًّا على درجة التقدم التي حدثت في صحتك – كما قلنا – وأعتقد أنه بشيء من التجاهل والإصرار على ذلك، وتذكر التحسن الذي طرأ عليك، هذه محفزات تقلص كثيرًا من بقية الأعراض والمشاعر السلبية التي تأتيك من وقت لآخر.

سبب الطنين: حقيقة في بعض الأحيان يصعب تمامًا تحديد الأسباب، هل هي عضوية، هل هي نفسية؟ لكن من الواضح أن السبب ليس خطيرًا في حالتك، قد يكون ناتجًا من أسباب متعددة، على رأسها القلق، التوتر، هل لتعاطي الحشيش مساهمة في ذلك أم لا؟ هل توجد التهابات فيروسية بسيطة في الأذن الداخلية؟ إذن الاحتمالات واردة وكثيرة حقيقة، لكن المهم هو أن تتعامل مع هذا الأمر بشيء من التجاهل، وهذا - إن شاء الله تعالى – يفيدك، وأنا أعتبره مخرجًا طيبًا.

لا شك أن التزامك بممارسة الرياضة وإصرارك على التحسن سوف يضع المسارات الكيميائية في وضعها الصحيح، ونحن لا نملك حقائق قاطعة حول هذه المسارات الكيميائية، لابد أن أكون واضحًا في هذا الأمر.

هنالك مؤشرات قوية جدًّا تدل على أن اضطراب كيمياء الدماغ يلعب دورًا أساسيًا في الكثير من الأعراض النفسية، وحتى بعض الأعراض الجسدية، لكن لا نستطيع أن نقول إننا على درجة قاطعة من اليقين.

إذن بناءً على المعلومات الراجحة التي تدل على هذا الاضطراب الكيميائي نستطيع أن نقول إن التحسن أيضًا مرتبط ارتباطًا وثيقًا بأن هذه المكونات الكيميائية والبيولوجية قد رجعت إلى مساراتها الصحيحة.

بالنسبة للثقل في الرأس أرى أنه ناتج من انقباضات عضلية، هذا هو الذي أراه وهذا عرض نشاهده كثيرًا جدًّا لدى الإخوة الذين لديهم بعض أعراض القلق، ونعرف أن عضلة فروة الرأس هي عضلة كبيرة ممتدة، وأقل نوع من التوترات قد يظهر في شكل انقباضات وثقل في الرأس.

بالنسبة للتفسير الآخر الذي أخبرك بأن هذا الأمر ربما يكون ناتجًا من العين أو الشياطين، أنا حقيقة قد لا أتفق مع هذا الأمر، لكني دائمًا أوصي نفسي وإخواني بأن الإنسان يجب أن يحصن نفسه من شرور الإنس والجن، وأن يؤمن ويوقن أن الله خير حافظ، وأعتقد أن هذا كافٍ تمامًا.

بالنسبة للوساوس: الحمد لله تعالى أنت وصلت لدرجة طيبة من التواؤم مع ما تبقى منها، وعليك أن تلجأ إلى الحيل النفسية التي تغلق على الوساوس.

بالنسبة لموضوع: التفكير في الجنون، أتفق معك هذه معروفة، أن الذين يتخوفون من الجنون لا يصابون به، والذين يدعون الجنون قد يصابون به! هذه قولة ربما تكون صحيحة وربما تكون غير ذلك.

بالنسبة لموضوع جلوسك أمام الكمبيوتر لفترات طويلة: سوء استخدام الكمبيوتر وارد، وحتى إدمانه وارد، وهنالك دارسات قامت بها الأستاذة الدكتورة الأمريكية (يُونج) أكبر دراسة قامت بها سنة 1994 أشارت إلى أن إدمان الكمبيوتر يمكن أن يحدث للناس، وكل من يتعامل مع الكمبيوتر دون أن تحتاج وظيفته لذلك لمدة تزيد عن أربع وعشرين ساعة في الأسبوع ربما يكون قد أدمن على الكمبيوتر، كما أن الإنسان إذا رأى أنه متشوق للتعاطي مع الكمبيوتر في كل لحظة وأنه يفضله على كثير من الأنشطة الأخرى والواجبات، هذا نوع من الإدمان أو سوء الاستخدام.

لا أعتقد أنك قد وصلت لهذه الدرجة أبدًا، لكن أرجو أن تدير وقتك بصورة صحيحة، هذا سوف يجنبك التعاطي السلبي مع الكمبيوتر.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً