الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من الإهمال واللامبالاة ومن ثقتي أنني سأنجز ما تم تأجيله كما يجب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أسأل الله أن يجزي القائمين على هذا الصرح المبارك خير الجزاء، وأن يبارك سعيهم، ويرفع قدرهم، ويُعلي ذكرهم في الدارين. اللهم آمين.

الحقيقة هذه استشارة تتعلق بصفة لصيقة وملازمة لي من سنين كثيرة، وهي -اللامبالاة والإهمال الفظيعين -، تتمثل أهم معالمها في التأجيل المستمر للواجبات والالتزامات، ولدي حالة لا توصف من البرود، خاصة بصفتي طالبا جامعيا الآن في سنتي الأولى، في الوقت الذي يكون فيه الطلاب في أشد حالات القلق والاهتمام الدراسي والجد والاجتهاد!!

وعندي - كما أوهم نفسي - ثقة أنني سأنجز ما تم تأجيله كما يجب .. ومع كل ذلك أنا دائما من أوائل الطلبة، والأول في كل السنين الدراسية على مدار دراستي إلا سنتين فقط!! كنت فيهما الثالث أو الرابع.

لا أعرف إن كان السبب الذكاء الذي وهبني الله إياه، وقدرتي على الإلمام الجيد أم ماذا؟!

لكن هذه الصفة أصابتني بالضيق الشديد، والمشكلة أني أعرف الحلول، لكن نفس الصفة تمنعني من التطبيق!! وكثيرا ما أضع لنفسي خطة عمل، والتزامات يومية ولا أطبق منها شيئا.

أهلي يحبونني جدا والحمد لله، ويؤمنون بأن الله وهبني كثيرا من الصفات لا يملكها غيري، أنا محب لديني والحمد لله، وأحب الدعوة وطلب العلم، لكن وقتي ضائع، ولا أحسن استغلاله نتيجة اللامبالاة هذه.

أنا عندي غدا امتحان في أصعب المواد، ولم أذاكر منها كلمة!! وقد أرسب لا قدر الله، وأهلي حسهم مرهف جدا في هذه القضية، وأبي قد يمرض بسبب النتيجة لما يعرفه عني وعن سوابق تفوقي وشهادة المعلمين لي، فضلا عن عائلتي وما تنتظره مني بصفتي أول طبيب في العائلة، وكذا الجيران وأهل المسجد ومعلميّ السابقون جميعا، كلهم يأملون الخير لي ويدعون لي بالتوفيق، وينتظرون مني أن أكون قائدا مغيرا في مجالي وفي دعوتي، ومع ذلك أشعر وكأن لا شيء! ليس تقليلا من شأن ذلك، ولكنها الثقة الكاذبة والتأجيل المدمر.

أسهر كثيرا، وأنام طويلا، وخامل حال استيقاظي، وأقضي معظم يومي أمام الإنترنت، وقد ازدادت بلواي بمعرفة فتاة مؤخرا، على دين وخلق، عبر الوباء المسمى بالفيس بوك هذا ... بدأ الأمر بنصح وتوجيه مني لها، ثم أغرانا الهوى واستمر الحديث، والآن اتفقنا بجدية على الانتهاء والتوبة والحمد لله، ولم يطل الأمر كثيرا بفضله وحده، لكني انشغلت بها كثيرا، خصوصا وقد صادقت أختي وقامت بزيارتنا أكثر من مرة، وأهلي أحبوها كثيرا، وبدأت فكرة الزواج تراودني مبكرا، وحاجتي الملحة لأبناء وأسرة فاضلة ترفع راية الإسلام، خصوصا وأني محب للتربية، وقد ضاع وقت كثير في هذا التفكير شبيه العاشقين.

ليس لي أصدقاء سوء والحمد لله، وبيتي كله على خير، وضياع الوقت ليس في المعاصي والحمد لله، إنما هي الغفلة وكفاها من إثم ... فلا تطوع لي، ولا فضل عمل، ولا طعم للصلاة كما كان في السابق.

أضيف إلى ذلك حالة الشرود الذهني وقلة التركيز أيضا، وهذا عائق كبير في التحصيل الدراسي.

أحببت بيان المشكلة وأسبابها ليأتي الجواب شافيا... ببساطة أبغي العزم، والمبادرة، والهمة العالية، والاستغلال الأمثل للوقت، وترك الدعة والخمول، وتنفيذ ما أعده من الواجبات والالتزامات دون تأجيل، الدينية كانت أو الدراسية.

وأرجو من سيادتكم إجابة تفصيلية عميقة الحلول لعل الله ينفعني بكم.

وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكرا لك يا عبد الرحمن على رسالتك المفصلة.
لقد عادت بي رسالتك لسنوات سابقة من حياتي عندما كنتُ في السنة الأولى من كلية الطب، حيث تكثر المشاغل والاهتمامات وكمية الدراسة المطلوبة، وربما التفكير بالزواج والعلاقات..

أشعر من ذكائك يا عبد الرحمن، وأنت ذكرت هذا في رسالتك، أنك تعلم ما هي المشكلة، وتدرك ما هي الحلول، ولا أظن أنك في حاجة "لإجابة تفصيلية عميقة للحلول" كما ذكرت!

ببساطة عندك واجب عليك القيام به من الدراسة والمذاكرة، وتقديم الامتحانات، وأنت وكما يبدو من رسالتك تريد فعل هذا، ولذلك كتبت لنا تطلب المساعدة.

أنت تعلم ما عليه فعله، وتعلم أن عليك تأجيل موضوع هذه الفتاة، على صلاحها، وأن تنصرف للعمل المطلوب منك.

لا أظن أن الجواب في حاجة للمزيد من التفصيل، وأنت في حاجة لكل دقيقة، فلا تضيع المزيد منها في قراءة جوابي!
وفقك الله ويسّر لك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً