الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أستطيع مساعدة إخوتي وتربيتهم؟

السؤال

السلام عليكم.

أسعدكم الإله و بارك فيكم.

لدي أخ عمره 14 سنة، سريع الغضب، لا يتحمل نصيحة ولا حتى تلميحة، ولا كلمات عابرة! فكيف أتعامل معه؟ ولدي أخت عمرها تقريباً 11 سنة، وأخ آخر عمره تقريباً 6 سنوات، تحدث بينهم الكثير من الخلافات في المنزل وخارجه، فكيف أتعامل معهما؟ مع العلم أني ملجئ بعد الله سبحانه للكبير والصغير وللبصير وللضرير، أعانكم الله على كل شيء خطير.

أرجو الإفادة, لتقليص حجم شكواهم، أصلحهم الله وهداهم، شكر الله لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أخت صابر حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

بداية نشكر لك التواصل مع هذا الموقع، ونسأل الله أن يلهمك السداد والرشاد، ونشكر لك الاهتمام بأمور إخوانك الصغار ورعايتهم والحرص على الإصلاح بينهم، وأرجو أن تعلمي أن هذا الشجار الذي يحدث بين الأطفال يعتبر من الأمور الطبيعية، وليس فيه إشكال، ولكن الإشكال في كيفية التعامل معه، لأن كيفية التعامل مع الشجار هو الذي يُعقد الشجار وهو الذي يدعو إلى مزيد من الشجار، فإذا لاحظ الأبناء أن الوالدة تنزعج وأنك تنزعجين، فهذا يؤجج نيران الصراع.

كذلك إذا كان التدخل سالبًا، بأن نقول أنت يا فلان مخطأ وأنت لماذا دائم المشاكل، هذا يجلب المزيد من الشجار، وكذلك غياب العدل في البيت سبب من أسباب الشجار، كذلك عدم الاهتمام بأحد الأفراد سبب للشجار، فلابد أن نعرف أولاً ما هو أسباب الشجار والخصام الذي يحدث، فإذا عُرف السبب بطل العجب، وسهل علينا بحول الله وقوته إصلاح الخلل والعطب.

هناك وصفة مهمة جدًّا لطريقة معالجة الشجار عندما يحدث:

الخطوة الأولى: أن نفرق بين المتشاجرين دون أن نتكلم.

الخطوة الثانية: أن نعطي للكل وظيفة، يا صالح افتح الباب، يا خديجة اذهبي وافعلي كذا.

الخطوة الثالثة: الحوار للطرفين (يا فاطمة ايش عندك مع أخيك، لماذا أنت دائمًا تتشاجرين معه، هو يحبك ويحب لك الخير) اعرف الأسباب، ثم آتي بصالح (لماذا تخاصم شقيقتك، هي أختك، وهي تحبك) وإن كان بالإمكان الاعتذار والمصافحة اجعلهم يتصافحون ويتسامحون مع بعضهم، ثم بعد ذلك أشركهم في نشاط جماعي، كحلقة تلاوة، أو نظافة البيت، أو ترتيب بعض الأشياء في البيت، هذه وصفة مهمة جدًّا في علاج الشجار.

كذلك من الضروري خصائص المراحل العمرية في هؤلاء الأبناء، فمن الطبيعي الذي وصل أربعة عشر عامًا أن يكون حساسًا، أن يكون غير قابل للتوجيه، خاصة التوجيه المباشر، أن يكون عنده مشاجرات مع أخته التي تليه، هذه كلها أشياء طبيعية، لأنه وصل مرحلة يعتقد فيها أنه أصبح رجلاً، فهو يرفض الوصايا، فلا يصلح معه إلا الحوار، والإقناع، والاهتمام، والتواصل معه، الإحسان إليه، الدعاء له، ثم هو في مرحلة يحتاج إلى تعامل خاص، ومن الطبيعي أن يكون في هذه المرحلة حساسا، ألا يقبل النصح المباشر، ولذلك ينبغي أن تحاوريه، وتناقشيه، وتقدمي بين يدي الحوار الإحسان والمساعدة له، وإذا كنت ولله الحمد ملجأ يرجع إليك فهذه نعمة من الله تبارك وتعالى فكوني عادلة، كوني لطيفة، سامحي، وأصلحي، وتعاطفي، واعرفي خصائص كل مرحلة عمرية، حتى البنت على أبواب مرحلة جديدة، هي مرحلة تعرفين فيها نتائج الأفعال، هي مرحلة ناضجة فيها تأخذ وتُعطي، هي مرحلة أيضًا تحتاج إلى مكانة اجتماعية بالنسبة لها، هي في مرحلة أيضًا تحتاج إلى أن نشغلها بمهام تثبت فيها شخصيتها.

أما بالنسبة للصغير فهو في مرحلة التمركز حول النفس، وهذه المرحلة ستتغير، فهو الآن يحب كل الأشياء أن تكون له، ولعل هذا هو مصدر الصراع في أن يحب أن يكون كل شيء له، فمرحلة ست سنوات هي مرحلة تمركز حول النفس، فقد يكون فيه شيء من الأنانية والحب لنفسه، لكننا لا نسميها أنانية باعتبار أنها مرحلة عمرية ستزول بعد أن يخرج إلى السنة السابعة التي هي سنة التدبر والتأمل، وهي السنة التي يؤمر فيها بالصلاة (مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع).

نسأل الله تبارك وتعالى أن يعينك على الخير، وأن يعينك على القيام بهذا الدور الكبير، ونحن حقيقة سعداء جدًّا بهذه الاستشارة التي تدل على اهتمامك وعلى القيام بدورك، وأرجو أن تجدي التشجيع من الآباء والأمهات والتعاون والاتفاق على خطة تربوية موحدة، فقد يكون السبب أيضًا هو أن الوالدة تدلع الصغيرة، أو أن الوالد يدلع الكبير، أو أن هذا المراهق من الطبيعي يميل للوالدة، فهذه أشياء ينبغي أن تُفهم في إطارها، لأن فهم هذه الأمور لما يعين على النجاح في هذه المهمة الكبيرة التي تقومي بها، ونحن نشكرك عليها الشكر الجزيل، ونسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً