الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تسفيه والدي لي وقلة ثقافتي جعلتني غريبا في المجتمع!

السؤال

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله, أما بعد,,

السلام عليكم

أنا شاب بعمر 22 سنة, مشكلتي أنني أخاف من قيادة الدراجة والسيارة, وإذا قدت الدراجة أحسست بخوف أنني سأصطدم بشيء, أو سأسقط, وخصوصا عندما تسرع بي, أو عندما أكون في الزحام, في حين أرى الآخرين يجيدون قيادة كل أنواع المواصلات, أما أنا فالأمر عندي مركب, فأنا لا أثق بنفسي أنني أسوق جيدا, وزيادة على ذلك الخوف.

أما المشكلة الأخرى هي أنني ليست لي قاعدة ثقافية, فأنا لا أجيد الحديث عن السياسة وأمور الدين, ولا حتى الرياضات.

أما بالنسبة لمجال دراستي فأنا لست حاذقا فيها, أسمع انتقادات من أبي وأخي, وذات مرة قال لي أبي أنني لا أصلح لا للعمل, ولا للعبادة, كل هذا أدى إلى اضطراب في شخصيتي, وأورثني الكسل, والهم, لذلك كتبت لكم لأستشيركم, ماذا أفعل لكي أصبح شخصية قوية ورجلا يعتمد عليه؟ وكيف أتخلص من الخوف؟

أفيدوني جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

إن موضوع الخوف من سياقة الدراجة والسيارة هو نوع من المخاوف البسيطة ذات الصبغة, أو الصيغة الوسواسية, لديك خوف افتراضي وسواسي، هو الذي يجعلك تحس بالأحاسيس التي تحدث لك عند قيادة السيارة أو الدراجة.

أما بالنسبة لموضوع أنك قليل المعرفة, وأنك مُحبط, ولا تجيد التواصل الاجتماعي، وقول والدك أنك لا تصلح لا للعمل ولا للعبادة، هذا بالطبع كلام خطأ، وكلام يجب ألا يُقبل –مع احترامي الشديد لوالدك– والدك لا أعتقد أنه أراد أن ينتقدك، إنما أراد أن يحفزك ويرفع من همتك، ويريدك أن تكون في مقام أرفع مما أنت عليه.

الثقة في النفس أمر نسبي جدًّا، ولا أحد يستطيع أن يدعي أن ثقته في نفسه كاملة، ولا أحد أيضًا يستطيع أن يدعي أن يقول أنه لا توجد لديه ثقة في نفسه، والثقة في النفس يجب ألا تُترك لنا لنقيِّمها - أي يجب ألا نقيم أنفسنا - لأن الإنسان كثيرًا لا يكون منصفًا مع نفسه، قد يعطيها فوق حقها، أو قد يُجحف في حقها، لذا نقول إن الإنسان دائمًا أفضل له أن يحكم على نفسه من خلال أفعاله وأعماله وليس من خلال مشاعره.

أنت إذا كنت من الذين يديرون وقتهم بصورة معقولة, الاستيقاظ لصلاة الفجر، الذهاب إلى مكان العمل أو الدراسة، أخذ قسط من الراحة، شيء من التواصل الاجتماعي، الترفيه عن النفس؛ هذا أمر معقول جدًّا، وهذه كلها أفعال جيدة وطيبة يستطيع الإنسان أن يطورها, وأن يزيد من معدلاتها، وهذا سوف يُشعره بالرضى، وهذه هي الثقة بالنفس. فإذن الإنسان مُلزم أن يفعل ويعمل ويكون فعالا.

ثانيًا: المعتقدات الخاطئة والأفكار السلبية التلقائية حول الذات، مثلا أنت ذكرت أنك ليست لك قاعدة ثقافية، لماذا حكمت على نفسك بهذا، أنت تملك معرفة لكن قد لا تكون للدرجة التي تصل إلى تطلعاتك، والطريق معروف جدًّا كيف تصل إلى المعرفة، وذلك من خلال الاطلاع، من خلال الحوار، من خلال المثابرة على ذلك، لا تؤْتَى هذه الأمور للإنسان من تلقاء نفسها، إنما العلم بالتعلم.

أعد العدة، أن تنطلق انطلاقة جديدة، أن تكون لك ثقة في نفسك – كما استعملت أنت هذا التعبير مجازًا – وأنا أقول لك الثقة تأتي من خلال الفعل، أنت شاب، لديك طاقات نفسية ولديك طاقات جسدية لا بد أن تستفيد منها، ولا بد أن تشارك أسرتك في قراراتها وفي أعمالها، وتكون عضوًا مبادرًا وفعالا ومفيدًا، هذا يُكسبك رضا والديك، وفي نفس الوقت يُشعرك بالفعل بقيمتك الداخلية.

اجعل لك صحبة من الطيبين والخيرين والصالحين والفعالين في الحياة، هذا أيضًا يحسن لديك الدافعية.

بالنسبة لموضوع الخوف من سياقة الدراجة والسيارة: هذا يجب أن تتجاهله تمامًا، وتحقر هذه الفكرة، ولا تتجنب أيضًا قيادة الدراجة أو السيارة، وأعتقد أنك إذا تناولت أحد الأدوية المضادة للمخاوف هذا سوف يفيدك كثيرًا، فهنالك دواء يعرف تجاريا باسم (لسترال) أو (لزولفت) ويعرف علميًا باسم (سيرترالين) وربما تكون له مسميات تجارية أخرى في المغرب، احصل على هذا الدواء, وابدأ في تناوله بجرعة نصف حبة –أي خمسة وعشرين مليجرامًا– تناولها ليلا لمدة عشرة أيام، ثم بعد ذلك ارفعها إلى حبة كاملة، تناولها ليلا لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة يوميًا لمدة شهرٍ، ثم توقف عن تناول الدواء, هو من الأدوية البسيطة, والجيدة, والمفيدة, والفاعلة.

نسأل الله لك التوفيق والسداد، وبارك الله فيك، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً