الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خوف وهلع شديد بعد وفاة صديقين لي.. كيف أزيل ذلك الخوف؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا طالب جامعي عمري 20 سنة، منذ 5 أشهر أصبت بصدمة نفسية قوية بسبب وفاة صديقين لي بشكل متتابع، ودخلت في حاله خوف شديد، وهلع والآن أصبحت مصاب بالوسواس القهري، والخوف من الموت، أصبحت عندما أفتح الردايو مثلا، وأستمع إلى القرآن لو سمعت آيات عن الموت أقول هذا يقصدني, حتى وصل بي الحال أني لو قرأت أي شيء على الفيسبوك أو التويتر ويذكر فيه الموت أنسبه إلى نفسي ...

والحالة عندي خفت شوي من فترة، ولكن رجعت وأصبحت أقوى فأصبحت كلما أقرأ من المصحف ويكون فيه تفسير بجانب المصحف إذا وقعت عيني على تفسير آية أقول تقصدني وأصبحت أدخل في حالات من التطير الشديدة والأفكار عندما تأتيني لا أستطيع التخلص منها، وكل يوم فكره جديدة، وما زادني خوفا ومرضا أني كنت على اليوتوب واستعلمت الفيديو الذي يقول فيه الشيخ إن الإنسان تأتيه أشارات على قرب موته ...فأصبت بحالة خوف شديدة وأصبح بالنسبة لي كل شيء أراه أو أسمعه أخاف إن يكون إشارة.

آسف على أن طولت عليكم، ولكن أنا فعلا عقلي دمرني، والسعادة ذهبت من عندي.

الحمد لله على كل حال، أفيدوني وساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فإنك تعبر وجدانيًا عن وفاة صديقيك - نسأل الله تعالى لهما الرحمة والمغفرة – وظهر هذا التعبير في شكل سلوكي يحتوي على مخاوف وكذلك وساوس خاصة حول الموت.

إذن أنت تعاني من قلق المخاوف الوسواسية، والسبب واضح جدًّا، هو حدث الوفاة، ويظهر أن شخصيتك من النوع الحساس والرقيق وسريع التأثر، لأنني كما ألاحظ أنك كما تفضلت يسيطر عليك التفكير الإيحائي فيما تقرأه في اليوتيوب والتيويتر أو شيء من هذا القبيل، وهذا بالطبع يدل على التكوين النفسي لشخصيتك.

هذا لا يعتبر مرضًا، هذا نوع من الظواهر المتعلقة بسمات الشخصية، ومثل هذه الأعراض - إن شاء الله تعالى – تختفي بمرور الوقت، ويجب أن تبني قناعات جديدة، لا تتطير، لا تتشاءم، قضية الموت هي قضية محسومة في الدين، والآجال لا يعلمها إلا الله تعالى، لا أحد يستطيع أن يتنبأ، ولا أحد يستطيع أن يقول أن هناك إشارات أو شيء من هذا القبيل، الأمر محسوم تمامًا، فأرجو أن تعيش تحت هذا النوع من التفكير، وأن تسأل الله تعالى أن يحفظك، وأن يطيل عمرك في عمل الخير، وأن يحسن العاقبة، وأن يحسن خاتمنا ولجميع المسلمين بخاتمة السعادة.

هذا هو المنهج الذي ينبغي أن تتبعه، وأنت الحمد لله تعالى شاب صغير في السن، وأمامك الكثير الذي يمكن أن تقوم به، لا تدع للفراغ مجالاً حتى لا تهجم عليك الوسوسة، عليك بالقراءة والاطلاع، مصاحبة الصالحين من الناس، ممارسة الرياضة، أن تكون صلاتك في وقتها، تلاوة القرآن، الإصرار على التفوق الأكاديمي، بر الوالدين، مد يد العون للآخرين... هذه تُخرجك تمامًا من كابوس هذه المخاوف الوسواسية.

وأنا أرى أنك أيضًا لو تناولت دواءً بسيطًا مثل عقار فافرين لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، أعتقد أن ذلك سوف يكون أمرًا جيدًا، لأن الفافرين له خاصية أساسية في علاج المخاوف الوسواسية العابرة، وفي ذات الوقت هو دواء سليم وطيب وغير إدماني، والجرعة المطلوبة في حالتك هي جرعة صغيرة جدًّا، تبدأ بخمسين ليلاً، تتناولها لمدة أسبوعين، بعد ذلك تجعلها مائة مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تجعلها خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً