الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تشاهد مناظر غير لائقة، كيف أتصرف؟

السؤال

السلام عليكم.

أختي التي تصغرني سناً، وهي في السنة الأولى في الجامعة، وقد قدر الله لي أن أرى في جوالها فيديو به مناظر إباحية، كانت قد تركته ودخلت أنا الغرفة ووجدته، ولم أتصور ولو للحظة أن أرى ذلك منها في يوم من الأيام! فهي بها خير كثير والله حسيبها.

غير أنها في الأيام السابقة أراها دائماً تحمل الجوال وتميل إلى العزلة في غرفتها، وتدخل الفيس بوك، لم أتخيل أن أرى ذلك أبداً منها.

ويحزنني أني طلبت منها مرتين أن تقرأ القرآن في رمضان فلم تفعل، وطلبت منها الذهاب معي لصلاة التراويح في المسجد القريب منا فلم تذهب، وأني والله أحبها جداً، ولكني أخشي عليها.

كيف أتصرف وأنا لا أتحدث معها كثيراً، فأنا بطبعي لا أتحدث إلا قليلاً، وأسمعها عندما تحدثني عن أخبار الجامعة والأهل، وهكذا حتى أني لا أخبرها عن أخباري بالفعل لا أتحدث أسأل الله أن يغفر لي.

سؤالي: هل أخبرها بما رأيت في جوالها أم أسترها؟ وهل هذا يعتبر تجسساً عليها؟ فهي أبداً لا تنظر في أشياء غيرها أو في جوالي، وإني متأكدة أن الله تعالى لا يكشف ستره من أول مرة، فلا بد أن هذا تكرر، أم إن هذا لذنب ارتكبته أنا فرأيت ذلك، مع العلم أني لم أستطع أكمال المشاهدة، فقد كان الحدث كالصاعقة لي.

وكيف تعرف أن هذا الفعل حرام؟ وهي ليس لديها علم شرعي، هل أتحدث معها في مواضيع ذات صلة، ولكنني أخجل، أرشدوني كيف أتصرف وأنا أخشى عليها من الاستمرار في هذا الوضع، فهي لا تزال تشاهد ذلك المشهد؟ أرجوكم ردوا بأقرب فرصة فأنا جداً قلقة عليها، ولا أدري كيف أتصرف؟

جزاكم الله خيراً، وآسفة على الإطالة عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نهى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحابته ومن والاه.

نرحب بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونرحب بأختك، ونسأل الله تبارك وتعالى الهداية للجميع، ونشكر لك هذا التواصل مع الموقع، ونشكر لك هذه الثقة في موقعك، ونشكر لك أيضًا هذه المشاعر النبيلة وهذا الحرص على هداية الأخت وعلى مصلحتها، وهذا حقيقة واجب من أمثالك من الفاضلات، فإن الدين النصيحة، لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المؤمنين وعامتهم، ونشكر لك هذا الحرص على هداية هذه الأخت، فإنها بالمنزلة الرفيعة بالنسبة لك.

ونقترح عليك أن تقتربي منها، وأن تبيني لها خطورة هذه المواقع، وأن تبيني لها أنك قليلة الكلام لكن لأن الشرور كثيرة في هذا الزمان ولأنك سمعت عن ممارسات خاطئة للبنات وعن رسائل متبادلة بين الشباب، فعليك أن تفتحي معها هذا الموضوع ليس على أنها متهمة، ولكن قولي لها بأنك قرأت وبأنك سمعت بأن هذه الأمور مغضبة لله تبارك وتعالى، وأنها لا تُرضي الله تبارك وتعالى، وهي مصدر دمار ومصدر تدمير لمستقبلها ولحيائها ولحياتها، إذا شغلت نفسها بمثل هذه الأمور.

وبيّني لها أن في هذه الجامعات نحن نسمع عنها بأن هناك شريرات وهناك بعض الممارسات الخاطئة، (فاحرصي يا أختِي العزيزة على مصداقة الصالحات، وراقبي رب الأرض والسموات) فتكلمي معها بهذه الطريقة، وتجعلي المسألة كأنه حوار، وإذا كنت عاجزة عن ذلك فلا مانع من أن يقوم بهذا الدور أحد الأخوة أو الأخوات أو الوالدة نفسها، ولكن ليس بالضروري أن تُخبريها بأنك شاهدتِ شيئًا وبأنك وجدتِ شيئًا، لكن دائمًا نحن نقول بأن الطبيب إذا كشف المرض لا يعيد الفحص مرة ثانية، ولكن يبدأ مباشرة في العلاج.

وبيّني لها أن كثيرًا من الصور والمشاهد التي يتبادلها الطلاب والطالبات هي من الأمور التي تُغضب رب الأرض والسموات، ورغم أن تعليمها جامعيًا، إلا أنه ينبغي للإنسان أن يحذر في الصداقات وفي الذين حوله، فتحافظ على نفسها وتحافظ على سمعتها، وذلك بحرصها على أن تحتكم لأمر الشريعة وضوابط هذا الشرع الحنيف الذي شرفنا الله تبارك وتعالى به في كل صغيرة وكبيرة.

لذلك نحن نتمنى أن تواصلي العلاج وأن تحرصي على علاج مما هي فيه، فهي فعلاً في حاجة إليك، وهي فعلاً بحاجة إلى من يأخذ بيدها، لكن لا بد أن يسبق ذلك إحسان واقتراب منها واهتمام بها واهتمام بدراستها، ولا بد لأهل البيت أيضًا أن يقتربوا منها دائمًا، وأرجو أن تكرري لها الدعوة بالذهاب معك إلى المسجد، واعملي معها حلقة للتلاوة، وذكريها بالله تبارك وتعالى، وبيّني لها أننا في أيام فاضلة جدًّا، في أيام طيبة جدًّا، واعلمي أن مثل هذه المشاهد لها تأثير على علم الإنسان وعلى مستقبل الإنسان وعلى استقرارها النفسي والعاطفي، وهذه أشياء تترك آثار خطيرة جدًّا على النفس، فمثل هذه الأشياء لا بد من علاجها.

إذا لم تعي بعد كل هذا الكلام وبعد كل هذه المحاولات فيمكن أن تدخلي معها في العمق، فتقولي لها (بعض البنات يشاهدن بعض الأفلام الخليعة، وهي بالخطورة بمكان، وهذه لا تليق بالبنات في هذه السن، فهل عندك يا أخِتي مثل هذه الأفلام، أوَ تفعلون هذا في الجامعات؟ لأننا نسمع بوجود هذه الأشياء في المدارس الثانوية وفي الجامعات والبنات والشباب يفعلون هذا) وعند ذلك هي ستتعظ، ولا بد أن تظهري الغضب الشديد وأنك غير راضية، (وسبحان الله كيف يصنع مثل هذه الأمور الشباب والفتيات، إلى هذه الدرجة، أين الآباء أين الأمهات أين الغيرة أين الدين) وكأنك تكلمين شخصًا آخر معكم في المجلس، فعند ذلك ستكون الرسالة وصلت، وبعد ذلك عليك أن تراقبي التغيرات في تصرفاتها، فإذا وجدتها تتحسن ولبّت النداء ورجعت إلى الله وأقبلت على الله وغيرت من انطوائها وجلوسها وحدها، فاعلمي أن العلاج قد أتى ثماره وأُكله.

وإن كانت الأخرى فلا بد من خطوة تتلو هذه الخطوة، كأن تكلمي وتسري سرًّا للوالدة مثلاً أو لمن يحسن التصرف، بشرط أن يحسن التصرف في التعامل مع مثل هذه المشاهد أو هذه المواقف، وإذا لم يكن هناك من يحسن التصرف فأنت حاولي أن تبيني لها هذا الأمر أن بعض الأخوات وجدت في جوال أختها مثل هذه الأفلام، كأنك تقربي لها الصورة، وطبعًا لا تخلو من الذكاء وستعرف أنها المرادة من الكلام، وستعرف خطورة ذلك، ولكن نقول الخير ما زال فيها، لكنها تحتاج إلى توجيه وتحتاج إلى مناقشة هذه الأحداث السالبة التي بكل أسف تحدث في المجتمعات بين الشباب وبين الفتيات، وذكريها بالله تبارك وتعالى، واحرصي على أن تجعليها تقترب من طاعة الله، وكوني إلى جوارها، ونسأل الله لها ولبنات المسلمين ولشبابهم الهداية والخير والصلاح.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • تركيا ابو حذيفة

    اللهم اهدنا إلى طريق التوبة

  • هديل

    انا اتمنى ان يهديها الله و ان يهدي جميع المؤمنين

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً