الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مشاكل صحية واجتماعية أدت إلى شعوري باليأس والاكتئاب.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر جميع القائمين على هذا الموقع لإتاحتهم الفرصة لنا بالاستفسار والفضفضة، راجين المولى -عز وجل- أن يجعله في ميزان حسناتكم، ويجزيكم خير الجزاء.

أنا شاب أبلغ من العمر 30 عاماً، أعاني من بعض المشاكل الصحية والاجتماعية، والتي أعتقد أنها قادتني إلى مشكلات نفسية، في البداية أنا -ولله الحمد- شاب ملتزم ومحافظ على الصلاة، وأخلاقي عالية بشهادة المقربين، مشكلاتي تتلخص في أني أعاني من مرض التهاب الشبكية الصباغي (العشى الليلي)، وكما تعلمون فهذا المرض لا يوجد له علاج إلى يومنا هذا، وأعاني أيضاً من السمنة المفرطة -وزني 120 كيلو غراماً وطولي 170 سم- وأعاني من تضخم الثديين، هذا من الناحية الصحية، والتي بدورها أدت إلى مشكلات اجتماعية، حيث أنني اتعرض للكثير من المواقف المحرجة بسبب ضعف بصري وزيادة وزني؛ مما أدى إلى مشاكل في عملي، حيث أني أعمل في مجال الصيدلة، ولا أجد الاستقرار في عملي.

مشكلتي الاجتماعية الرئيسية والتي جعلتني أكتب لكم، أني لا أجد زوجة ترضى بي، تقدمت لخطبة عدة فتيات، وفي كل مرة أقابل بالرفض عندما أصارحهم بما أعاني من مشاكل في بصري وفي وزني، وأنا كشاب لدي احتياجات عاطفية وجسدية ملحة، أفكر كثيراً في الجنس، وفي الأطفال، وفي رغبتي في تكوين أسرة، ولا أجد الزوجة بسبب ما أعانيه من مشاكل.. ما يزعجني أكثر هو شعوري المستمر بأن حياتي متوقفة، وحياة الآخرين مستمرة، أشعر أن الزمن يسبقني، حيث أن جميع أصدقائي وأقاربي الذين في عمري تزوجوا ورزق بعضهم بأطفال، أشعر بالوحدة كثيراً، أشعر أن الجميع لديهم اهتماماتهم ومشاغلهم، إلا أنا.

بسبب كل هذا أشعر بالوحدة والاكتئاب والحزن، ولا أستطيع إظهار أي من هذه المشاعر، حتى لا أؤذي أهلي، ولا أشكو لأحد همي، بل على العكس أحاول التظاهر بالفرح والفكاهة في أغلب الأوقات، أشعر بالاكتئاب، ولا أشعر بقيمة الحياة، ولا أجد ما يستحق التعب لأجله، لا أهتم كثيراً بعملي ولا أحبه، أهتم بإنقاص وزني ولكني أتكاسل، لا أعلم لماذا؟ لا أجد الدافع والحافز، أشعر بفراغ في حياتي، ولا أرى ما هو مثير في مستقبلي.

في كثير من الأحيان أبكي لوحدي بحرقة، خاصة عند ازدياد شعوري باليأس، أو عند تعرضي لموقف محرج يذكرني بمشاكلي، ولكني أندم بشدة بعد بكائي؛ لأنني أشعر أنني فشلت في اختبار الصبر على الابتلاء.

أعتذر على الإطالة، وأتمنى أن يتسع صدركم لهذه الفضفضة، وإذا كان لديكم ما تنصحونني به فلكم جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي أود أن أبدأ به هو أن العلل الجسدية قد تؤثر على الإنسان سلبًا، لكن بالصبر وبالتوكل وبالقناعة بما قسمه الله تعالى للإنسان يصل الإنسان إلى قناعة أن ما به فيه خير كثير له.

أنت تتمتع -بفضل الله تعالى- بحسن الخلق وبالتدين، وهذه ميزات عظيمة جدًّا -أسأل الله تعالى أن يثبت الجميع على المحجة البيضاء- وفي الطب عمومًا نحن دائمًا ندعو لما يمكن علاجه، هنالك علل يمكن علاجها، وهناك علل لا يمكن علاجها، وأنت لديك مشكلة الإبصار ربما لم يتوفر لها علاج حتى الآن، لكن قطعًا السّمنة يمكن علاجها، وهذا أمر بيدك تمامًا، أمر يتطلب منك فقط الجدية، يتطلب منك العزيمة، يتطلب منك الإصرار، يتطلب منك التأمل والتدبر في نوعية الوصمة الاجتماعية التي بدأت تشعر بها، وأنا أعتقد أن السّمنة هي المشكلة الرئيسية وليس موضوع البصر فيما يخص الزواج وقبول الفتيات لشخصك الكريم.

فيا -أخِي الكريم-: اذهب وقابل أخصائي التغذية -هذا مهم جدًّا- كثير من الناس يتكاسل في تخفيف وزنه، لكن حين يجد المعالج الداعم والثقة هذا يُشجعه كثيرًا. أخصائي التغذية ليس مهمته فقط أن يُطلعك عل نوعية الأطعمة التي تؤدي إلى انخفاض الوزن، إنما من خلال مساندته ومحاورته سوف تتغير مفاهيمك كثيرًا على السُّمنة، وأنا متأكد أن التكاسل ومخاوفك المُعيقة كلها سوف تنتهي.

اتخذ قرارًا حازمًا ونافذًا فيما يخص علاج زيادة الوزن، وأصبحتْ الآن الوسائل كثيرة جدًّا، هنالك بعض العمليات التي تُجرى على الجهاز الهضمي، وهنالك نُظم حمية معروفة، وممارسة الرياضة فيها خير كثير، فيجب أن تعالج ما يمكن علاجه، وهذا سوف يجعلك تتناسى كل الصعوبات الأخرى وتقبلها خاصة فيما يتعلق بموضوع النظر.

أنا أعتقد أن فشلك في التحكم في وزنك هو الذي أدخل عليك المزاج الاكتئابي وجعلك تحس بالإحباط وتقلل من قيمة نفسك. إذن جوهر الأمر يتعلق بالسمنة، ونعرف -ومن خلال أبحاث كثيرة- أن أربعين إلى ستين بالمائة من الذين يعانون من السمنة يعانون من الاكتئاب النفسي، فيجب أن تدبر نفسك بصورة أفضل، وتعالج السمنة لديك.

هنالك دواء يحسن المزاج ولا يزيد الوزن -بل ربما يخفضه- يعرف باسم (بروزاك) واسمه العلمي (فلوكستين) وبما أنك تعمل في مجال الصيدلة، فلابد أن تكون على إدراك ومعرفة بهذا الدواء، فهو سليم وفاعل وغير إدماني، فأعتقد أنك يمكن أن تبدأ في تناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم، تناوله لمدة شهر، بعد ذلك اجعلها كبسولتين في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى كبسولة واحدة في اليوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أيضًا سيكون من المستحسن أن تتحدث مع بعض الأصدقاء والإخوة حول بداية والدخول في مشروع لتخفيف الوزن وممارسة الرياضة، وأنا متأكد أنك سوف تجد مساندة منهم، حتى الذين أوزانهم معقولة جدًّا ومن قبيل الحماسة ومساعدتك سوف ينخرطون معك في البرامج الرياضية وكل ما يفيد الصحة، هذا جانب لا تنساه أبدا.

من الضروري جدًّا أن تجتهد في عملك المهني وتطوره، وإن أردت أيضًا أن تتحصل على مستوى علمي أرفع فهذا أيضًا جيد، فالناس يقيَّمون بسموهم وأخلاقهم ودينهم ومعرفتهم وليس بأشكالهم أبدًا.

أسأل الله تعالى أن يرزقك الزوجة الصالحة، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكر على التواصل مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً