الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما مدى الشفاء من الكهرباء في الفص الأمامي من الجبهة؟

السؤال


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسأل الله العلي العظيم لنا ولكم التوفيق؛ لما تقدمونه من نصح وتوجيه وإرشاد لأمثالنا ممن يجهل العلوم الطيبة, فجزاكم الله عنا خيرًا.

سؤالي هو: لدي طفل يبلغ من العمر 8 سنوات, وفي أول أيام رمضان المبارك
لعام 1433هـ سهرنا حتى السحور, ونام الطفل, وأردت مداعبته وإيقاظه, فننادين بصوت مرتفع حاتم حاتم حاتم, وإذا به يشد يديه للأمام, ويحدق بعينيه, ويحاول التنفس كالمفجوع, فسميت عليه وهدأته, وعاد للنوم مرة أخرى, وبعد ساعة حصل نفس ما حصل قبل, وذهبت به للمستشفى, وقال الطبيب: الأمر عادي, وبما أنها تحدث وقت النوم فلا خوف منها - حسب ما وصفت له -.

وفي منتصف الشهر نام بعد صلاة الفجر, واستمر نائمًا حتى العصر, وأيقظته للصلاة, وذهبنا للمسجد, وقال: عندي ألم في بطني, فقلت: ارجع للبيت, ورجع ونام, وبعد ساعة أصيب بتشنج وهو نائم, واستمر قرابة الخمس دقائق, وخرج منه لعاب كثير, وتم نقله للمستشفى, وتنوم بالمستشفى عشرة أيام لا يتشنج إلا وهو نائم, وشاهده الطبيب أثناء التشنج وتسجيل مقطع فيديو, وقال: من المحتمل أن يكون الفص الأمامي, وعمل تخطيطًا, وأشعة مقطعية, ونتيجة التخطيط أن فيه كهرباء زائدة, والأشعة سليمة, ولكنه لم يستجب للعلاج - (ديباكين وفينيتون وتوباماكس) -.

وقد دخل المستشفى في 13 رمضان, وخرج في 24 رمضان, وأخذته إلى استشاري أعصاب الأطفال, وقام بإيقاف الفينيتون مباشرة, والديباكين بالتدريج, وأبقى على التوباماكس 25جرامًا مرتين, وصرف له كيبرا ثلاثة ملي مرتين, ولكن لم يحدث تغير, فما زال يتشنج أثناء النوم, يحدق بعينيه, ويثني يده اليمنى, ويمد اليسرى, وكأنه يبحث عن نفس, مع صوت شخير خفيف, لمدة خمس إلى عشر ثوانٍ, وهكذا أثناء فترة نومه, كل ساعتين يتشنج لثوانٍ قليلة, ويرجع طبيعيًا وينام.

وفي منتصف شوال أدخلته مستشفى متخصصًا, وتم تنويمه في وحدة مراقبة تخطيط, ومراقبة كاميرا لمدة 24 ساعة, وسجلنا 7 حالات تشنج, وبعد الانتهاء قال الطبيب: يوجد كهرباء, ولكن لم نستطع تحديد مصدرها بالضبط؛ لذلك سوف نعمل أشعة رنين, وأشعة صبغة نووية, وتم عملها, وكلها سليمة - ولله الحمد - وأيضًا قال: لم نستطع تحديد المصدر, فقاموا بإيقاف التوباماكس, وصرفوا له تجريتول بجرعة صغيرة, مع متابعة التحاليل, ولله الحمد والمنه توقف عن التشنج أثناء النوم, وتم رفع الجرعة إلى 200 سي ار مرتين باليوم, مع الاستمرار على الكيبرا.

وتم الكشف عليه من أخصائي الذكاء, وقال: نموه طبيعي, ولم يلاحظ عليه شيئًا غير طبيعي, وأعطاني بعض التوجيهات لطريقة التعامل معه, وعدم تكليفه بواجبات مدرسية زائدة, ومراعاة الحالة النفسية له, وقال الدكتور: إن حالته غريبة, فهناك كهرباء في الفص الأمامي, ولكن لم نستطع تحديد مصدر الكهرباء: هل هو يمين أم يسار أم فوق أم تحت؟

وبما أنه استجاب للعلاج, فالحمد لله نستمر, ونرى ما يكون بعد فترة, وأثناء ملاحظته وهو نائم أصبح يتحرك ويتقلب كثيرًا, ويتمطط, ويقبض أصابعه ويبسطها, ويتكلم أحيانًا أثناء النوم, وتصيبه مثل الرعشة الخفيفة جدًّا أثناء النوم, ويشتكي أحيانًا من رأسه, ومغص في بطنه, ويزول سريعًا, فما هو تشخيص حالته؟
وهل - بإذن الله - تعتبر خفيفة, وتنتهي مع الوقت؟

لله الأمر من قبل ومن بعد, ولكن:

هل نسبة الشفاء عالية لمثل حالته من الناحية الطبية؟
وهل تطول فترة العلاج؟
وهل من الممكن أن تتطور لتصبح تحدثًا في غير وقت النوم؟
وهل هناك معايير لزيادة الكهرباء؟ أي كهرباء عالية أو متوسطة أو خفيفة، أم أنها زيادة غير منتظمة فقط؟
وهل هناك تدخل جراحي - لا سمح الله - لمثل حالته؟
وهل هناك توجيه بعمل شيء معين له من كشوفات وخلافها أو نصيحة معينة؟

وعذرًا للإطالة, وأرجوا أن تسامحني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ abdullah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فإن السمات والأعراض التي أصابت ابنك بالفعل هي ناتجة من زيادة في كهرباء الدماغ، ولابد أن أكون صريحًا وواضحًا معك، وأقول لك: إن التشخيص هو مرض الصرع، وهذا يجب ألا يشعرك بأي نوع من الحسرة أو الصدمة أو الوصمة الاجتماعية، فهذه الحالات موجودة, ونوبات الصرع تختلف من إنسان إلى آخر - خاصة بين الأطفال - فهنالك عدة أنواع، ويمكن أن يكون منشأ البؤرة أي جسم من الدماغ، نعم النوبات التي تنشأ من الفص الأمامي أقل بكثير مما ينشأ في بقية أجزاء الدماغ، والصرع الليلي – أو الصرع النومي – دائمًا يعتبر أقل خطورة, وهذا الكلام كلام علمي, وليس من قبيل أن نطمئنك فقط.

بالنسبة للاستجابة الدوائية: هنالك عدة أدوية، مثلاً الفنيتوين والدباكين تعتبر هي الأقوى، لكن هذا الطفل حقيقة لم يستجيب لها، غالبًا لعدم وجود توافق جيني لهذه الأدوية، ولكنه استجاب للتجراتول, والذي هو أيضًا دواء ممتاز, لكن فعاليته بصفة عامة تكون أقل من الفنيتوين أو الدباكين.

بالطبع التجراتول أفضل كثيرًا للأطفال, وكذلك (كِبرا) من الأدوية الجيدة جدًّا، فالذي أرجوه - وحسب ما يكون قد نُصحت من قِبل الأطباء - هو ضرورة الحرص على إعطائه الدواء في وقته, وبالكمية الموصوفة, وللمدة المطلوبة, وعدم التهاون في ذلك، وجرعة الدواء دائمًا تُحسب من خلال حساب وزن الطفل، وهنالك تحاليل دورية للدم لابد أن تُجرى، هذا هو البروتوكول الأساسي جدًّا لعلاج مثل هذه الحالات، فكن حريصًا على ذلك.

الأمر الآخر هو أن يعامل الطفل معاملة عادية، لا أقصد إهمال أمره، ولكن نبتعد قليلاً عن تدليله أكثر مما يجب، نعم هو طفل له ظروف خاصة، لكن إذا أكثرنا من تدليله فربما يؤدي إلى شيء من الاعتمادية والإعاقة الاجتماعية، ولا تتطور شخصيته، فعاملوه معاملة عادية جدًّا، وحفّزوه، وشجعوه، فهذا مطلوب بالطبع، لكن في ذلك الوقت يجب أن يُنهى عمَّا هو خطأ، واجعلوه بعد فترة يُدرك ماهية مرضه، وأنها حالة بسيطة، وتُشرح له الحالة بلغة مبسطة، ويُحتم عليه ضرورة مواصلة العلاج، وهذا هو جوهر المطلوب في مثل هذه الحالات.

الحمد لله هذا الطفل مستوى الذكاء لديه طبيعي، ومعاملته بشيء من التحفيز - كما ذكرنا - سوف تساعده.

موضوع الحركة النومية والتقلب أثناء الليل: فهذا أمر عادي جدًّا.
والرعشة الخفيفة ربما تكون عارضة من عوارض استعمال الدواء.
والشكوى والمغص في البطن تحدث أيضًا في مثل هذه الحالات، ولا أقول: نهمل الطفل، ولكن لا نعيرها اهتمامًا شديدًا؛ لأن الطفل قد يكون أيضًا بصورة لا شعورية يستدر العطف، وهذا لا يعني أنه لا يعرض على الطبيب.

هذه الحالة - إن شاء الله - سوف تنتهي، بشرط أن تحرص على المدة العلاجية التي يقررها الطبيب، ونسبة الشفاء عالية جدًّا.

سؤالك: هل يمكن أن تتطور حالته لتصبح تحدثًا في غير وقت النوم؟ .. لا أعتقد ذلك، خاصة إذا كان هناك حرص على تناول الدواء، والهدف هو ألا تحدث له هذه النوبات أثناء النوم، وإن حدثت أثناء النوم فلا بد أن يُنظر في أمر العلاج مرة أخرى.

عقدية زيادة الكهرباء ومعاييرها ونوعيتها: هذه مصطلحات تقديرية جدًّا، فالذي يحدث أنه توجد بؤرة نشطة، هذه البؤرة هي التي تنطلق منها هذه الشحنات الكهربائية الدماغية، وقد تكون البؤرة كبيرة جدًّا, ويكون المنتج – أو المخرج الكهربائي – ضعيفًا، وقد تكون صغيرة وقد يكون المخرج الكهربائي قويًا، وهكذا، والمهم في نهاية الأمر الالتزام بالعلاج.

سؤالك: هل هنالك تدخل جراحي – لا قدر الله – في مثل حالته؟ .. لا أعتقد أن هذا الابن يحتاج لتدخل جراحي، لكن بصفة عامة أمراض الصرع الشديدة التي لا تستجيب لأي نوع من العلاج الدوائي مع وضوح مكان ونوعية البؤرة هنا قد يحصل تدخل جراحي، لكن هذا الابن – حفظه الله – لا يحتاج لشيء من هذا.

التوجيهات - كما ذكرتُ لك - هي أن يعامل الطفل معاملة عادية، بأن يذهب إلى مدرسته، وأن يبتعد قليلاً عن الجلوس على الكمبيوتر لفترات طويلة، وكذلك عدم مواجهة الأنوار الساطعة، وألا يشرب كميات كبيرة من السوائل في لحظة واحدة، ولا نحرمه أبدًا من أي نوع من الأطعمة أو الشراب، على أن يكون شُرب السوائل بكميات قليلة, وعلى فترات متفرقة من اليوم.

شفى الله ابنكم شفاء عاجلاً.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • العراق عطر الرياحين

    بارك الله بالدكتور والاخت اللي سألت لانها نفس حالة ابني بالضبط والدكتور كان جوابه شافي ووافي وفقكم الله

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً