الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ما سر تغير أبي المفاجئ نحونا .. هل من المحتمل أن يكون سحرا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشك أن أبي قد عمل له عمل من قبيل الشعوذة, أو أنني لا أدري ما الذي حصل له؟! لكن عصبيته المفرطة تجاهنا أثارت شكوكي حول زوجته بأنها أشربته ماءً أو من هذا القبيل.

أرجو النصح.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نجم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت, وعن أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يشرح صدرك للذي هو خير, كما نسأله تبارك وتعالى أن يصرف عن والدك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظه بما يحفظ به عباده الصالحين، وأن يعافيه من اعتداء المعتدين, وظلم الظالمين, وحسد الحاسدين, وإجرام المجرمين.

وبخصوص ما ورد برسالتك من أنك تشك أن والدك قد فُعل له سحر, ولا تدري، حيث إن عصبيته – كما ذكرت – قد زادت, وأثارت شكوكم، وأصبحتم تشكون في زوجته بأنها قد سقته شيئًا به شيء من السحر أدى إلى أن يفعل هذه الأشياء غير المتوقعة، وأن يتصرف هذه التصرفات التي لم تكن في حسابكم، خاصة قضية العصبية المفرطة - كما ذكرتَ -.

أنا أقول: لا أستبعد أن يكون هناك شيء من هذا القبيل، خاصة وأني قد فهمتُ من رسالتك أن زوجته – غير الوالدة – فلعله تزوج بامرأة ثانية، ولعل هذه المرأة أرادت أن تستحوذ عليه لنفسها، وأن تسخره لها وحدها، وأن تتحكم فيه، أو أن تجعله ينفر منكم، فبدأت تفعل ذلك, هذا قد يكون حقيقة، وقد يكون وهمًا؛ لأن هذه العصبية قد يكون لها ظروفها ودواعيها؛ ولذلك أتمنى باعتبار أنك رجل كبير ورجل واعٍ - ولابد أن والدك يحترمك - من أن تتكلم معه أولاً، وأن تستفسر منه، وأن تقول له: (والدي الكريم: أنا ألاحظ بأن هناك عصبية زائدة خلال هذه الفترة، هل أنت تعاني من مشكلة معينة فمن الممكن أن نساعدك في حلها؟) لا تتهم ولا توجه أصابع الاتهام لزوجته؛ لأنك إن فعلت ذلك فإنه لم ولن يقبل منك ذلك، ولن يتحمل، وقد تسوء العلاقة بينكم.

ولذلك ابدأ كأنك تريد أن تقف معه لا ضده، وقل له: (والدي الكريم: هل أنت تعاني من مشكلة معينة من الممكن أن نتعاون معًا في حلها؟ لأني ألاحظ أن هناك بعض العصبية بدأت تبدو في تصرفاتك، وأنا أخاف عليك؛ لأنك والدنا وعزيز علينا – وغير ذلك -) استمع إلى كلامه، فإن وجدت كلامه معقولاً، ووجدت أن هناك سببًا أدى إلى هذه العصبية فاحمد الله تعالى أنك لم تمشِ في طريق الخطأ، وأن اتهامك لهذه الأخت – زوجته – كان رجمًا بالغيب، فتستغفر الله وتتوب إليه.

أما إذا لم يُبدِ لك أي سبب منطقي أو شيء من هذا القبيل، فما المانع أن تقوم بعمل رقية شرعية له؟! .. إذا قلت له بأنك مسحور فقد لا يقبل ذلك، وهذا أمر طبيعي جدًّا، ولكن من الممكن أن تذهب إلى أحد الإخوة الرقاة والمعالجين الثقات الذين يعالجون بطريقة شرعية، وأن تطلب منه القراءة على ماء، وأن تقدم هذا الماء لأبيك ليشربه، أو على الطعام الذي يأكله دون أن يشعر؛ لأن الرقية الشرعية إما أن تكون مباشرة, وإما أن تكون بالواسطة، والمباشرة هي الأفضل يقينًا، بأن يقرأ الراقي على الشخص نفسه، هذا إن استطعنا إلى ذلك سبيلاً، أما إذا لم نستطع فلا مانع من أن يُقرأ على زيت، ولا مانع أن يُقرأ على ماء أو على طعام، وهذه الأشياء المستعملة التي يستعملها يكون مقروءً عليها، وسوف تتضح الآثار بعد ذلك؛ لأن السحر إذا كان مشروبًا أو مطعومًا سيكون علاجه في الطعام والشراب أيضًا، بأن نقدم له طعامًا مقروء عليه الرقية الشرعية قراءة مكثفة، ونقدم له شرابًا مقروء عليه أيضًا، حتى يتغلب كلام الله تعالى وكلام نبيه - عليه الصلاة والسلام – على كلام السحرة والمشعوذين والدجلة.

إذا كانت بينك وبينه علاقة جيدة وطلبت منه أن يذهب معك إلى بعض الرقاة والمعالجين ووافق على ذلك فأعتقد بذلك أن تكون المسألة قد حُلت بطريقة أفضل؛ لأن القراءة المباشرة أفضل من القراءة بالواسطة، فحاول ألا تُشعره بأنك تشك في شيء من السحر أو غيره، وإنما تستفسر عن حالته، وتقول له: (لعل لديك بعض الضغوط، فنحن على استعداد أن نقف معك لحل أي مشكلة كائنة ما كانت), وهو بلا شك عندما يشعر بهذا النوع من التعاطف سوف يتفاعل معكم - بإذن الله تعالى – وسوف يفرح بهذا، وبالتالي سوف يفتح قلبه لك ليُخرج ما في قلبه، وبالتالي تستطيعون أن تصلوا إلى ما تريدون.

أما إذا لم يكن هناك سبب واضح، فإذا كانت علاقتكم جيدة ووالدك من النوع المرن، قل له: (ما المانع أن نذهب إلى بعض المشايخ لاحتمال أن يكون هناك أحد قد حسدك؟) لا تقل: (قد سحرك) حتى لا تجعله يلتفت إلى أنك تلمز على زوجته، خاصة وأنه يعلم أنكم لا تحبونها، وأنكم تتهمونها، أو تشكون فيها، وعند ذلك سوف يقف معها بكل ما أوتي من قوة، وبالتالي يناصبكم العداء, وتزداد الحالة سوءً.

اجتهد تمامًا ألا تقع في مثل هذا الأمر، لا بالتصريح ولا بالتعريض؛ حتى تسلموا؛ حتى تأمنوا جانبه؛ حتى لا تسوء العلاقة بينكم أكثر مما هي عليه الآن, وأعتقد أننا بذلك سنحل الأمر بسهولة ويسر، فإن ذهب معك لأحد المعالجين الثقات فأعتقد أن ذلك حسن، وإذا قدر الله ولم يذهب فلا مانع من إحضار ماء مقروء عليه ليُخلط بالماء الذي يشربه عندكم في بيتكم، أو بالطعام الذي يأكله، لعل الله تبارك وتعالى أن يجعل ذلك سببًا في شفائه من هذه الأمور التي تتوقعون أن تكون قد حدثت بسبب تدخل امرأته في هذا الأمر، ومحاولة استمالته لها، وأن يكون ذلك على حسابكم.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يصرف عنكم كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظكم وأهليكم بما يحفظ به عباده الصالحين، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً