الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أصبحت أعيش بين الوسواس والهوس! ما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا ريم, بعمر 25 سنة، وزني 52 كجم.
-أعاني من الوسواس القهري من طفولتي تقريباً، وأنا في سبع أو تسع سنين, وكان شديدا جداً آنذاك, ولكن لا أنا ولا أهلي نعلم أنه مرض نفسي! ولكن الآن مقارنة بالطفولة فهو أهون بكثير وفرق كبير جداً, ولكن ما زلت أعاني منه .

المهم ذهبت مرة لدكتور نفسي قبل خمس سنين تقريبا على ما أظن, وأعطاني (سيبراليكس) وقال لي خذي حبة لمدة شهر وعاوديني ولكن لم أعد, ورفعت الجرعة بعد شهر بعد القراءة على النت عن طريقة استخدام الدواء, وأحسست بعدها أني منهارة ومندفعة جداً.

كنت أريد الخروج من المنزل ولا أستطيع الصبر ولا أبالي بأهلي، ولكن عندما رأيت نفسي هكذا خفت وأوقفته, خفت أن أفعل شيئاً تحت تأثير الدواء وأندم عليه مستقبلاً.

المهم الآن أتناول فافرين من ثاني العيد الفطر, وكنت أتناوله من آخر شعبان كم يوم وأتركه، وفي رمضان أيضاً, ولكن من ثاني العيد واصلت عليه لم أتركه سوى يومين على ما أظن.

أتتني فترة وأنا على فافرين عند الاستيقاظ من النوم والوقوف في دورة المياه -الله يكرمكم- كنت أشعر بعدم المقدرة على التنفس بسهولة، وشعرت بأني لو أطلت الوقوف سيغمى علي، وعلى ما أظن كانت ترافقني أعراض القلق والشعور بعطش وخمول شديد، وبعد الصلاة أتمدد وآخذ نفساً سريعاً كأني صعدت جبلاً.

هذه الأعراض كانت تأتيني قبل الدواء بين فترة وفترة وتصل للإغماء أحياناً, المهم كنت أشرب الماء وآكل الموالح، لأني قست الضغط بالمنزل ووجدته منخفضاً. المهم هذه الأعراض اختفت وعاودتني! هل الدواء لا يناسبني؟

المشكلة الثانية عند رفعي لجرعة الفافرين بعد شهر وكم يوم على خمسين رفعتها لمئة، ولكن كنت سعيدة جداً ونشطة جدا وحيوية وأريد فقط أن أمزح وأضحك وفي السوق فعلت مواقف محرجة لمن كان معي، ولم أكن أبالي بالناس، كنت جداً جريئة وسعيدة جداً جداً, فقرأت بأنه هوس! وعدت خفضت الجرعة لخمسين من ثلاثة أيام وأنتهى الهوس أو ربما خف.

هل أنا لدي مرض ثنائي القطب؟ رغم أن في نشرة العلاج مكتوب من آثاره النادرة الهوس.

أشعر بأن الوسواس تحسن لدي قليلا.
هل أستمر عالعلاج؟ وأريد أن أرفع الجرعة,هل أرفعها ومع الاستمرار سيذهب الهوس؟

إذا كان الهوس ليس خطيراً فليس لدي مشكلة فيه بأن يبقى، فصلت لكم لكي تتضح الحالة وتستطيعون التشخيص السليم جزاكم الله خيراً.

حفظكم الله ولا حرمنا الله منكم ووفقكم لكل خير ورزقكم كل خير.

شكراً جزيلاً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

قد ذكرت أنك كنت تعانين من وساوس قهرية حادة خاصة في مرحلة الطفولة، وبعد ذلك ظلت معك الوساوس لكنها أصبحت أقل حدة، وهذا تطور طبيعي للوساوس القهرية، من تأتيهم في سن مبكرة كثيرًا ما تختفي عنهم بعد ذلك.

تناولك للأدوية المضادة للوساوس - والتي يعرف عنها أنها مضادة للاكتئاب أيضًا في نفس الوقت – أدى إلى بعض التغيرات، والتغيرات من الواضح أن المزاج لديك قد ارتفع نسبيًا، ودخلت في حالة يمكن أن نسميها (انشراحية)، وهذا دليل قاطع أنك بالفعل تعانين من اضطراب وجداني ثنائي القطبية، لكنها من الدرجة البسيطة والبسيطة جدًّا.

الحمد لله تعالى أنت قد اكتشفت السبب، وهو: أن الأدوية المضادة للاكتئاب سوف تدفعك نحو القطب الانشراحي، وذلك بناء على أنك في الأصل لديك قابلية للاضطراب الوجداني ثنائي القطبية، لكنه من الدرجة البسيطة كما ذكرت لك.

أرجو أن تكوني حذرة جدًّا في تناول الأدوية المضادة للاكتئاب، ومعظم العلماء لديهم موقف صارم جدًّا من هذا الأمر، وهو أن الذين لديهم قابلية للدخول في القطب الانشراحي إذا تناولوا الأدوية المضادة للاكتئاب – وهي الأدوية المضادة للوساوس في نفس الوقت – فيجب ألا يتناولوا هذه الأدوية، وإذا اضطروا لذلك فيجب أن يكونوا تحت إشراف طبي مباشر.

أيتها الفاضلة الكريمة: أنا حقيقة أنصحك بألا تواصلي على الفافرين، سيبقى سؤال مهم، وهو: أريد أن أعالج الوساوس؟ ومن وجهة نظري هذا سؤال جيد وجيد جدًّا، وأنا في مثل هذه الحالات أنصح بتطبيق العلاجات السلوكية، العلاجات السلوكية التي تقوم على رفض فكرة الوسواس وتحقيرها، واستبدالها بما هو مخالف لها قولاً كان أو فعلاً، مع تغيير نمط الحياة، وأعتقد أن وساوسك -الحمد لله تعالى- ليست بالشدة الشديدة، وهذا يشجع كثيرًا على ألا تتناولي الأدوية.

إذا لم تصلي لمرحلة مقبولة من التحسن على التمرينات السلوكية فقط فهنا يُصبح الدواء ضروريًا، لكن أنصح أن يكون تحت الإشراف الطبي المباشر، والحمد لله تعالى أنت تعيشين في المملكة العربية السعودية، وبها أطباء متميزون جدًّا، فأرجو ألا تستثقلي ذلك، واذهبي وقابلي أحد الأطباء.

للمزيد من المعرفة: أود أن أطلعك على أن في مثل هذه الحالات كثيرًا ما يُعطي الطبيب دواءً مثبتاً للمزاج، وفي ذات الوقت يمكن أن تُعطى جرعة صغيرة من دواء مضاد للاكتئاب، وهو نفس الدواء الذي سوف يكون مضادًا للوساوس، ويبحث الطبيب دائمًا عن الدواء الأقل فيما يخص إثارة القطب الانشراحي.

يقال إن عقار (ببربيون) والذي يعرف تجاريًا باسم (ولبيوترين) لا يؤدي إلى ظهور القطب الانشراحي، لكن فعاليته في علاج الوساوس ليست ممتازة، وهو حقيقة يعالج الاكتئاب بصورة جيدة جدًّا.

الدواء الثاني الذي يمكن تخيره هو عقار (سيرترالين) والذي يعرف تجاريًا باسم (زولفت) أو (لسترال) يمكن أن يُعطى بجرعة صغيرة (خمسة وعشرون مليجرامًا) مثلاً – أي نصف حبة – يوميًا، زائد العلاج السلوكي، وبعد شهر يمكن أن تُرفع جرعة السيرترالين إلى خمسين مليجرامًا ليلاً – أي تُصبح حبة كاملة – لكن من الضروري جدًّا أيضًا أن يتم تناول عقار مثل (دباكين) أو (تجراتول) معه، وهذه الأدوية يعرف عنها أنها مثبتة للمزاج، ولا تؤدي إلى ظهور القطب الانشراحي.

في بعض الأحيان يستعمل أيضًا عقار (سوركويل) والذي يعرف علميًا باسم (كواتبين) كدواء مثبت للمزاج، وفي ذات الوقت وُجد أنه يعالج الاكتئاب النفسي البسيط، لكنه في علاج الوساوس القهرية ليس جيدًا.

هذه كلها طروحات وحلول، والأمر - إن شاء الله تعالى – سهل جدًّا، فلا تنزعجي لحالتك، حالتك بسيطة لكنها تتطلب المحاذير، وقد ذكرتُ لك ما أراه مهمًّا، وإن شاء الله تعالى مفيد في حالتك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك الشفاء والعافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً