الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

يراودني كسل وخوف من الفشل، هل من حلول ونصائح؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في هذه الأيام أعيش لحظات ما بين الندم وتأنيب الضمير والبكاء، هل هذا الذي يحدث قدري، أم أن السبب كسلي وفشلي في التحكم في نفسي، والوقت الذي أضعته وأصبحت أقول، هل هذا أنا؟

والقصة أنني طالب في كلية عملية في الفرقة الرابعة، وعمري عشرين عاما، والمشكلة تبدأ عندما كنت في الفرقة الأولى وضعت لنفسي هدفا أن أكون معيدا في كليتي، وأتنقل في العلم حتى أخدم الإسلام والمسلمين، وفى الفرقة الأولى حصلت على جيد، وقلت لا بأس وهكذا، ولكني كنت أمل وأكسل أحيانا وأذاكر أحيانا، وهكذا تكرر معي في الفرقة الثانية، والثالثة وكل مرة في هذه السنين الثلاث أحاول أن أتفادى خطأي في المرة السابقة، ولكني أتفاداه في فترة معينة، ثم أرجع ثانيا بسبب الكسل، وكل مرة كنت أحاسب نفسي، ولكن بلا جدوى إلى أن وصلت في هذا العام إلى الفرقة الرابعة، وشعرت أن السنين التي ذهبت من عمري لم أفعل شيئا وتقديري التراكمي جيد، واسترجعت ذكرياتي وتألمت لأنه كان هناك بيدي الذي أفعله لأحقق هدفي، ولكني لم أفعله.

الله -سبحانه وتعالى- رزقني الذكاء والهيبة والشطارة ومحبة العلم، ونعم لا تعد ولا تحصى، ولم أوفي حقها في أن أستعملها لأصل لمكان أعلى وأخدم الإسلام والمسلمين، نعم أعرف خطأي وأعلم (أن ما أصابني لم يكن ليخطئني وأن ما أخطاني لم يكن ليصيبني) ولكني أشعر بالذنب بسبب أنى مقصر في حق الله وحقي الوالدين، ورغم كل هذا فلا مكان لليأس في حياتي.

ومع بداية كل عام كنت أقول أخطاء الأعوام الماضية لن أكررها إن شاء الله، وأحاول أن أصل لتقدير أعلى، ويكون نيتي إرضاء الله عز وجل، ولكن المشكلة عندما أخطط لهدف آخر يروادني الكسل والفشل في الماضي، وأقول في نفسي عندما وضعت هدفا، وأن أكون معيدا، ولم أحققه، فلن أستطيع تحقيق هدف آخر! هذه هي المشكلة التي تواجهني الآن الندم والشعور بالذنب، وعلى الرغم من ذلك أحاول أن أصلح من نفسي وأقول لعله خير، وأعتبرها دروسا أتعلمها من الحياة لمستقبل أفضل.

والمشكلة أنني لا أستطيع النسيان، وكلما هممت بعمل شيء جديد أتذكر التقصير وكسل الماضي، وما كان بيدي لكن في هذه الأيام أحاول أن أتفادها، وأغير من نفسي ووضعت هدفا جديدا وأسع إليه أن أكون عالما في مجالي ليرضى الله عنى، وأتمنى أن يجعلني من أولو العلم الذين وصفهم في القرآن الكريم على الرغم أن الظروف التي أمر بها الآن لا توحي بذلك، ولكني أعلم يقينا عندما أسع بصدق سيوفقني الله عز وجل مهما كانت الظروف وعندي أمل بالله أن هذه المحن ستتحول إن شاء الله إلى منح، ولكن أرجو مساعدتي في وضعي الآن والنصائح والحلول، وهل أستطيع أن أحقق شيئا عظيما على الرغم مما بي من فشل في هذه المشكلة التي أمر بها إلا أنني أخبرتكم بمشكلتي لأنكم أهل علم.

وسامحوني على الإطالة، وأدعو لي بأن يرزقني الله العلم، وأن أكون ممن يرفع شأن الإسلام وإظهار كلمة الحق بالعلم، وأن يخرجني الله مما أنا فيه.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

الحمد لله تعالى أنت شاب لك طاقات ومقدرات وأهدافك الحياتية واضحة جداً، وتريد أن تستنير بالدين والعلم وأسأل الله تعالى أن يوفقك لذلك.

وما ينتابك من شيء من الخذلان والشعور بالذنب، وربما شيئاً من الهزيمة الداخلية الذاتية، أعتقد أن ذلك يرجع أن درجة القلق لديك ترتفع، القلق في حد ذاته هو الذي يدفعك نحو الأداء، ونحو التفكير الإيجابي الجميل، لكن هذا القلق حين يخرج من نطاقه تكون له نتائج عكسية تظهر هذه النتائج العكسية في الشعور بالإحباط وتكبير الصغائر والانشغال بها والتردد، وحين يظهر التردد معنى ذلك أن الإنسان قد دخل في وضع وسواسي، والوضع الوسواسي يؤدي إلى عسر المزاج، وأعتقد أن هذا هو الذي يحدث لك.

أنا من ناحيتي أقول لك أرجو أن تطمئن أنت بخير، وسوف تظل على خير -إن شاء الله تعالى-، فقط حاول أن تنظم وقتك، العلم مهم وضروري، لكن في ذات الوقت لنفسك عليك حق في أشياء كثيرة.

يجب أن تأخذ قسطا كافيا من الراحة، يجب أن تتواصل اجتماعياً، يجب أن تروح عن نفسك بما هو متاح ومباح وحلال، زر أرحامك، ومارس الرياضة، اقرأ قراءات غير أكاديمية، استمع إلى الجيد من الأخبار والبرامج الطيبة والجميلة في التلفزيون وغيره، وهكذا.

إذن أنت محتاج إلى إعادة ترتيب بسيط في حياتك، أنت مركز من وجهة نظري أكثر مما يجب على الجانب الأكاديمي، وسيطر عليك ضميرك اليقظ، ويظهر أن منظومة القيم العظيمة أو الفضائل لديك مرتفعة جداً، وهذا يسبب حساسية للإنسان مما يجعله حقيقة يحاسب نفسه على كل صغيرة وكبيرة، وكما قلت لك تعظيم الصغائر هي مشكلة أساسية لدى الناس تحبطهم وتفقدهم طريقهم الفكري والمعرفي.

هذا هو الذي أود أن أنصحك به وفي ذات الوقت أرى أن حالتك سوف تستفيد من دواء مضاد للوساوس، وأنت محتاج إلى هذا الدواء لفترة قصيرة جداً، والدواء سليم، وتحتاج له بجرعة صغيرة، والدواء يسمى فلوزاك في مصر، وله مسمىً آخر هو بروزاك، واسمه العلمي هو فلوكستين أرى أن تذهب إلى الصيدلي، وتطلب هذا الدواء، وتتناوله بجرعة كبسولة واحدة في اليوم لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلها كبسولة يوما بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء.

أنا على ثقة كاملة -إن شاء الله تعالى- بعد مضي أربعة أسابيع من تناول الدواء سوف تحس براحة كاملة، وسوف يزول القلق، وسوف تتحسن لديك الاندفاعية، ويقل عندك التردد، وهنا يجب أن تستغل هذا الوضع النفسي الجديد، وتثبته وتقويه وتسعى للمزيد من الانجاز والتنظيم في حياتك.

أسأل الله تعالى أن يوفقك، وأن يسدد خطاك، ومن جانبي أشكرك جداً على ثقتك في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً