الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تساؤلات حول السواس القهري والأدوية المناسبة له

السؤال

السلام عليكم

أنا شاب من الجزائر، أبلغ من العمر 33 سنة، وأعمل مهندسا، مشكلتي بدأت عندما كان عمري 16 سنة، حيث أصبت بصدمة نفسية كانت بمثابة هلع, فبالرغم من أني تجاوزتها بعض الشيء مع مرور الوقت، إلا أني ما زلت أعاني من آثارها، فلقد كنت شخصا مرحا، اجتماعيا ونشيطا، إلا أني أصبحت بعد ذلك حزينا، قلقا، متقلب المزاج، كثير التفكير، قليل الكلام، ولا أهتم بنفسي كثيرا، أحتقرها، وألومها على ما صدر مني في الماضي، فبالرغم من أن من حولي يرون فيّ مثلا إلا أني لا أثق في نفسي، وأتردد في بعض الأمور، وينتابني بعضا من الخوف في الإقدام على الأمور خصوصا بشأن الزواج، فأنا متردد بشأن الزوجة التي سأختارها.

إضافة إلى ذلك فقد كنت أعاني من الشقيقة المعروفة بـ (migraine ophtalmique)، ومن آثارها رِؤية الذباب الطائر في العينين، فبالرغم من أني لا أشكو من الشقيقة حاليا، إلا أن رؤية الذباب الطائر في العينين لا يفارقني، وقمت بزيارة عدة أطباء عيون إلا أنهم قالوا لي: إنه ليس بي شيء، علما بأني أحمل نظارات طبية؛ لأن عندي ضعف في البصر (myopie).

قمت بزيارة طبيب نفسي منذ أيام، فشخص حالتي بأنها وسواس قهري، لكني لا أتفق معه، فبالرغم من أنه عندي وساوس، لكني لا أظن أنها قهرية، فأنا ليس عندي وسواس الطهارة أو الصلاة، وبالرغم من إلحاحي على أن أقوم بعلاج سلوكي إلا أنه أكد لي على أخد الأدوية كخطوة أولى، ووصف لي الأدوية التالية:

Anafranil 25/clonaprime

Haldol 2mg /haloperidol

Laroxyl 40mg /Amitriptyline

وقال لي: استمر على الأدوية لمدة 3 أشهر، فأنا متخوف جدا من هذه الأدوية، وتأثيرها علي، وأخاف أن تسبب لي إدمانا خصوصا (Haldol) أني قرأت عنه أنه للأمراض العقلية، والذهان وأنا ليس بي ذلك.

ما رأيكم يا دكتور في تشخيص الطبيب المعالج؟ وهل فعلا أنا أعاني من وسواس قهري؟ وهل الأدوية التي وصفها لي الطبيب تناسب حالتي؟ هل تؤثر على عملي؟ وهل سأوقفها بعد ثلاثة أشهر أو سيتم زيادة الجرعات؟

اسمح لي على الإطالة.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ رضوان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

فحقيقة الأخ الطبيب الذي قام بمعاينتك، ومناظرتك، وفحصك، ومن ثم أفادك أنك تعاني من وسواس قهري، لا شك أنه في وضع أفضل مني، لأن ما نسميه بالحوار الإكلينيكي في الطب النفسي – أي أن يحاور المعالِج المعالَج – دائمًا هي الوسيلة التشخيصية الرئيسية. هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: مما ذكرته من أعراض تنتابك أنا أكثر ميولاً أنك تعاني من قلق المخاوف، وقلق المخاوف قد يخالطه شيء من الوساوس؛ فإذن التداخل كبير بين هذه الحالات، وهنالك من يشخص حالتك بأنها مخاوف وسواسية، أي أنك تريد أن تُقدم على أمور معينة لكنك تتخوف، فإذن هنالك الجانب الترددي وهنالك الجانب الذي يتجسد في الخوف، وهنالك الجانب الوسواسي.

أما بالنسبة لكلمة (قهري) أرجو ألا تنزعج لها، لأن المقصود بالقهري ليس فقط هو قضية الطهارة، والقيام بالأفعال القهرية، أو اتباع الطقوس، فالقهرية المقصود بها أن الفكر أو الفعل يفرض نفسه على الإنسان، ويكون مشغولاً به، وربما يضطر أن يتبعه حتى لا يُصاب بالقلق، من هنا تأتي القهرية.

فيمكن أن نشخص حالتك على أنها قلق مخاوف ذو طابع وسواسي، وهذه حالة بسيطة حقيقة.

الطبيب وصف لك أدوية لا أستطيع أن أعيبها، فهو انتهج منهجًا أعطاك فيها أدوية قديمة نسبيًا، الأنفرانيل Anafranil دواء ممتاز لعلاج الوساوس، لكن لا أعرف لماذا قام الطبيب بإعطائك الإميتربتلين Amitriptyline في نفس الوقت، الدوائين متقاربين جدًّا، ربما يكون القصد أن يتحسن النوم لديك.

الـ Haldol هو دواء بالفعل يستعمل في الأمراض العقلية، لكن بجرعة صغيرة وجد أنه مفيد جدًّا لعلاج الوساوس، بمعنى أنه يدعم فعالية الأدوية الأخرى، فهنا قام الطبيب بإعطائك هذا الدواء ليس لعلاج حالة عقلية أو ذهانية، إنما القصد هو أن يدعم فعالية الأنفرانيل، وكذلك الإميتربتلين.

عمومًا هذه الأدوية سوف تفيدك - إن شاء الله تعالى – لأنها أدوية متعددة الفعاليات، تعالج القلق، تعالج التوتر، تعالج المخاوف، تعالج الوساوس، وكذلك محسنة للمزاج، وأرجو أن تعفيني حول إجابة سؤالك: هل الأدوية التي وصفها لي الطبيب تناسب حالتي؟ هل تؤثر على عملي؟ وهل سأوقفها بعد ثلاثة أشهر؟ أو سيتم زيادة الجرعات؟

لا شك أن الطبيب قد وصفها من منظوره، ومن تشخيصه لحالتك، أنا أعتقد أنك يمكن أن تجربها، وتتحمل بعض الآثار الجانبية البسيطة التي يكون الطبيب قد شرحها لك، وأهمها الشعور بالجفاف في الأيام الأولى، ربما يحصل لك أيضًا ثقل في العينين، وهذا لا يؤثر إن شاء الله على الإبصار، ربما يحدث إمساك بسيط، لكن هذا يختفي بالتدريج.

وإذا لم تتحسن أحوالك بصورة مقنعة على هذه الأدوية، أعتقد أن الطبيب يمكن أن ينقلك إلى دواء واحد، والدواء الذي أود أن أقترحه هو سبرالكس، وهو دواء ممتاز وفاعل، يعاب عليه فقط أنه مكلف بعض الشيء، وجرعته سوف تكون خمسة مليجراما – أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجراما – تتناولها يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك تجعلها عشرة مليجراما ليلاً، وتستمر عليها مثلاً لمدة ستة أشهر، بعد ذلك تخفضها خمسة مليجراما يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجراما يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين آخرين، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا أحد المقترحات، وإن كنتَ تود أن تضيف أي دواء للسبرالكس، فلا مانع من إضافة الأنفرانيل مثلاً، لكن أرجو ألا تتخذ أي خطوة دون استشارة طبيبك، أنا أرى أن حالتك إن شاء الله بسيطة، هي قلق المخاوف الوسواسي، وهذه الحالة يمكن احتوائها تمامًا.

دائمًا في الأمور التي ترى أن التردد قد سيطر عليك أرجو أن تلجأ إلى الاستخارة، الاستخارة مفيدة جدا، لأن العبد يستخير ممن بيده الخير، وهذا يزيل القلق والتوتر والتردد، ونصيحتي الأخرى لك هي أن تغير نمط حياتك، وأن تصبح أكثر إيجابية، وأن تطور مهنيًا، هذا كله يصرف عنك هذه الأعراض.

بالنسبة لموضوع العيون: كما أكد لك الطبيب المختص أرجو ألا تنزعج لموضوع الذبابة الطائرة، فهي علة معروفة، وهناك إجماع بين الأطباء أنها ليست مؤشر على وجود مرض حقيقي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد، وأشكرك لك تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً