الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أتخلص من حب الجاه وتعظيم الناس لي؟

السؤال

السلام عليكم.

بداية جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع, وإن كنت أنا من رواده الدائمين, ودائما ما استشيركم في أمور حياتي, ودائما تأتون بالنصيحة الموفقة, فجزاكم الله عني وعن المسلمين خيرا.

مشكلتي سيدي الفاضل باختصار: أنا بعدما ركزت فيما أفكر فيه دائما, وما يدور بخلدي، وجدت أني دائم التفكير في كيف كان شكلي أمام فلان عندما قلت كذا، كيف في المرة القادمة أكون ألمع وأكثر لباقة, وكيف في المرة القادمة عندما أتكلم أسرق الأضواء, ومن أمامي ينبهر بطريقة كلامي.

وجدت أني دائما أتخيل أني أتحدث إلى أحد الأشخاص، وفي كل مرة يحدث موقف اجتماعي تباعا يجب أن يعمل عقلي على تصور المقابلة مرة أخرى, وأتعمق كثيرا في أحلام اليقظة, وأن الموقف حصل بالطريقة الفلانية, وياليتني تكلمت بالطريقة الفلانية؛ لكنت ألبق وأحلى في عيون الناس.

شيء آخر: أنا متعمق جدا في أحلام اليقظة، أي شيء يحدث في حياتي أي موقف يحدث أمامى أجد نفسي بعدها أتخيل الموقف أنه كان كذا, وأني فعلت كذا، يحدث أمامي عراك بين شخصين, وأحدهم مظلوم، في الغالب أتدخل ولكن بعدها أتخيل الموقف مرة أخرى, وأني كنت فعلت كذا وكذا، وهكذا؛ ولكن في الغالب الأعم أنا دائما أتخيل أني أتحدث إلى فلان, أو أن الناس ينظرون إلي بالطريقة الفلانية.

أظن أنها رغبة داخلية بحب الأضواء والشهرة, وأن أكون صاحب شخصية لامعة وقوية وملفتة, خصوصا أني كان لدي عقدة منذ صغري من أخي الأكبر الذي كان اجتماعيا من الدرجة الممتازة, وكنت أغار منه جدا, وأحس أن الناس يحبوني عنه, هذه المشكلة معي حتى الآن أريد من الناس كلهم أن ينظرون إلي بإجلال وحب شديد, وأمتلئ بحب الجاه, ولا حول ولا قوة إلا بالله.

أرشدوني بارك الله فيكم, وإن كان الكلام غير منسق, ولكن ما هذا استطعت كتابته.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فأعتقد أن فكرك وما يبدر منك من تصرف يتمركز حول ذاتك، ودخولك في بعض التفاصيل المتعلقة بأدائك، ووضعك للأسئلة الافتراضية حول ما كان ينبغي أن تقوم به، وكذلك أحلام اليقظة والطريقة التي تسيطر بها: هذا كله -أيها الفاضل الكريم- تفكير وسواسي نمطي، والوساوس حين تكون بدرجة بسيطة ومعقولة لا بأس بها، لأنها تحسن من أداء الإنسان، لكن حين تتسع وتكون أكثر شدة وإطباقًا على الإنسان لا شك أنها تكون معيقة.

فأعتقد أن الذي تعاني منه هو قلق وسواسي، أضف إلى ذلك -ومع احترامي الشديد لشخصك الكريم- ربما يكون لديك شيء من حب الذات، ومحاولة أن تتجلى اجتماعيًا -كما يقولون- هذا ليس عيبًا، لكن يجب أن يكون بصورة معقولة، ويجب أن تحدَّ من أحلام اليقظة لديك، وفي ذات الوقت الأفكار التي تسيطر عليك تعالج دائمًا من خلال التحقير لها، الأفكار التي تراها ليست جيدة, وأنك تُشخّص الأمور وتشرحها أكثر مما يجب وتبحث عن الحقيقة وما ورائها، فهذا يجب أن تقابله بالرفض والتجاهل التام، وهذه وسيلة علاجية ممتازة.

من الضروري جدًّا والمهم أن تحدد لنفسك أهدافًا معينة، ضع بعض الاقتراحات فيما تود أن تقوم به، ويجب أن تكون لك برامج يومية، هذا يجعل نطاق فكرك منحصرًا بعض الشيء, ولا يتشتت, ولا تسرح بك أحلام اليقظة, ضع دائمًا خططا آنية, وخططا بعيدة المدى، والإنسان بالطبع يُقدم مشيئة الله تعالى في كل شيء, هذا سوف يساعدك كثيرًا.

ممارسة الرياضة أيضًا تمتص الشوائب النفسية السلبية، وممارسة تمارين الاسترخاء إن شاء الله تعالى فيها خير كثير لك، وإسلام ويب لديها استشارة تحت رقم (2136015) أرجو أن ترجع إليها, وتحاول أن تطبق التمارين الموجودة بها.

من المتفق عليه والأكيد تماما أن الأدوية -مثل بروزاك ومثل الفافرين- تَحدُّ كثيرًا من التفكير الوسواسي، فأنا أرى أنه لا بأس أبدًا في أن تتناول الفافرين (مثلاً) لمدة ثلاثة إلى أربعة أشهر، وجرعة البداية هي خمسون مليجرامًا، تناولها ليلاً لمدة أسبوعين، ثم ترفع جرعة الدواء إلى مائة مليجراما ليلاً لمدة شهرين، ثم تخفض إلى خمسين مليجرامًا ليلاً لمدة شهر، ثم خمسين مليجرامًا يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه جرعة بسيطة جدًّا، وهو دواء سليم معروف الفعالية في أنه يحد تمامًا من الفكر الوسواسي المصاحب لأحلام اليقظة المفرطة.

أرجو أيضًا أن تحرص في أن تنخرط في العمل الاجتماعي ومساعدة الضعفاء، هذا يؤدي إلى تطور نفسي إيجابي كبير، ويجعل الكوابح على النفس واضحة، خاصة إذا كانت النفس مفرطة كما ذكرت وتسعى لحب الجاه وشيء من هذا القبيل، فمساعدة الضعيف والانخراط في العمل الذي يفيد الآخرين وجد أنه من وسائل التأهيل النفسي والسلوكي الممتازة جدًّا.

إن شاء الله تعالى مشكلتك بسيطة، فأنت مدرك بما بك، وهذا شيء إيجابي جدًّا في حد ذاته.

أسأل الله لك التوفيق والسداد، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وعلى ثقتك في هذا الموقع.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً