الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أحس في المناطق المرتفعة أني سأرمي نفسي من الأعلى.

السؤال

السلام عليكم.

أنا أعاني منذ 4 سنوات من اكتئاب ووسواس قهري, واستخدمت حبوبًا لهما, وبعد مراجعة الأطباء النفسيين واستغلالهم لي؛ قطعت الحبوب قبل 8 أشهر تقريبًا بعد تحسن بنسبة 90% تقريبًا أو 80%.

قبل 3 أشهر بدأت أحس بالفزع والخفقان, خمس دقائق ثم تزول, وتأتي في الأسبوع مرتين إلى ثلاث, فهل هذا يعني أن الحالة رجعت من جديد؟

بدأت عندي حالة جديدة وهي أني أحس في المناطق المرتفعة أني سوف أرمي نفسي من الأعلى, فما هي هذه الحالة في نظركم؟ وهل تستدعي الذهاب للطبيب؟

ولكم جزيل الشكر والتقدير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وبعد:

بارك الله فيك, وجزاك الله خيرًا، أسأل الله لك العافية والشفاء.
نأسف - أخي الكريم - إذا تم استغلالك من أيٍّ من الذين يعملون في المهن الطبية أو الأطباء النفسيين، ونسأل الله أن يقيض لك الفرصة لأن تقابل من يُقدِّر وضعك, ويبذل مع الجهد العلاجي دون أي استغلال.

أيها الفاضل الكريم: حالتك واضحة كاملة، حيث إنك وصفتها في كلمات مقتضبة لكنها واضحة, وأنا أقول لك: أنت تعاني من حالة نفسية بسيطة تعرف بقلق المخاوف الوسواسي, ومن الواضح أن هنالك قلقًا وهنالك مخاوف بسيطة, تظهر في شكل فزع ونوبات هرع بسيطة، وهنالك الجانب الوسواسي، وهي الفكرة التي تأتيك أنك ربما تُسقط نفسك من مكان عالٍ.

هذه الفكرة فكرة وسواسية، وبفضل الله تعالى ورحمته أن صاحب الوسواس لا يتبعها, خاصة الوساوس ذات الطابع العنيف, أو الطابع السيء, فأرجو أن تطمئن - أخي الكريم -.

وبالنسبة للعلاج: بالطبع إذا استطعت أن تقابل أحد الأطباء فهذا جيد ومفيد، وإن لم تستطع فأنت محتاج لاتباع الخطوات الآتية:-

أولًا: اعلم أن حالتك هي حالة قلقية, تتميز بوجود مخاوف ووساوس بسيطة، وهي ليست حالة خطيرة، ومن أفضل سبل علاجها هو أن تحقِّر فكرة الخوف, وكذلك فكرة الوسواس، وأن تواجه مصادر الخوف.

ثانيًا: عليك بتمارين الاسترخاء، فهذه التمارين مفيدة جدًّا, ولدينا في إسلام ويب استشارة تحت رقم (2136015) فأرجو أن تطلع على هذه الاستشارة, وعلى التعليمات والتوجيهات والإرشادات الواردة بها, وتحاول أن تطبقها بحذافيرها، سوف تجد - إن شاء الله - فيها فائدة كبيرة.

ثالثًا: حاول دائمًا أن تصرف انتباهك عن أعراضك، وذلك من خلال الإكثار من التواصل الاجتماعي، والاجتهاد في عملك ووظيفتك الحكومية، ومحاولة تطوير ذاتك، والقراءة والاطلاع، والحرص على صلاة الجماعة، وكذلك كن حريصًا على ممارسة أي نوع من الرياضة الجماعية.

ما ذكرته لك - أيها الفاضل الكريم - له قيمة علاجية كبيرة جدًّا.

رابعًا:- تناول أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف الوسواسية، وبفضل من الله تعالى توجد أدوية كثيرة جدًّا.

أنا أعتقد أن عقار (سبرالكس), والذي يعرف علميًا باسم (إستالوبرام) سيكون هو الأفضل بالنسبة لك، والجرعة هي أن تبدأ بخمسة مليجرامات - أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات - تناولها يوميًا لمدة أسبوع، ثم اجعلها عشرة مليجرامات يوميًا لمدة شهر، ثم اجعلها عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى عشرة مليجرامات يوميًا لمدة أربعة أشهر، ثم خمسة مليجرامات يوميًا لمدة شهرين، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يوم لمدة شهر، ثم توقف عن تناول الدواء, فهذا من الأدوية الطيبة والفاعلة وغير الإدمانية.

السبرالكس ربما يكون مكلفًا بعض الشيء، فإن استطعت أن تحصل عليه، فهذا طيب وجيد، وإن لم تستطع فهنالك دواء آخر أقل منه سعرًا, وكفاءته وفعاليته أيضًا عالية، وهذا هو الدواء الذي يعرف بزولفت (Zoloft ), واسمه أيضًا لسترال Lustral, واسمه العلمي هو سيرترالين Sertraline، وربما تجده تحت مسميات تجارية أخرى، فاسأل عنه تحت مسماه العلمي، وهو (سيرترالين) كما ذكرت لك.

جرعة السيرترالين هي حبة واحدة - خمسون مليجرامًا -، تتناولها ليلًا لمدة شهر، ثم تجعلها حبتين - أي مائة مليجرام - يمكنك أن تتناولها بجرعة واحدة ليلًا، أو يمكنك أن تتناولها بجرعة حبة صباحًا وحبة مساءً, وهذه الجرعة - وهي الجرعة العلاجية - تستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، بعد ذلك تتخفض الجرعة إلى حبة واحدة ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم اجعلها نصف حبة ليلًا لمدة شهر، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقف عن تناول الدواء.

إذن - أخي الكريم - أمامك خياران من حيث العلاج الدوائي، وأنت لست في حاجة لأن تتناول الدواءين مع بعضهما, فأرجو أن تتبع ما ذكرته من إرشاد، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وأؤكد لك أن حالتك قابلة للعلاج وبصورة واضحة جدا.

أنت لا تعاني من اكتئاب حقيقي - وهذه النقطة مهمة جدًّا - ربما يكون لك شيء من عسر المزاج الثانوي، لكن تشخيصك الجوهري - وحسب ما هو متاح من معلومات كما أوردتها في رسالتك – هو أنك تعاني من قلق المخاوف الوساوسي.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك الشفاء والعافية, والتوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً