الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

وساوس ومخاوف عن الموت تؤرقني وتمنعني من عيش حياتي، فما العلاج؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ما أعاني منه هو نوع من الوساوس التي تمنعني من عيش حياتي بالصورة الطبيعية، أنا فتاة عمري 19 سنة، أدرس في السنة الثانية من التعليم العالي في مدينة غير مدينتي، أي لا أعيش مع أهلي، الوساوس التي تأتيني تخص الموت، وأن أجلي قد حان، فأقوم بتفسير كل كلمة أقولها على أنها آخر ما سوف يتذكرونني به وسوف يقولون: المسكينة قالت كذا وكذا، وكأنها أحست سوف تموت، لذلك أتجنب الكلام والاختلاط مع الناس، بل وأتجنب حتى الضحك، وأخاف السفر خوفاً من وقوع حادث، أحيطكم علماً أن هذه الحالة أصابتني منذ سنتين تقريباً وبعزيمتي تجاوزتها تماماً - والحمد لله - وعدت لحياتي الطبيعية.

لكني الآن أنا أعاني من نفس المشكلة، أنا أدرس جيداً - والحمد لله- لكن هذه المشكلة تؤثر على دراستي بل على حياتي كلها، حتى شهيتي للأكل نقصت كثيراً، أحتاج لمساعدتكم، وإن أمكن أن تعطوني نصائح فيما يخص الجانب السلوكي لأن ظروفي لا تسمح لي باستشارة طبيب نفسي.

شكراً، وأرجو من الله أن يعطيكم ما يرضيكم وينجيكم من كل ما يؤذيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ دنيا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

- الحمد لله- فقد قمنا بالاطلاع على رسالتك هذه والاستشارة السابقة تحت الرقم ( 2160255)، والذي استخلصته من الرسالتين أنك تعانين من قلق المخاوف الوسواسية، وهي نوع من الوساوس الافتراضية، التي تدور حول المستقبل، ما سوف يقع وعلى وجه الخصوص أمر الوسوسة والتخوف حول الموت.

هذه الوساوس بالفعل يمكن تجاوزها من خلال العزيمة والإصرار على تحقير الفكرة وعدم تحفيز الفكرة بالاستجابة لها، وأنت قد يكون الخطأ الوحيد الذي وقعت فيه في التعامل مع هذه الوساوس هو تجنب الكلام والاختلاط بالناس، هذا فيه تحفيز غير مباشر وتشجيع للوساوس وهذا النوع من الوساوس يمكن مناقشتها ويمكن محاورتها، ليست من النوع الذي يغلق عليها دون محاورتها، لا مانع أبداً أن تقولي للوسواس أنت تقول لي أمراً لا يعلم به إلا الله تعالى، وأنت وساوس وأنت مخطئ وسخيف ولن أتبعك أبداً، ثم تقومين بتنفيذ ما هو ضد الوسواس؛ وذلك بأن تختلطي بالناس وتتفاعلي معهم وتعيشي حياتك بصورة طبيعية.

تمرين آخر هو أن تربطي هذه الوسوسة بأحد المنفرات أو المقززات كما تسمى، وكمثال بسيط اجلسي في مكان هادئ وتأملي في هذا الوساوس، وبعد ذلك قومي بالضرب على يديك بقوة وشدة حتى يكون هناك إحساس شديد بالألم، الهدف هو الربط بين الفكرة الوسواسية والألم، التمرين يكرر خمس إلى عشر مرات متتالية بمعدل مرتين في اليوم، وجد أن التكرار لمثل هذه الفعل السلوكي يضعف الوساوس كثيراً، لأن الوسواس حين نربطه بتفاعل غير مرغوب فيه وهو إيقاع الألم على النفس هنا يحدث تفكك وهشاشة للوسواس، وهذا يسمى بفك الارتباط الشرطي، وإن طبق هذا التمرين بصورة جادة أعتقد أنه سوف يعود عليك بالخير الكثير.

الأمر الثالث هو تطبيق تمارين الاسترخاء، وهي ذات فائدة كبيرة، لأن الوسواس فيها من جانب كبير يتكون من قلق نفسي، والقلق النفسي يمكن التخلص منه وإحباطه من خلال الاسترخاء، استشارة إسلام ويب التي توضح كيفية تطبيق تمارين الاسترخاء موجودة تحت الرقم ( 2136015) أرجو أن ترجعي إليها.

الأمر الأخير هو أن تتناولي أحد الحبوب المضادة للخوف والوسوسة، وهناك أنواع كثيرة منها عقار يعرف باسم ديروكسات، هكذا يسمى في المغرب، واسمه العلمي باروكستين وهو دواء جيد جداً لعلاج مثل هذه الحالات، والجرعة المطلوبة في حالتك هي صغيرة، وهي أن تبدئي بنصف حبة، أي عشرة مليجرام يتم تناولها ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين، وبعد ذلك ترفع الجرعة إلى حبة كاملة لمدة ثلاثة أشهر ثم تخفض إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين ثم تتوقفين عن تناول الدواء، الدواء قطعاً مفيد وغير إدماني وليست له تأثيرات سلبية -إن شاء الله تعالى-.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً