الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من متلازمة مارفن وخائفة من خطر الإنجاب

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا بأمس الحاجة إلى استشارة طبيب مسلم، أنا مقيمة في إسبانيا، ولم أجد طبيبا مسلما أستشيره في هذا الأمر، أنا مريضة بمتلازمة مارفن، الأطباء هنا لم يعطوني إذنا بإنجاب الأطفال، يقولون هناك خطر على حياتي، الشرايين وصلت إلى 46، أنا الآن -الحمد لله- بحالة جيدة، أخاف أن يزداد هذا المرض، فلهذا أريد التوكل على الله، ولكن عندما سألت شيخا قال يجيب أن تسألي طبيبا مسلما، وهنا لم أجد طبيبا مسلما، أنا لا أستطيع أن أبقى هكذا بلا أطفال.

أرجوكم ساعدوني، هل هناك حل لهذا المرض؟ مستحيل أن أعيش هكذا، أنتم مسلمون وتعرفون كم هو مهم للمرأة أن يكون لها أولاد، الأسبان لا يهمهم الأمر، يقولون تبني طفلا وينتهي الأمر، أرجوكم ساعدوني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ halima حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أتفهم لهفتك على الحمل -يا عزيزتي- ولكن يجب أن تكون الأولوية دائما لصحة الأم، فإن كانت صحة الأم ستتضرر من الحمل، فيجب ألا يحدث الحمل، بل يجب على السيدة أن تستخدم مانعا مضمونا للحمل، أو أن تقوم بعمل ربط للأنابيب، وإن حدث حمل غير متوقع فيجب إجهاضه، وكل هذا من أجل الحفاظ على حياة الأم، إذ أن القاعدة الطبية الأساسية في طب التوليد هي: أن الأولوية لصحة الأم، فصحة الجنين من صحة الأم، وإن كانت صحة الأم لا تحتمل الحمل، فإن حدوثه هو ليس فقط ظلما لها، بل هو ظلم للجنين أيضا؛ لأنه قد يتضرر من مرضها.

عندما نتحدث عن خطورة المرض على الحمل والجنين، أو خطورة الحمل على الأم، فهذا لا يعني بأن الخطورة يجب أن تصل إلى نسبة 100% حتى نعتبره خطرا، لكن هنالك نسب معتمدة عالميا، يجب عدم المجازفة بعدها، بل ويتحمل الطبيب أو الطبيبة المسؤولية، ويحاسب قانونيا في حال لم يقم بتقديم النصيحة، ولم يشرح الخطورة فيها للمريضة، ويجب عدم أخذ القرارات في هذه الحالات المرضية بطريقة عاطفية، بل يجب أن يحكم المنطق والعقل.

وعندما قام الأطباء الذين قيموا حالتك بالإجماع على خطورة حدوث الحمل عندك، فهم لم يعتمدوا على آرائهم أو اجتهاداتهم الشخصية، بل اعتمدوا على ضوابط وقوانين طبية، وضعت بعد دراسات وأبحاث مكثفة وطويلة، من قبل لجان طبية معترف بها عالميا.

لذلك -يا عزيزتي-: أقول لك بأنه يجب أن تتبعي نصيحتهم، فحياتك ليست ملكا لك، بل هي أمانة ستسألين عنها يوم القيامة، وأريد أن أوضح لك أيضا بأنه وبالنظر إلى عمرك، فإن الخصوبة ستكون قد انخفضت بشكل كبير, واحتمال الحمل في أحسن الظروف عند عدم وجود أي مرض، هي بحدود 2% فقط، والحمل في مثل هذا العمر -إن حدث- فإن نسبة الإجهاض والتشوهات الخلقية والاختلاطات الطبية الأخرى ستكون عالية جدا، فإن أضيف إليها اختلاطات الحالة المرضية التي تعانين منها، فهنا يصبح من البديهي جدا أن تتبعي نصيحة الأطباء، وتغضي النظر عن موضوع الحمل.

أنصحك بأن تشغلي نفسك بعمل تطوعي، يكون في مجال يتواجد فيه أطفال، مثلا التطوع للعمل في حضانة، أو في مراكز لذوي الاحتياجات الخاصة، أو في دار للأيتام، فهنا ستجدين متنفسا لمشاعرك الجميلة والرقيقة هذه، وستجدين بأن تطوعك هذا سيكون له مردود معنوي ونفسي كبير عليك، وسيعطيك شعورا بالرضا والسعادة والقناعة، والأهم أنك ستنالين الأجر والثواب -بإذن الله تعالى-.

أسأل الله العلي القدير أن يعوض صبرك بكل خير, وأن يديم عليك الصحة والعافية.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً