الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اقتربت من الأربعين وتقدم لي من هو أصغر مني، فهل أقبل به؟

السؤال

السلام عليكم.

لي زميل أصغر مني بأربع سنوات، يريد خطبتي، عمره 33 عاماً وأنا عمري 37 عاماً، فأخاف أن أظلمه معي لكبر سني وقربي من الأربعين، فماذا أفعل؟ لأن المعروف أنه كلما كبر السن تقل فرص الإنجاب، وهل فرق السن هذا يجعل هناك اختلافاً فكريا بيني وبينه؟

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ع . ف. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يبارك فيك، وأن ييسر أمرك، وأن يوسع رزقك، وأن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يمنّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يكون عونًا لك على طاعته ورضاه، وأن يرزقك منه ذرية صالحة، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة–، فإن فارق السن الذي تتحدثين عنه لا أعتبره كبيرًا، ولا يعتبر شيئًا حقيقة لا في عالم الإنجاب ولا في عالم الحياة الاجتماعية المألوفة، فإن ثلاث – أو أربع سنوات– لا تعتبر شيئًا، ولذلك أرى أن هذه الهواجس التي تعمل في رأسك لا أساس لها من الصحة، وأنت قد ضخمت الأمر وأعطيته أكبر مما يستحق.

هذا الكلام نستطيع أن نتكلم فيه إذا كان الفارق عشر سنوات فأكثر، أما أربع سنوات لا تعتبر شيئًا، وما دام الرجل راغباً في ذلك فأرى أن هذا الأمر - بإذن الله تعالى– لا يعتبر شيئًا.

مسألة فارق السن يؤدي إلى اختلاف الفكر؟ لا أظن ذلك أيضًا، لأن أربع سنوات لن تؤدي إلى ذلك بالصورة التي تتوقعينها، فهذا الفارق بسيط جدًّا - ولله الحمد والمنة –، ولذلك أرى أن تعتمدي على الله، وأن تفوضي أمرك إليه، وأن تقومي بصلاة الاستخارة، وتتوكلي على الله، خاصة إذا كان هذا الأخ يتمتع بالصفات الشرعية التي بيّنها حبيبنا -صلى الله عليه وسلم – بقوله: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)، فما دام الرجل يتمتع بدين وخلق فأنا أرى – بارك الله فيك – أن تتوكلي على الله وأن تقبلي به زوجًا، خاصة وأن قطار العمر يمر، وأنت فعلاً – كما ذكرت الآن – أصبحت على مشارف الأربعين، وما زالت لديك القدرة الآن على أن تستمتعي بحياتك بطريقة هادئة وآمنة.

كذلك أيضًا فيما يتعلق بمسألة الإنجاب، فما زالت لديك فرصة – بفضل الله تعالى – ليست هينة وليست قصيرة، فإن مسألة الأربعين وتعذر الإنجاب فيها أو وجود أولاد لديهم بعض الإعاقات تحتاج على الأقل أن تبدأ بعد الأربعين بفترة، يعني بعد خمسة وأربعين فصاعدًا من الممكن أن يكون الأمر كذلك.

خلال هذه الفترة لعل الله أن يمنّ عليك بعدد من الأطفال، خاصة إذا كنت من اللاتي يحملن بسرعة، فتستطيعين بفضل الله تعالى أن تُنجبي للأمة عددًا طيبًا من الأبناء – ذكورًا وإناثًا – خلال عدة سنوات، وأعتقد أنك تسمعين وتعرفين وتقرئين عن أخوات يحملن على رأس العام أو على رأس العامين.

إذن نحن -بفضل الله تعالى– لدينا قُرابة عشر سنوات نستطيع من خلالها أن نُنجب خمسة أبناء بسهولة ويسر بعيدًا عن أي إعاقة.

ثانيًا: ما يتعلق بموضوع الإعاقة، فإنه ليس قاعدة عامة، بمعنى أنه ليس كل امرأة تحمل بعد الأربعين يخرج أبناؤها وهم غير طبيعيين، فإن هذا الأمر قد يحدث وقد لا يحدث، ولعلي أعرف من واقع حياتنا أن هناك كثير من الأخوات يحملن على رأس الخمسين – بل وقريب من الستين – ولم تحدث لدى أبنائهن أي إعاقة، وإنما هذا قد أمر يحدث فعلاً، ولكنه ليس مضطردًا أو دائمًا، وإنما يحدث أحيانًا ويتخلف أحيانًا، وفوق ذلك قدر الله وإرادته.

فالدعاء والأخذ بالأسباب، وإطعام الأبناء من الحلال، وتربيتهم تربية طيبة حتى وهم في عالم الأرحام بطاعتكما لله تبارك وتعالى كفيلة - بفضل الله تعالى – أن تكون من الأسباب في إخراج أجيال طيبة مباركة، لا تعاني من أي مشكلة لا ذهنية ولا بدنية ولا نفسية ولا أخلاقية.

أسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك لك، وأن يوفقك إلى كل خير، وأرى أن لا تضيعي هذه الفرصة، وأن تستعيني بالله، وأن تعجلي بمراسم الزواج ما دامت ليست هناك موانع، خاصة وأنه زميل في العمل، يعني يعرف عنك أمورًا كثيرة، فلا أرى إطالة فترة الخطبة، ولا فترة العقد، وإنما أرى أن تعجلا بالبناء، وأن تدخلا في أقرب فرصة، حتى تتمكنا - بإذن الله تعالى – من إعطاء أنفسكما فرصة لإنجاب ذرية طيبة مباركة، ما دام الرجل مقتنعا بك شخصيًا.

أسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يمنّ عليك بخيري الدنيا والآخرة، إنه جواد كريم.

هذا وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات