الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من وسواس الموت والخوف من النوم فما تشخيص حالتي وما الحل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أولا: شكرا لكم على هذا الموقع الرائع، وجزاكم الله خيرا.

ثانيا: أنا أعاني من وسواس الخوف من الموت، والخوف من النوم، مخافة من الكوابيس والأحلام المزعجة.

بدأت مشكلتي: من وقت ليس بالقصير ولا بالطويل, ولا أعرف السبب في ذلك، كل يوم خوف وقلق من الموت، فتجدني كل لحظة أفكر في ذلك.

ارتجاف، كتمة في الصدر، حركات مفاجئة، الكلام لوحدي. لم أعد أتمتع بطعم الحياة. كل شيء يحصل لي أربطه بالموت، تزداد حالتي سوءا كلما سمعت أن أحدا مات، أو شيئا من هذا القبيل.

وكذلك تتغلب علي الوساوس كلما مدحني شخص مخافة أن يصيبني العي، حالتي آلمتني كثيرا ولكن الحمد لله.

ذهبت لطبيب نفسي فقال لي: حالتي بسيطة لا تخف سأعطيك دواء وستشفى، فأعطاني دواء (سيروبليكس) بمقدار حبة فاليوم (10mg) صباحا بعد الأكل، وهذا الأسبوع الثالث في تناول الدواء وما زلت أعاني. هل أستمر على نفس المقدار? مع العلم: لي موعد مع الطبيب شهر من بداية العلاج.

ما تشخيص حالتي؟ وما الحل؟ -جزاكم الله خيراً-.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ nordin حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الذي أراه أنك تعاني من حالة نفسية بسيطة تعرف باسم (قلق المخاوف الوسواسي) وموضوع الكوابيس والأحلام المزعجة هو ثانوي ناتج من القلق، وربما تكون أيضًا صحتك النومية ليست على ما يرام؛ لأنك ربما تكون غير متبع لنظم النوم الصحية، وهذه سوف نتحدث عنها -إن شاء الله تعالى-.

حالتك بصفة عامة تعتبر حالة بسيطة حتى وإن كانت مزعجة بالنسبة لك.

الخوف من الموت -أيها الفاضل الكريم– هي قضية مركزية في حياة البشر، ونحن نقول أن الموت حق وأن الموت آتٍ، وأن الخوف من الموت لا يقدم في عمر الإنسان لحظة ولا ينقصه، وأن لكل أجل كتاب، وأن كل نفسٍ ذائقة الموت.

ومن الناحية السلوكية المعرفية نقول -أيها الفاضل الكريم-: الإنسان من المفترض أن يتعامل مع الموت على أساس أنه ليس أمرًا تحت سيطرتنا وليس تحت إرادتنا، وليس لنا الحق أن نتدخل فيه، يجب أن نقبله على شاكلته، وفي ذات الوقت يجب أن نفهم أن حياتنا هي تحت إرادتنا، ونحن الذين نتحكم فيها، ونحن الذين نملأها بالجماليات أو بالسلبيات.

فانظر -أخي الكريم- إلى الموت من هذا المنطلق، وانظر إلى الحياة كذلك من هذا المنطلق، والإنسان من حقه أن يوظّف ويستثمر الشيء الذي يستطيع أن يستدركه والذي يستطيع أن يجعله تحت إرادته بصورة كاملة، وهنا أقصد الحياة، لكن الموت أمر مختلف تمامًا، وأعتقد أن المسلم الذي يتذكر الموت هذا أيضًا فيه خير كثير له، ويجب أن يستعدّ للموت ويعمل لما بعد الموت.

فانظر إلى الأمور على هذه الشاكلة وبهذا المنطق، وعليك أن تستثمر وقتك، وألا تدع للفراغ مجالاً ليعطلك ويعطل عليك، ويزيد من المخاوف والوساوس.

من المهم جدًّا أن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك، وهذا يُعطيك قيمة حقيقية داخلية، تحس فيها بكيانك وكينونتك، وهذا نعتبره دافعًا نفسيًا إيجابيًا جدًّا ومهمًّا للإنسان في حياته.

الأحلام المزعجة والكوابيس قد تكون دليلاً على القلق، أو قد تكون دليلاً على اضطراب الصحة النومية؛ لذا أنصحك: أن تتجنب النوم النهاري، أن تعرف أن النوم الليلي هو الأفضل، أن تثبت وقت الفراش ليلاً، أن تمارس الرياضة، الرياضة قطعًا لها فعالية عظيمة جدًّا للصحة النفسية والجسدية، أذكار النوم يجب أن تكون جزءا من حياتك، والمؤمن الذي يغفل عنها أعتقد أنه غافل حقيقة.

ممارسة التمارين الرياضية خاصة في فترة النهار مهمة وضرورية، والمثيرات والميقظات (كالشاي والقهوة) يجب ألا يتناولها الإنسان في فترة المساء.

يجب أيضًا أن تكون خالي الذهن قبل النوم –وهذا مهم جدًّا– لذا نقول أن الأذكار، الوضوء، قراءة شيء من القرآن دائمًا تمهد للإنسان راحة داخلية نفسية يدخل من خلالها في النوم آمنًا.

وهناك نقطة لا بد أن ألفت إليها النظر، وهي: تجنب تناول طعام العشاء في وقت متأخر –هذا مهم جدًّا– ويفضل أن تكون وجبة العشاء خفيفة جدًّا وبسيطة جدًّا ومبكرًا، هذا قطعًا يزيل الكوابيس والقلق والتوترات.

بالنسبة للعلاج الدوائي: الأخ الطبيب الذي وصف لك الـ (إسيتالوبرام Escitalopram) قد أحسن، هذا دواء جيد، دواء فاعل، دواء مفيد جدًّا، وأنت الآن في مرحلة بدايات البناء الكيميائي لفعالية هذا الدواء، استمر عليه وبعد ستة أسابيع يمكن أن تجعل جرعة الدواء عشرين مليجرامًا يوميًا، تستمر عليها لمدة شهرين، ثم خفضها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم يمكنك أن تجعلها خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يوم لمدة شهر آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

هذا المقترح الذي أقدمه لك هو المقترح المعهود في التعامل مع مثل حالتك، لكن إذا رأى الطبيب خلاف ذلك فيجب أن تتبع إرشاد طبيبك؛ لأنه قطعًا هو في موقف أفضل مني، حيث إنه قد قام بفحصك ومناظرتك، ومن حقه أن يضع لك الخطة العلاجية التي تناسبك.

باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وكل عام وأنتم بخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • السعودية المتفائله

    نفس حالتي

  • مصر مصري

    كنت اعاني نفس الحالة لكنني الحمد لله قد شفيت منها بارادة الله ثم سؤال سألته لنفسي واجبته بقوة , فتحول هذا المرض الي اهم دافع لتغيير شخصيتي الي الايجابية التامة والصعود بقوة ورفض اليأس ,, هذا السؤال هو , كيف اجعل نفسي تحب لقاء الله ؟ وكانت الاجابة بالعبادة النقية الخالصة , وحينما وصلت للاجابة ونففذتها ارتاح قلبي وهدأ عقلي وتغيرت تماما الان . وصرت اقوي وافضل واكثر قربا الي الله

  • المغرب chaimae

    ana kaman héék

  • أمريكا باسل

    انالا اومن بلادوية النفسية لانها تتعب اكثر ولكن الافضل ان يبقى الانسان قلبه معلق مع الله هزا افضل شي

  • السعودية يارب عفوك وعافيتك لي و لكل مسلم

    انا نفس الحاله مره اقوى نفسي ومره الشيطان اخزاه الله يغلبني. ولكن الحمد لله الذي اعانني. مشكلتي زيك الخوف من العين بشكل مباااالغ فيه الى درجه احس ان الناس كلها تتكلم فيني واكره اي احد يناظرني.

  • السعودية فادي

    نفس حالتي بس انا الطبيب وصفلي ديباكين كرونو

  • الكويت فاعلة خيرر

    اولا :- عليك بقراءة سورة البقره كاملة
    كل يوم
    ثانيا :- عليك بدوام ذكرر الله تعالى
    ثالثا:- الحياة قصيرة ؟
    لماذا لا نبتسم ؟
    رابعا :- ثقي بالله تعالى !
    كنت من قبل اعاني هذا الوسواس

    قولي - توكلت على الله ولا حول ولا قوة الى بالله - عندما تحسين بان دقات قلبك تدق بسرعة قولي توكلت على الله
    وايضا صلي السنن بعد كل صلاة
    واليل عليك بصلاة الشفع والوتر واطلبي من الله تعالى ان يطول عمرك لكي تكثري من الاعمال الصالحة كل يوم تفائلي واحسني الظن بربك وعليك بالاستغفار يقول الله تعالى :- ((وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ))
    عليك بقراءة القران ايضا وعدم تركه
    وايضا بقراءة سورة البقرة كاملة لانها بركة عندما تقرئينها كاملة سوف يذهب عنك هذا الوسواس مع العلم ان الوسواس من الشيطان والشيطان لا يعرف الغيب وبالنسبة الى الخوف من النوم والاحلام الكابوس هذا من الشيطان عليك عندما تذهبين الى النوم بقراءة اية الكرسي
    وقراءة سورة الملك وايضا قراءة سورة الاخلاص والفلق والناس وانفثي ثم قولي اعوذ بالكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة رددي كل ليلة
    غدا اجمل باذن الله ، عندما تحلمين بحلم مزعج وقمتي من نومك انفثي بيدك اليسرا وقولي اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ونامي الله تعالى قال في كتابة (ألا بذكر الله تطمئن القلوب)
    إن من آثار ذكر لله عز وجل حصول طمأنينة القلب، فالمؤمن الذي لا يفتأ عن ذكر الله، لا تغادر شعوره فكرة الاطمئنان إلى رضا الله سبحانه وتعالى، فكلما تقرب العبد إلى الله بفعل الفرائض والنوافل كلما وجد السعادة في قلبه على قدر عمله، وكلما غفل عن ذكره بارتكاب معصية أو تقصير في واجب يشعر بألم في قلبه، وهم حاضر شاغل لفكره. فالذكر منبع الاطمئنان والراحة... والغفلة والمعصية مورد الهم وقسوة وأمراض القلوب.
    يقول تعالى: قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ، الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ، الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ [15]. "تطمئن بإحساسها بالصلة بالله والأنس بجواره والأمن في جانبه وحماه، تطمئن من قلق الوحدة وحيرة الطريق بإدراك الحكمة في الخلق والمبدأ والمصير وتطمئن بالشعور بالحماية من كل اعتداء ومن كل شر إلا بما يشاء الله مع الرضى بالابتلاء والصبر على البلاء. أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ؟ ذلك الاطمئنان بذكر الله في قلوب المؤمنين حقيقة عميقة، يعرفها الذين خالطت بشاشة الإيمان قلوبهم فاتصلت بالله، يعرفونها، ولا يملكون بالكلمات أن ينقلوها إلى الآخرين الذين لم يعرفوها؛ لأنها لا تنقل بالكلمات، إنما تسري في القلب فيستروحها ويهشّ لها ويندَى بها ويستريح إليها ويستشعر الطمأنينة والسلام ويحس أنه في هذا الوجود ليس مفردًا بلا أنيس، فكل ما حوله صديق إذ كل ما حوله من صنع الله الذي هو في حماه" [16].
    إنَّ السكون والطمأنينة التي تغمر قلب الإنسان المؤمن، وهو في حالة من حالات الذكر والاتصال بالله عزوجل، إنما ترمز إلى أن ذكر الله، إنما هي عملية تتوافق والحالة الفطرية للإنسان، فذكر الله سبحانه إنَّما يمنح الإنسان المؤمن شيئاً لو اجتمعت الدنيا كلها بعلمها وقدراتها، لم توفره له، قال الإمام بن القيم رحمه الله: "فما ذكر الله عز وجل على صعب إلا هان، ولا على عسير إلا إذا تيسر، ولا مشقة إلا خفت، ولا شدة إلا زالت، ولا كربة إلا انفرجت، فذكر الله تعالى هو الفرج بعد الشدة، واليسر بعد العسر، والفرج بعد الغم والهم" [17].

  • لبنان وائل

    انا اعاني من هذا الوسواس السخيف وانا احس فيك بقدر الالم الذي تشعر فيه بس صدقني كلها خرفات شيطانيه ان نذكر الله وان لا نجعل هذا الوسواس يتغلب علينا وذلك بالاتكال على الله وفي الايه الكريمه الا بذكر الله تطمئن القلوب . ادعيلك من كل قلبي في الشفاء العاجل

  • رومانيا عبير سعيد

    انا نفس الشيئ اعنى منه منذ سنين وتعبت
    لكنه ايضا ولله الحمد اختلفت شدته عن الماضى

  • السعودية سبحان الله والحمدلله ولا اله الا الله والله اكبر

    انا اعاني من هالحاله من كم يوم بس ولا اخاف طول اليوم فقط اذا جاء وقت النوم يتملكني الخوف ولا ابي انام ونومي متقطع واصحى وانا تعبااانه لكن نسأل الله ان يعافينا وقراءة القران والاذكار قبل النوم افضل حل

  • رومانيا تركي عايض

    الله يجزاك خير ويجعلها في موازين حسناتك

  • أمريكا Amel chaib

    Ana kaman hik

  • مروة ليلي

    شكرا


  • تان تان

    سبحانالله

  • السعودية ليان ليون

    انا أعاني من هاذي الحاله وإني افكر بشكل كبير في الموت قبل النوم ويمكن ليه شهر وشويه

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً