الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أخرج من حالة الاكتئاب.. وأصبح إنسانا ناجحا؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

في هذا اليوم المبارك أرجو أن يمن الله علينا بالصحة والعافية.

أريد أن أطرح عليكم مشكلتي التي أرهقتني, وأود التخلص منها.

أنا شاب أبلغ من العمر17 عاما, مشكلتي أنني رسبت هذه السنة, في السنة الأولى ثانوي, وقد أصبت بإحباط وحزن شديد؛ لأني لم أكن أتوقع الرسوب, وقد سبب لي مشكلة نفسية لم أستطع التخلص منها؛ مما سبب عزلي والرغبة في الابتعاد عن الناس, والبقاء وحيدا, وأرفض مقابلة أي شخص يتردد إلي.

منذ صغري أشعر أن طريقة تفكيري دائما سلبية, وفيها وساوس, فأنا لا أفرح في المناسبات السعيدة, وأشعر كأنها يوما مثل الأيام الأخرى, وقد مللت من هذه الحياة المشؤومة, فأنا بالنسبة لي الحياة صعبة, ولكن أنا عندما كنت سعيدا؛ كنت أفكر بالنجاح والفلاح, وأن أترك بصمة لي في الحياة, وأكون متميزا, ولكن لم أعرف الطريقة للوصول إلى ما أطمح إليه, فأصاب بالإحباط وأترك الأمر وأنساه.

أيضا أريد من الناس أن يحبوني, فأنا لدي أصدقاء أشعر أنهم لا يحبونني ولا يقدرونني, ويقللون من قيمتي, ولا يحبونني, وحتى أهلي.

أيضا لدي مشكلة الخجل الزائد, وأنا أصلي عندما تنتابني هذه الحالة أتركها, وأصبح شخصا عاصيا, فهل هذه أعراض الاكتئاب.

حقيقة أنا سئمت من هذه الحياة, أريد أن أتغير وأعيش مثل أي إنسان, وأريد أن أكون ذو شخصية قوية, وإلا سوف أنجر إلى طريق الهلاك, وأحيانا أفكر بالانتحار والتخلص من حياتي, فأنا لم أجد إلا موقعكم ليسمع لي وينصحني.

أرجو أن تساعدوني وتأخذوا بي إلى بر الآمان.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ماهر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:

تفكيرك الحالي يقوم على الإحباط، والإحباط سببه الفشل الدراسي، والأمر يحتاج منك لأن تجلس جلسة هادئة مع نفسك، جلسة صادقة تتدارس أسباب عدم النجاح في هذا الامتحان، وقطعًا الأسباب معروفة، وهي: عدم المثابرة وضعف التركيز وعدم الانتظام في الدراسة.

ابحث في الأسباب, واعرف الأسباب دون أي نكران أو تبرير، لأنك حين تعرف الأسباب وتقتنع بالأسباب سوف تُصحح مسارك, والنجاح لا يأتي من فراغ، وحتى النجاح الذي يأتي دون جهد لا أعتقد أنه سوف يستمر كثيرًا، أو أنه سوف يؤدي إلى نتائج إيجابية، فأنت الآن تحتاج أن تتدارس حالتك، أن تواجه الحقائق، أن تكون صادقًا، وأن تكون صارمًا مع نفسك، وهذا سوف يصحح الكثير من أفكارك الإحباطية.

أفكار الانتحار، أفكار أنك مكروه من قبل الآخرين، الأفكار التي تتسلط عليك وتُشير أنك لستَ ذو قيمة اجتماعية، هذه كلها ناتجة من الإحباط، ولا شك أنه عليك مسؤولية في ذلك, الإنسان من الجميل جدًّا أن يعرف تقصيره، وأن يعرف الخلل في حياته حتى يُصححه، وهذا ليس عيبًا أبدًا، كثير من الذين أخفقوا في حياتهم تدارسوا الأسباب وصححوا مسارهم، لذا كانوا من أفضل الناجحين والمتفوقين والمتميزين, لا أحد يستطيع أن يغيرك، أنت الذي تغير نفسك، هذه الحقيقة يجب أن تستسلم لها تمامًا وتعمل بها تمامًا.

كل المطلوب منك هو الآن أن تنظم وقتك بصورة إيجابية، أن تعطي وقتًا كافيًا للدراسة، ولا تؤجل عمل اليوم إلى الغد، وفي ذات الوقت هذا لا يعني أنك سوف تنقطع انقطاعًا تامًا للدراسة، لا، من حقك أن ترتاح، من حقك أن ترفه عن نفسك، والأمر الآخر: لا بد أن يكون لك صداقات جيدة، صداقات نافعة، الذين يشجعونك على الصلاة، الذين يشجعونك على الدراسة، أصحاب الأخلاق الحسنة والطيبة، يجب أن يكونوا رفقتك.

الحل يتمثل في شيئين: أن تُعيد النظر في وضعك، وأن تُصحح مسارك، وأن تنظم وقتك، وأن تأخذ الماضي كعبرة وخبرة وتجربة مفيدة، والأمر الآخر هو: أن يكون لك رفقة طيبة صالحة, هذا هو الذي تحتاج إليه، وليس أكثر من ذلك.

قوة الشخصية تأتي من خلال الثقة بالنفس، والثقة بالنفس تأتي من خلال الإنجازات، لا من خلال الإخفاقات، فإذا كنت منجزًا، إذا كنت مدركًا لأهمية الحياة وأن الإنسان يجب أن يثابر ويجب أن يكابد ويجب أن تكون نافعًا لنفسك ولغيرك، هذا يكفي تمامًا.

نظرتك السلبية حول الآخرين: أعتقد أن هذه ناتجة من الإحباط العام الذي تعاني منه، يجب أن تثق في الناس، وحين تكون لك صداقات مع أُناس جيدين وصالحين قطعًا مفاهيمك حول هذه العلاقات الإنسانية سوف تتبدل وتتغير تمامًا.

الرياضة يجب أن تأخذ أيضًا حيزًا كبيرًا في حياتك، وأنصحك بأمر خاص ومهم جدًّا وهو معروف لكل الناس تقريبًا، لكن كل الناس لا تتبعه ولا تطبقه، هذا الأمر هو (بر الوالدين) بر الوالدين إن شاء الله تعالى يغدق عليك من خيري الدنيا والآخرة، تأتيك السكينة، راحة البال، وإن شاء الله تعالى هذا يكون سببًا لنجاحك وتفوقك.

الصلاة يجب أن لا تساوم فيها، لا تجعل للشيطان سبيلاً عليك، بالصلاة يطمئن قلبك، وبها تصلح نفسك وحياتك, اذهب إلى المسجد، سوف ترى الشباب، سوف ترى الشياب، سوف ترى كل الصالحين هنالك، ويجب أن تلحق بركبهم، وأن تكون واحدًا منهم.

أيها الفاضل الكريم: أنا أستسحن أيضًا أن تقابل طبيبًا نفسيًا ولو لمرة أو لمرتين، فقط من أجل التأكد من مسارك العلاجي، وإذا كانت هنالك حاجة لدواء سوف يقوم الطبيب بوصفه لك, أنا لا أعتقد أن الدواء سوف يكون أساسيًا في علاج حالتك، لكن في بعض الأحيان يكون مكمّلاً للرزمة العلاجية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونسأل الله لك العافية والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ه

    رائع لكن صعب التنفيذ

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً