الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

سنة زواج أولى من النكد والصراخ وعدم التفاهم!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أنا أبلغ من العمر 21 عاماً، وزوجي في الـ 24 عاماً، متزوجة منذ 11 شهراً، ولكني أعاني مع زوجي أشد المعاناة، فلم تتوفر لي معه متطلباتي للحياة الزوجية من الناحية النفسية، فهو لا يقدّر عندما أبين له ما الذي أريده لأكون سعيدة، ويظن أن أموراً معينة هي في باله ما تسعدني، فأنا ذات قلب رقيق، وحساسة، لا أحب القسوةَ والصراخ، ويريدني أن لا أفعل ما يضايقه، وهو يفعل كل ما يضايقني!

تحدثت معه كثيراً، وقلت له: الحياة الزوجية شراكة وتعاون، أفعل لك ما تريد، وافعل لي ما أريد؛ حتى نستمر في ألفةٍ وتعاون، واعتدال واستقرار، فلا تحملني كامل المسؤولية، فأبرك يوماً ولا أستطيع إكمال المسيرة، لكن لم يتوفر لي معه الاستقرار؛ فهو دائم النكد والصراخ، والتدخل في أمورٍ لا تعنيه، كأمور المنزل، فأنا لا أشعر معه بأنها مملكتي الخاصة، وأفعل بها كما يحلو لي، وكما هو منطقي، وهو غير متفهم، وأهم شيء لديه الانتصار في النقاشات ولو على حساب الحق.

لا أدري من أين أبدأ لكم! وأين أنتهي! وأنا لا أريد الإطالة، لكن أمري اشتد علي، وبدأ يضرني ويضر نفسيتي، هو قال لي بنفسه أنني لم أترك شيئاً مما في باله إلا وفعلته، وأني لم أتغير، فأنا كما أنا من أيام الخطوبة، لكن لماذا هو تغير وتبدل من الحنان إلى سرعة الانفعال والقسوة؟! قلت له: لماذا تغيرت عن السابق؟ قال: كنتُ أخجل منك.

أخاف منه، ولا أشعر معه بالأمان والحياة، مع العلم أنه مطلق ولديه ابنة، سقط من عيني كثيراً، وأحاول أن أرضيه لوجه الله، لكني لا أستطيع أن أفعل وأنا لا أحبه، كنت قد أحببته، ولكن قلبي يكاد يتفطر من الألم والصدمة والحيرة.

جربتُ معه أساليب كثيرة، وكلها بالحكمة والموعظة الحسنة، وبالأحاديث والآيات وغيرها، وسأعطيكم نقطةً حتى تتضح الصورة أكثر، مرةً قلت له: دعنا نتفق على اتفاق، فأكتب أنا ما أريده منك في ورقة، وأنت تكتب ما تريده مني، وأنا على استعدادٍ تام أن أحقق لك كل ما تريد، ولكنه لم يهتم.

ماذا أفعل معه؟ كيف أكمل معه والصبر ينفد مني؟ ولا يمر يومٌ بدون خلافٍ تافه يُنقص الحب ويمزق القلب، أقول له: رفقاً بالقوارير، الله يسعدك، حافظ على الذي بقي، ففي قلبي له بقي القليل، وأشعر بالنفور منه، فأنا لا أحبه، وغير سعيدة معه.

أرجوكم لا تنظروا لأمري على أنه أمرٌ تافه، ولو أنه تافه لما سبب لي الضرر والألم والشقاء، وقد قلت: لن أستشير إلا ذوي العلم والصلاح أمثالكم، فأتمنى لكم السداد، ومنكم الإجابة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غفران .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:

نرحب بك في الموقع، ونشكر لك حسن العرض للمشكلة، ونؤكد لك أن الأمر ليس تافهًا، بل هو أمرٌ من الأهمية بمكان، وقد أحسنتِ في عرض ما عندك، ونتمنى أن يتفهم الزوج هذه الأشياء المشروعة المطلوبة من خلال هذه الرسالة، ونتمنى أيضًا أن تتزودي بقليل من الصبر؛ لأن هذه الأمور تحتاج إلى وقت، ولا يمكن أن تتغير الأمور في هذه السرعة، ولا يخفى عليك أن السنة الأولى والثانية في الزواج لا تخلو من الصعوبة، وطالما وجد الحب، ووجدت المعاني الأصلية؛ فإن هذه الأمور ستتحسن.

ونذكرك بأن هذا الرجل اختارك من بين ملايين النساء، وهذا يعني أنه يريدك، وأنه يحبك، ولكن ربما كثير من المسائل تحتاج إلى بعض التوضيح، وفعلاً الحياة الزوجية تحتاج إلى صبر، وتحتاج إلى تعامل بالطريقة التي أشرت إليها، أن يحرص على أن يأتي بالمحبوبات بالنسبة لك، وأنت كذلك، وأن يتفادى ما يزعجك، وأنت كذلك تتفادي ما يزعجه، ونتمنى أن تحفظي له مكانته كرجل، وتحاولي أن ترصدي أيضًا أسباب نفوره وصراخه لتفاديها.

وإذا كنت ولله الحمد ناضجة، وكتبتِ إلينا –إلى هذا الموقع–؛ فإننا حقيقة ندعوك إلى أن تكوني دائمًا الطرف الأحسن، ونبشرك بأن خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الأزواج كما قال صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي) كذلك بالنسبة للزوجات، خيرهنَّ خيرهنَّ لأزواجهن، والحياة الزوجية ليست أمر دنيا، بل هي أمر آخرة، فإذا قصر الرجل فلا تقصري، وإذا لم يؤد ما عليه فأدِّي الذي عليك، وإذا عصى الله فيك فأطيعي الله فيه.

هذه مفاهيم نحن نريد أن تكون واضحة، ونؤكد لك أن أي رجل يمكن أن يتغير بحكمة المرأة وصبرها، وإحسانها، واحتمالها، وأنت -إن شاء الله- من هذا النوع، ونحن ننتظر منك الخير الكثير، فإن الاستشارة المكتوبة تدل على أنك ناضجة وواعية، ومدركة للأمر المطلوب بالضبط، ولذلك نتمنى أن تسيري على الدرب.

نسأل الله أن يُعينك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يتولاك برحمته، وأن يُعينك على طاعته، هو ولي ذلك والقادر عليه، ونشكر لك التواصل مع الموقع، ونوصيك بالصبر ثم الصبر، ونؤكد لك أن السنة الأولى أو السنة الثانية غير كافية؛ لأن الحياة الزوجية تبدأ بالتعارف، ثم بعد ذلك بالتأقلم، ثم بعد ذلك بالتنازلات، ثم بعد ذلك بالتفاهم، ثم بعد ذلك بالتعاون، وصولاً للتوافق، ومن الطبيعي أن يحصل مثل هذا؛ لأن كل إنسان نشأ في بيئةٍ معينة، والكلام الرومانسي في أيام الخطبة أو نحو ذلك الآن قد يُفقد جزءٌ منه بكل أسف؛ لأن المسؤولية جاءت، ولأنه يشعر أن وراءه مسؤولية، وأنها صرفُ أموال، وأنها...، فالحياة الزوجية مسؤولية فعلاً، وتقديم العاطفة قد يتقدم عليه العقل قليلاً، ولذلك تفقد الحياة بعض بريقها، وهذا لا يعني أنها فقدت بريقها، ولكن لأن عمر الحياة ليس شهر عسر أو أيام، بل هي حياة طويلة.

ونريد أن نقول: إن كثيرًا من الناس بدؤوا حياتهم الزوجية ببعض المشكلات، بل معظم الناس، لكن سرعان ما وصلوا إلى تفاهمات، وسعدوا، وعاشوا مع بعضهم سنوات طويلة، بعضهم ثمانين أو تسعين سنة مع بعضهم.

نسأل الله أن يديم بينكم الألفة والمحبة، وأن يعينكم على ذكره وشكره وحسن عبادته، هو ولي ذلك والقادر عليه.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك
  • مصر ياسمين

    الصبر

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً